تفاقم الأزمة لدى معسكر العدو
حمادة فراعنة
مهما بدت الخلافات أو التباين أو تحديد الأولويات متواضعة بين واشنطن وتل أبيب، أو بين المؤسستين الأمنية والعسكرية من طرف وحكومة نتنياهو وأحزاب الأئتلاف من طرف أخر، فهي لا شك مظاهر ضعف وانحسار، بدلاً من وصفها أنها مظاهر هزيمة وإخفاق للمستعمرة ومعسكر تحالفاتها.
ويمكن اختصار الوصف أن معسكر العدو أو معسكر الخصم ضد الفلسطينيين والمقاومة المشكل أساساً من: 1- حكومة المستعمرة وأجهزتها ومعهم أحزاب المعارضة بقيادة يائير لبيد وليبرمان وبيني غانتنس الذي التحق بالتحالف الحكومي وينوي الانسحاب من الحكومة، 2- الولايات المتحدة، 3- بريطانيا وبعض الأطراف الأوروبية، هذا المعسكر المعادي للمقاومة الفلسطينية بدأ بالتراخي والتراجع بسبب فشل المستعمرة في برنامجها وعدوانها على قطاع غزة من تحقيق الأهداف المرسومة، وحالة الحرج التي سببها الإجرام والتطرف الإسرائيلي ضد المدنيين الفلسطينيين، لدى الرأي العام الأوروبي والأميركي.
بريطانيا وضعت خطتها من خمس نقاط من أجل وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى الإسرائيليين كما أعلنها وزير الخارجية اللورد ديفيد كاميرون.
الولايات المتحدة مع مصر وقطر بحضور رئيس جهاز الشاباك رونين بار، مع رئيس جهاز الموساد ديدي بارنياع، تم التوصل إلى صفقة أمنية، أقول أمنية وليست سياسية إلى الآن أساسها وقف إطلاق نار مؤقت، مع تبادل أسرى بالمئات، ولكنها لا تتضمن أسرى من ذوي الأحكام العالية من الفلسطينيين ولا تشمل إطلاق سراح الضباط والجنود الإسرائيليين المعتقلين لدى حماس والجهاد، ولهذا سيزور الوزير الأميركي بلينكن المنطقة العربية خلال الأيام القليلة الماضية.
إدارة بايدن بأزمة، بل وأزمة انتخابية عميقة حيث إن ممثلي الجاليات العربية وفي طليعتهم من الفلسطينيين، والإسلامية والإفريقية يرفضون استقبال قادة حملة الرئيس بايدن في ولايات ميشيغان ومينيسوتا وأريزونا وويسكونسن وفلوريدا وجورجيا ونيفادا وبنسلفانيا، الذين يرفعون شعار: «التخلي عن بايدن»، مما يشير إلى أن بايدن لن يتمكن من النجاح إذا واصل هؤلاء العرب والمسلمون والأفارقة وأغلبهم ينتمون للحزب الديمقراطي، إذا واصلوا حملتهم وموقفهم ضد بايدن على خلفية انحيازه السافر للمستعمرة الإسرائيلية.
حكومة المستعمرة تواجه أزمة مماثلة عنوانها ضرورة وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الأسرى، على قاعدة الصفقة التي وافقت عليها الأجهزة الأمنية الثلاثة: الشاباك، الموساد وأمان، بينما يرفضها علناً حلفاء نتنياهو بن غفير وسموترتش، مما تُسبب أزمة لنتنياهو إضافة إلى أزمة تشكيل لجنة تحقيق برئاسة رئيس الأركان السابق شاؤول موفاز، على خلفية الاخفاق في هجوم ومبادرة 7 أكتوبر الفلسطينية، وزادت من حدتها أن مراقب الدولة متنياهو إنغلمان رفض طلب الحكومة تأجيل التحقيق مع الحكومة وقادة الأجهزة العسكرية والأمنية.
نتنياهو يخوض معركة البقاء خشية التحقيق والرحيل ونتيجتها إنهاء حياته السياسية مهزوماً مدحوراً، ولهذا يقع بين ناري المؤيدين والمعارضين لوقف إطلاق النار، ويذهب إلى تحميل مسؤولية الفشل والاخفاق إلى فشل الأجهزة الأمنية في عدم اكتشافها لتخطيط حركة حماس لعملية 7 أكتوبر، وعبرت عضو الكنيست من الليكود تالي غوتليب وأعلنت أن 7 أكتوبر تمت بمؤامرة نفذتها حماس بالتواطؤ مع الموساد والشاباك، وفجرت معركة غير مسبوقة في انحدارها إلى مستوى اتهام الأجهزة الأمنية بالتواطؤ مع «العدو الفلسطيني» .
حالة من الجنون والتطرف تسود الأوساط الحزبية، تعبيراً عن فشلها البائن في مواجهة قدرة المقاومة الفلسطينية على توجيه ضربات أمنية موجعة للمستعمرة الإسرائيلية، ولهذا كما يُقال إن الوضع السياسي بعد 7 أكتوبر يختلف عما كان عليه قبل 7 أكتوبر.