تزامن مريب بين إعلان باسيل نيته زيارة سورية واندلاع حرائق الشوف
كتبت: اخلاص القاضي
اعتبروني أهذي، يعني، غريب هذا التزامن بين توقيت الحريق الذي أتى على مناطق واسعة من لبنان عامة، ومن منطقة الشوف اللبنانية المحسوبة تاريخياً على الحزب التقدمي الاشتراكي الذي يتزعمه وليد جنبلاط، وعلى إرث المختارة حصراُ، وبين تصريحات نارية لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل.
مريب هذا التزامن المشبوه بين الحريق الذي "حيك بليل"،واستهدف تلك المنطقة حصراً، بعيد تصريحات باسيل نيته زيارة سوريا.
حقيقة، يثير هذا التزامن التساؤلات؟ خاصة وأن تلك التصريحات" القنبلة" قد أثارت حفيظة كل القوى المحسوبة على فريق ١٤ آذار، ومنهم "التقدمي الاشتراكي"بطبيعة الحال، الذي قاد بدوره حملة مناهضة لها عبر "السوشيال ميديا"، ألحقت بتظاهرة كبيرة امتدت على مساحات واسعة من العاصمة بيروت، تنديداً بما اعتبره خروجاً "باسيلياً" عن نص القرارات الحكومية التي إختارت النأي بالنفس، غير مرة، فيما يتعلق بالملف السوري، واعتبار ما قام به قراراً مركزياً و"دكتاتورياً"، وبدون أي تنسيق أو إعتبار لوجود حكومة لبنانية، ممكن أن تتم مناقشة الأمر معها بهذا الشأن، إذ انتقد النائب التقدمي وائل أبو فاعور خطوة باسيل هذه، متهماً إياه بما معناه، بالقتال من أجل مقعد الرئاسة المقبل، والذي وفقاً لابي فاعور، يحتاج لموافقة من الجوار ، في ظل سيطرة حزب الله على مفاصل الدولة اللبنانية وفقاً لمراقبين.
لم تمض ساعات على اعتراض التقدمي وإعلاء صوته حتى اندلعت النيران من بوابات، ومنها بوابة الشوف، هذا التزامن المشبوه، لا يمكن أن ينفصل عن سير وتعقيدات الحياة السياسية في لبنان، فقد يتحمس وفي سيناريو مفترض أحد المناصرين لكلام باسيل، ويقدم على هكذا خطوة، وليس بالضرورة، بإيعاز مباشر من أحد، سيما وان شبهات دارت حول أحد الاشخاص الذين عمدوا إلى إفتعال تلك الحرائق، وفقاً لما تناقله البعض على إحدى الفضائيات اللبنانية، وما أشيع عن مواد شديدة الاشتعال، وجدت موزعة بين الاحراج، بحسب ما نشرته بعض منصات "السوشيال ميديا"،
لا نريد أن نتهم أي فريق، ولا أن نستبق التحقيقات، التي غالباً ما يطويها الزمن، ولكن" العنزة مقتولة والذئب حدها"، هكذا يقول المثل الشعبي، وربما فعلاً تآمرت الطبيعة مجدداً على لبنان، صدفة بعيد تلك التصريحات.!
ثم أن الحريق إندلع في ليل تآمري، فكيف تكون حرارة الشمس هي من صاغت تلك الكارثة؟ التي ساهم النهار وارتفاع درجات الحرارة وسرعة الرياح بامتدادها، بشكل رهيب، غير أن مطلق الشرارة مجهول حتى الساعة، وحتى إشعار مجهول أيضاً.
لبنان اليوم، وبحرق الآف الدونمات من الأشجار المعمرة هو دولة منكوبة بكل ما للكلمة من معنى، وعلى المجتمع الدولي التحرك الفوري لنجدتها، وهنا أسجل للموقف الاردني المشرف وكالعادة، ورغم محدودية الامكانات سرعة الاستجابة لتكون الأردن اول دولة عربية سعت لنجدة الاشقاء في لبنان، بإيعاز من سيد البلاد جلالة الملك حفظه الله.
للاسف هذه الكارثة تضاف إلى كوارث لبنان السياسية والاقتصادية والبيئية، فكلما حاول النهوض، انتكس في ملف جديد يزيد من أعبائه وضيقه، كيف لا؟، وهو بلد يرزح تحت نير المحاصصة والاصطفافات، وكلٌ يريد استخدامه أرضاً لنزاعاته، وتصفية لحساباته.
وإذا ما صح سيناريو حرق الاخضر واليابس في صيغة انتقامية من حزب لحزب، ومن قوى لقوى، فإن الخاسر الأكبر لبنان كله، فالهواء مشترك والأرض واحدة، والمصيبة وقتئذ شاملة، ومناظر السواد تتشح به لبنان كله، بكل أطيافه وطوائفه.
أما بعد، وإذا ما تبين فعلياً أن المتسبب يمت بطريقه أو بأخرى بأي صلة لتجاذبات إعلان الزيارة وردود الفعل السلبية والغاضبة عليها، وحتى لو أعلن باسيل نيته زيارة سوريا، وحتى لو تظاهر الاشتراكي ضد ذلك، ايعقل أن تحرق الأرض بما عليها، ألا يوجد وسائل أخرى للتعبير والرفض.
في السياقات التاريخية، وفي العلاقات الدولية، وفي السياسات، لا صداقة دائمة ولا عداوة دائمة، وإنما مصالح دائمة، ولكن أيضاً التناغم الداخلي لأي دولة مطلوب، حتى لا تبقى صيغة العلاقات الخارجية مرهونة بمصلحة شخصية أو حزبية ضيقة.
حمى الله الشقيقة لبنان، من شرر" الليل"، وعواصف الانقسام، ورياح الاصطفاف، وكوارث اختلاف الرأي، وأعاصير اللعب على أوتار التبعية التي لا تجلب للدولة الشقيقة إلا الويلات والارتهان لإرادات لا تريد للبنان الخير، وعسى أن تكشف الأيام أن الحرائق التي أتت على أكثر من مليوني م٢، براءة يد الغدر منها، ليكون المجرم الحقيقي هو الطبيعة ودرجات الحرارة العالية وسرعة الرياح!!!
ورحم الله لبنان بامطار الخير علها تسعف غياب التجهيزات اللازمة لإخماد الحرائق على هذا المستوى وعلى هذا المدى، فتكون برداً وسلاماً على هذا البلد الشقيق الذي يكفيه ويلات وأزمات.