هجمة المخدرات الإيرانية السورية على الوطن ..

بقلم الخبير الأمني والاستراتيجي العميد المتقاعد هاشم المجالي .
......................
إن جرائم المخدرات جرائم عابرة للحدود في كل أنحاء العالم وتنشط كثيرا  في جميع المناطق الحدودية أو الموانئ الجمركية البرية والبحرية والجوية لكل الدول حيث أن هذه المناطق الحدودية  تعتبر مناطق  تهريبية ومقاومة للأجهزة المكافحة   وغير متعاونة مع أجهزة الدولة ومتها الشرطة ومكافحة التهريب الجمركي والمخدرات.

ولمن لا يعلم أيضا فإن جرائم  المخدرات  تنتشر في كل دول العالم بنسب مختلفة ولا تستطيع أي دولة بالعالم أن تحصن نفسها من دخول المخدرات إليها  ولكنها تستطيع أن تحِد من نِسَب تهريبها من خلال قوة أجهزتها المكافحة  وقساوة تشريعاتها العقابية . 

 ولكي نعرف ماهية الدول التي تكون فيها المخدرات أكثر انتشارا فإننا نجد أنها تنتشر في الدول  التي تشهد صراعات داخلية والتي تفتقر إلى الأمن والأمان أو في الدول التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية والتي لا تهتم إلا بعروشها وبقائها في السلطة فقط لأنها تخضع لنفوذ مافيات تجار المخدرات والأسلحة وتطبق قانون الدولة وليس دولة القانون .

لقد عملنا في إدارة مكافحة المخدرات لعشرات السنين  وكنا نضبط عمليات تهريب للمخدرات على الحدود الشمالية الشرقية  وكانت  من خلال المصادر و المعلومات أو من خلال المراقبات العسكرية على الحدود الرسمية وغير الرسمية ، ولكننا عندما كنا  نضبط كميات كبيرة لم نكن نضبط معها أعداد كبيرة من المهربين ( كون عمليات التهريب يجب أن تكون سرية وكلما زاد عدد الناقلون كلما زادت نسبة اكتشافها من قبل الدولة)   وإنما أعداد قليلة لا تعد على الأصابع،  ولكن كانت هذه الخطوط التهريبية عندما كنا نكتشفها ونضربها   كانت تتوقف عن العمل على هذا الخط لأشهر واحيانا لسنوات لأن  التاجر والناقل والمستقبل فيها يتعرض إلى خسائر مادية كبيرة ويحتاج إلى زمن طويل لإعادة نشاطه مما يجعله يبحث عن خطوط أخرى جديدة  ومستقبلون  أخرون لا  علاقة لهم بالذين تم ضبطهم بالمرة الأولى .
أما ما يجري الأن من نوعية الضبطيات  على الحدود الأردنية الشمالية الشرقية والتي تحصل  اسبوعيا ولكميات كبيرة جدا جدا وأيضا ضبط أعداد كبيرة من المهربين (الناقلين )  معها من أجل حمايتها و تأمين   وصولها ،فإن هذا ليس بعمل مافيات المخدرات التي تبحث عن الربح المادي فقط ولا تغامر باستخدام أعداد كبيرة من الناقلين  ، وإنما هذه  أعمال منظمات دولية او إستخبارت دول مصنّعة ومْنتجة ولا تكترث أو تهتم للخسائر المادية والبشرية وإنما تهدف إلى تحقيق أهداف سياسية تقصد من ورائها ضرب الشعب أو النظام أو تشويه صورة دولتنا وضرب اقتصادنا .

وقد يكون هناك مستقبلون لهذه الكميات  في الأردن ولكنهم ليسوا أردنيون أو قد يكونوا  أردنيون ولكنهم خارجون عن الدين والقانون والأخلاق و يعمدون إلى تهريب هذه الكميات من الأردن إلى الدول المجاورة من خلال إستخدام  التبادل التجاري للبضائع وبالتالي فإنهم يضربون الاقتصاد التجاري والمالي في الأردن ، إضافة إلى أنهم يهدفون إلى  زيادة نسب الإدمان عند عنصر الشباب  وبالتالي ارتفاع نِسَب الجرائم في المجتمع  وخلق حالة تسمى بالفلتان الأمني وانعدام الولاء والإنتماء   .

ومن هنا فإنني أود أن اشكر قواتنا المسلحة الأردنية واجهزتنا الأمنية التي غيرت قواعد الإشتباك  ورفعت من مستوى التهديد لعمليات تهريب المخدرات من جرائم خطيرة إلى جرائم مهددة للأمن الوطني وبادرت بمكافحة عمليات التهريب من خلال ضرب مصانع الإنتاج في الأراضي السورية التي تسيطر عليها المليشيات الشيعية التابعة للجمهورية الصفوية وباستخدام جميع صنوف الأسلحة العسكرية  .

نسأل الله تعالى أن يحفظ قيادتنا التي أولت هذه القضية جْل إهتمامها   وأن يحفظ وطننا وجيشنا وأجهزتنا الأمنية ويرحم شهدائنا ويسدد على طريق الخير نهج قيادتنا .
  
فالوطن هو شعب وارض وقيادة  اللهم احفظهم بحفظك ورعايتك.