بايدن لنتنياهو: أنا أم ائتلافك ..؟؟
الجدال الدائر بين إدارة الرئيس بايدن وحكومة بنيامين نتنياهو على إدارة الحرب واليوم التالي، تعاظم في الأيام الأخيرة، ويعرض إنجازات الجيش الإسرائيلي في غزة وأمن إسرائيل للخطر.
يتركز الجدال في مسألة العملية في رفح، لكنه أوسع بكثير؛ ففي نظر الإدارة الأمريكية، تبدو المفاوضات الجارية بين إسرائيل وحماس على صفقة ثانية لتحرير مخطوفين خطوة أولى حرجة لتحريك مسيرة لإنهاء الحرب في غزة. غير أن نتنياهو يواصل تحدي سياسة بايدن ويمس بفرص الوصول إلى تفاهمات تجدي مصالح الطرفين. تعارض الإدارة بكل حزم استمرار الحرب في رفح، وتخشى من التسبب بقتل مدنيين كثيرين في رفح وتصفي شرعيتها الداخلية والدولية بسبب التأييد الأمريكي لإسرائيل الآخذ بالتدهور.
كان هذا تحذيراً خطيراً أطلقه وزير الخارجية أنتوني بلينكن في ختام زيارته إلى البلاد في نهاية الأسبوع. وقالت نائبة الرئيس كامالا هاريس أمس، إن دخول رفح سيكون خطأ.
يخفي الجدال على رفح نوايا أمريكية بعيدة الأثر تجاه إسرائيل وغزة. بخلاف حكومة نتنياهو، طورت إدارة بايدن استراتيجية لإنهاء الحرب، تقوم على أساس سلسلة خطوات تبدأ بصفقة ثانية لتحرير مخطوفين مقابل وقف نار طويل.
صفقة كهذه ستمنع خطوة عسكرية في رفح، وستقلص الأزمة الإنسانية من خلال إغراق غزة بالمساعدات، ستسمح لقسم من النازحين بالعودة إلى بيوتهم في شمال ووسط القطاع، وستمنح مساحة زمنية لتحقيق اتفاق لإنهاء الحرب يخلي حماس من غزة، يؤدي إلى تجريد القطاع ويدخل جهة سلطوية بديلة.
بالتوازي، لن يكون هناك مبرر آخر لحزب الله لمواصلة الهجمات على إسرائيل في الشمال، وللحوثيين في الهجمات من الجنوب. وقف الحرب في الشمال سيسمح باستئناف مهمة الوسيط عاموس هوكشتاين لتحقيق حل دبلوماسي في جنوب لبنان يزيح قوات حزب الله إلى ما وراء الليطاني.
وليس أقل أهمية: تحرير المخطوفين ووقف النار سيشطب المسألة عن جدول أعمال الانتخابات للرئاسة ويوقف ضغط المحافل المناهضة لإسرائيل على بايدن للكف عن دعمه لإسرائيل.
يفترض أن تنفذ الخطة الأكبر بمشاركة دول عربية مؤيدة لأمريكا. في الأسبوع الماضي، بحث فيها بلينكن مع ست دول كهذه في القاهرة. الفكرة هي تقسيم العمل بحيث تضغط الولايات المتحدة على إسرائيل في موضوع المخطوفين واليوم التالي، بينما تضغط الدول العربية على حماس وعلى الفلسطينيين. صفقة لتحرير المخطوفين ووقف نار طويل شرطان أساسيان لتنفيذ الخطة الاستراتيجية الكبرى.
تعتقد إدارة بايدن بأن حكومة نتنياهو والجهات المتطرفة فيها تفشل الصفقة لتحرير المخطوفين، المتعلقة بوقف النار. وهذا هو السبب الذي يجعلهم يركزون انتقادهم على نتنياهو. فهم يقدرون بأن اتفاقاً لتحرير المخطوفين ووقف النار سيؤدي إلى تفكيك الحكومة واستبدالها – مع أو بدون انتخابات. بايدن يقول لنتنياهو، سيتعين عليك أن تختار بيني وبين بن غفير وسموتريتش.
إسرائيل متعلقة تماماً بالولايات المتحدة، وتحوم في الجو تهديدات وقف أو إبطاء تزويد الذخيرة والعتاد العسكري. لكن نتنياهو لا يهتم إلا ببقائه، لذا ليس واضحاً ماذا سيفعل.
رد نتنياهو على تحذير بلينكن بقوله إن إسرائيل ستدخل رفح، مع أو بدون دعم الولايات المتحدة. قد يكون هذا تكتيكاً يستهدف كسب بضع نقاط في أوساط القاعدة الليكودية، لكنه استفزاز يفاقم الأزمة مع بايدن.
بالضغط على حماس وعلى حكومة نتنياهو، تعتقد إدارة بايدن أن بإمكانها تحييد المتطرفين بضربة واحدة، سواء في أوساط الفلسطينيين أم في أوساط الإسرائيليين – الذين يعتبرون العوائق الأكبر في تحقيق الخطة الأكبر. ربما يبالغ بايدن في قوة الدبلوماسية الأمريكية لإبعاد حماس عن القطاع وحزب الله عن جنوب لبنان، لكن لعله من المجدي إعطاؤه الفرصة خصوصاً مع غياب بدائل أخرى.
البروفيسور ايتان غلبوع
معاريف 25/3/2024