مغاربة : الاطلاع على حقيقة القضية الفلسطينية عبادة…

قال المفكر المغربي المقرئ الإدريسي أبو زيد، إن الوصول إلى المعرفة والبحث عن الحقيقة في القضية الفلسطينية أو في أي مجال آخر، عبادة.
وأبرز رئيس "المبادرة المغربية للدعم والنصرة”، خلال ندوة افتتاحية للدورة الأولى لتكوين الأطر (الكوادر) في القضية الفلسطينية، أُطلق على اسم فوجها الأول "طوفان الأقصى”، أن المعرفة العامية تعرف بها بعض الحقائق لكن ليس لديها الحقائق لتوظيفها مثل المعرفة العلمية، لأن "المعرفة بالآخر إذا لم تكن علمية فلا يمكن أن تصل إلى القُدرة على التنبؤ في المعرفة وفق مقياس علمي دقيق”، وفق تعبيره.
وأطلقت "المبادرة المغربية للدعم والنصرة” و”أكاديمية باب المغاربة”، الفوج الأول من برنامج تكوين الأطر في القضية الفلسطينية بالمقر المركزي لـ "حركة التوحيد والإصلاح” الإسلامية في الرباط الأحد.
ووفق رشيد الفلولي منسق "المبادرة المغربية للدعم والنصرة”، متحدثاً لـ "القدس العربي”، فإن هذه الدورة التكوينية تهدف إلى تمكين المتدربين من استيعاب وتوظيف المفاهيم والمصطلحات الأساسية حول القضية الفلسطينية، بالإضافة إلى تطوير مهارات العمل الجماعي وفهم أهمية التواصل الفعال والتنسيق ضمن الفريق.
وبالعودة إلى المقرئ الإدريسي، الذي نوَّه بأن هذا التكوين يستهدف أربعة أهداف كبرى تتفرع من هدف واحد هو المعرفة، حيث خلُص خلال محاضرته في موضوع "أهمية التكوين في القضية الفلسطينية”، إلى أن الغاية من التكوين في القضية الفلسطينية كنموذج هو الوصول إلى الحقيقة عن طريق المعرفة لإقامة الحجة فيما يخص مظلومية القضية الفلسطينية وظالمية العدو الصهيوني ودحض شبهاته واستدامة العاطفة عن طريق هذه المعرفة.
وعن دحض الشبهات، أكد أبو زيد أنه لا يمكن الرد عليها بالعاطفة وبدون تكوين يوصل إلى المعرفة المؤدية للحقيقة، كما أوضح أن العاطفة المستدامة تحتاج دائماً إلى وقود وهو المعرفة التي تجعل القضية الفلسطينية دائماً حاضرة.
وأكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة "سيدي محمد بن عبد الله” في فاس، سلمان بونعمان، أن "طوفان الأقصى”، يحتاج إلى طوفان من الأفكار المبدعة والاجتهاد للخروج من التخلف لإكمال مساره، مؤكداً أنه لولا وجود جهاز علمي لما نجحت المقاومة في عملية طوفان الأقصى.
وقال رئيس "مركز معارف المستقبل للبحوث والدراسات” في محاضرة علمية حول "مصطلحات ومفاهيم أساسية في القضية الفلسطينية”، إن الصراع مع المشروع الصهيوني يحتاج إلى إسناد معرفي، واعتبر أن عملية "طوفان الأقصى” عمل إبداعي تفوقت به المقاومة الفلسطينية على عقل الاحتلال وتمت مواجهته بسيل من التهم والتشويه والتسميم الفكري منذ بدايتها الأولى، حيث روج الاحتلال لسرديات منها حرق الأطفال واغتصاب النساء وربط المقاومة بـ”داعش” الإرهابية.
وأكد الأستاذ الجامعي على أهمية وضرورة بناء أمة قارئة للفوز بمعركة الرمز واللغة والمعرفة، وأضاف أن "عدم الإدمان على القراءة يجعل الشخص محمولاً بالقضية وليس حاملاً لها، وأن الوعي بالقضية يمنح القدرة على الدفاع عنها والوعي بالاستراتيجيات والتوازنات الدولية، وامتلاك الحجج والقدرة على الإقناع”.
وانتقد بونعمان ما اعتبره خللاً مفاهيمياً يقع فيه الكثير من المثقفين، موضحاً أن المشاريع الاستعمارية تختلف باختلاف الرؤية المؤطرة لها، لافتاً إلى أن الاستيطان جزء أساسي في المشروع الاستيطاني، وأن معركة مصطلحية تشتعل بالموازاة مع المعركة الميدانية، منبهاً إلى أن الاحتلال الثقافي لا يقل خطورة عن الاحتلال العسكري، وإن كانت الحرب العلمية هي أقل ضجيجاً من العسكرية باعتبار أنها معركة صامتة وممتدة تاريخياً.
وضرب مثالاً للحرب العلمية التي تفطَّن لها المفكر المسيري عند عودته إلى الموسوعات الأجنبية، حيث وجد أن كُتَّابها عرفوا مصطلح الصهيونية بـ”عودة اليهود إلى أرض الأجداد”، معتبراً ذلك بمثابة "صهينة” للمعرفة بحيث يلغي هذا التعريف شعباً ويحرف حقائق تاريخية منها النكبة وغيرها.
وحذر المتحدث من أن الصراع على المفهوم يحمل شكلاً من أشكال الصراع على المعرفة، ذلك أن الصهاينة أحسوا بمعركة الوعي ما دفعهم إلى تهديد المفكر عبد الوهاب المسيري –رحمه الله- أكثر من مرة بالقتل في حال نشره لموسوعته الشهيرة.
ودعا الأكاديمي إلى الانتقال من الأعمال العاطفية إلى الأعمال المؤسسة، وأن جيل "Z” حتى في الغرب تشكل عنده وعي نتيجة الحرية التي منحتها وسائل الاتصال والتواصل الحديثة، وهو ما غيَّر رأيه من السرديات التي كان يُروج لها الاحتلال.