التغيير في حرب المواجهة الإسرائيلية الفلسطينية
حماده فراعنه
مع بداية العام الجديد 2024، وبعد ثلاثة أشهر من الحرب وهجوم قوات المستعمرة على قطاع غزة على أثر عملية 7 تشرين أول أكتوبر 2023، ستتغير وسائل وأساليب الهجمة الإسرائيلية وتكتيكاتها واولوياتها على كامل القطاع، وهذا يعود لعدة أسباب:
أولاً فشل قوات المستعمرة في تحقيق هدفيها المعلنين وفق خطة وزير الدفاع يوآف جالنت: 1- اجتثاث حركة حماس والقضاء على قوات المقاومة، 2- إطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين بدون تبادل.
قوات الاحتلال فشلت الى الان في تحقيق هدفيها: اخفقت في إطلاق سراح اي اسير إسرائيلي من المحتجزين لدى حماس والجهاد الإسلامي، ولم تتمكن من إنهاء المقاومة وتصفية قياداتها، حيث ما زالت خلايا المقاومة توجه ضربات موجعة نحو قوات الاحتلال واصطياد الجنود والضباط والآليات العسكرية، إضافة إلى استمرار قدرتها على إطلاق الصواريخ إلى مناطق 48، والهاونات نحو تجمعات قوات الاحتلال.
ثانياً الضغط الأميركي سواء من قبل البيت الأبيض أو من قبل وزير الدفاع لويد أوستن، بالالحاح على تغيير شكل وأدوات الحرب الإسرائيلية ضد الفلسطينيين وإخفاقاتها، رغم استمرار تزويد الاحتياجات الضرورية من القنابل والقذائف الأميركية للقوات الإسرائيلية، وسيتم سحب حاملات الطائرات الأميركية من البحر الأبيض المتوسط، التي تم جلبها بعد 7 أكتوبر حماية للمستعمرة، ولمنع أي محاولات للتدخل الإقليمي في الحرب على الفلسطينيين.
ثالثاً تحاشي الاشتباكات المباشرة بين قوات الاحتلال في مواجهة قوات المقاومة من المسافات القصيرة واللصيقة، حيث استثمرت المقاومة عنصر المفاجأة عبر الخروج من الأنفاق وتوجيه ضرباتها ضد قوات الاحتلال وإعادة الاختفاء، كما شكلت البنايات والبيوت المدمرة عاملا لوجستيا مساعدا في تحرك وانتقال عناصر المقاومة من موقع إلى موقع عبر خرائب البنايات والبيوت وتوظيفها ككمائن دفاعية في التنقل والاختباء، واصطياد الدوريات الإسرائيلية الراجلة والآليات العسكرية المتحركة، مما زاد من خسائر قوات الاحتلال بشكل ملحوظ.
رابعاً الضغوط المحلية اقتصادياً وبشرياً في المطالبة لتسريح قوات الاحتياط التي تركت آثاراً سلبية باهظة على مجمل الحياة وعلى الاقتصاد الإسرائيلي بشكل خاص، بما فيها مطالبة سكان المستعمرات المجاورة لقطاع غزة، حيث سيتم إعادتهم إلى مساكنهم.
عوامل التغيير للهجوم الإسرائيلي بدأت عمليا، من خلال تنفيذ بعض الإجراءات وهي: انسحاب خمسة ألوية من جيش الاحتلال بشكل ملموس وعلني من ارض قطاع غزة، سواء باتجاه مناطق 48، أو باتجاه مناطق محددة من قطاع غزة، بهدف تقليل عمليات الانتشار، وإعادة التمركز في مناطق استراتيجية.
انسحاب ألوية من جيش الاحتلال، وتسريح عدد كبير من قوات الاحتياط التي تم دعوتها للخدمة مع بداية الهجوم الإسرائيلي بعد 7 أكتوبر، وإعادة التموضع لقوات الاحتلال، هذه المتغيرات الاجرائية لن تلغي استمرارية الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة ، بل سيتم التركيز على بقاء قوات الاحتلال في مناطق محددة، واستمرارية عمليات القصف لمواقع منتقاة ومركزة، والبدء بعمليات اغتيال لقيادات المقاومة لكل من تتمكن قوات الاحتلال من كشف موقعه.
قطاع غزة سينتقل ليكون تحت إدارة وقوة أمن الاحتلال مباشرة كما هي الضفة الفلسطينية، ولكن بشكل قتالي أوسع وأكبر وأشمل، لغياب أي اتفاق أو تفاهم كما هو سائد بين سلطة رام الله وأجهزة المستعمرة وأدواتها.
الحرب كما قال نتنياهو ستستمر لعدة أشهر وستتمدد، لأنه لا مصلحة له بوقفها، لعله يخرج بأي مكسب عسكري أو سياسي يحميه من المساءلة والفشل والإخفاق، الذي سيتحمل مسؤوليته هو والفريق السياسي والأمني والعسكري الذي يقوده.