الملهم والمؤلم
مازن البلتاجي
نعيش أياما مؤلمة ننام ونصحى على وقع مشاهد مروعة وجرائم ترتكب بحق الإنسانية ضحيتها الشعب الفلسطيني في غزة على وجه الخصوص وكافة أرجاء الأرض المحتلة، لا بل تجاوزتها للحدود الشمالية لفلسطين المحتلة لتصل إلى لبنان وسوريا وفي جانب آخر مشاهد مؤلمة في السودان لا تقل ضراوة عن تلك التي نراها في غزة.
إلا أن الإلهام موجود على الرغم من تلك الآلام، ففي كل تصوير لمشهد تبثه المقاومة يعود إلينا الأمل ويزيدنا يقيناً بأن هناك قوة إلهية ترسم المشهد سواء في ميدان البطولة وعمليات المقاومة أم في المواقع التي يقصفها الاحتلال بصبر من فيها من مدنيين عزل أو مرضى أو نساء أو أطفال.
ليأتي عيد ميلاد السيد المسيح وأرض ميلاده والسائرون على خطاه في أرض مولده يقتلون ويشردون إلى جانب إخوتهم من المسلمين فتارة ترى الكنيسة تأوي نازحة مسلمة وتارة ترى المسجد يأوي نازحا مسيحيا، هذا المشهد الذي يعيد إلى الأذهان عذابات السيد المسيح قبل 2000 عام في أرض مولده.
وهنا حضر الإلهام في موعظة القس منذر اسحق رئيس الكنيسة الانجيلية اللوثرية في بيت لحم وبيت ساحور، في عظة مقتضبة ألقاها في ساحة المهد في يوم الميلاد المجيد بث خلالها رسائل موجهة إلى الواقفين مع النور كلها فخر، وأخرى ملؤها الخزي والعار إلى أولئك الواقفين مع الظلم والظلام، سواء المنظمات الدولية أو حكام وقادة المجتمع الدولي وكل من خذل فلسطين أرض ميلاد المسيح عيسى عليه السلام وقبلة المسلمين الأولى ومعراج خاتم النبيين، حيث أنهى موعظته في هذه المناسبة بهذه الكلمات "لو ولد المسيح اليوم، سيولد تحت الانقاض وسيتعاطف مع أطفال غزة وفلسطين الذين يتعرضون لأبشع طرق القتل والتدمير".
كما هو مُلهمٌ أيضاً موقف الأردن الثابت قيادة وحكومة وشعباً ودوره الدبلوماسي الكبير في التأكيد على الثوابت الأردنية وضرورة إنهاء الإحتلال والإلتزام بقرارات الشرعية الدولية ملهمٌ أيضاً عمليات الإنزال الجوي بمشاركة أصحاب السمو الأمراء للمساعدات الطارئة لتمكين المستشفى الميداني الأردني من أداء مهامه والقيام بواجبه بتقديم المساعدة الطبية اللازمة لمحتاجيها من الأخوة في قطاع غزة، كما هو ملهم إبن الأردن العروبي القومي اللواء فايز الدويري إذ يحلل ويلهم وينقل الصورة من الميدان حتى نادته المقاومة ليحلل إحدى ضرباتها الموجعة للعدو الغاشم.
فهذا العدوان الغاشم الذي منع الماء والغذاء والكهرباء ومنع إيصال المساعدات الإنسانية عن شعب حوصر على مدار عقود خلت وقتل من قتل وشرد من شرد وهدم ما هدم، قد حال دون إقامة الاحتفالات الدينية، ليس فقط في مهد السيد المسيح عليه السلام وفلسطين المحتلة وفي أردن الوئام، ولكن عند كل الشعوب أصحاب الضمائر الحية.
إلا أن هذا العدوان الغاشم لم يحل دون تضرع الغزيين والفلسطينيين إلى خالقهم ليفرغ عليهم صبرا ويثبت أقدامهم دفعاً لهذا العدوان الغاشم، ليتمكنوا من العيش بأمن وسلام وكرامة أسوة بشعوب العالم المحبة للسلام .... ؟؟؟؟ !!!!!
فأمنيات المحبة والسلام للجميع بمناسبة الأعياد المجيدة سائلين المولى عز وجل أن تحظى أعياد أمتنا العربية بالسلام والمحبة.