سابقة أردنية.. النواب والحكومة باتجاه تقليص مساحة العفو العام بعد جلسة تشريع متوترة
عمان- "القدس العربي”:
قدمت الحكومة الأردنية دليلا مباشرا على أن جهات متعددة رسميا لا ترغب بالعفو العام ولا تدعمه في الواقع، عندما قلصت محتويات القانون الخاص بالعفو إلى أضيق نطاق ممكن قبل تحويله لمجلس النواب.
وتكفل مجلس النواب في المقابل، بتقديم الدليل الثاني على وجود تيار عريض فيه لا يدعم العفو العام الذي أمر به القصر الملكي، ليس فقط عندما انفلتت النقاشات صباح الثلاثاء تحت القبة، وبدت المواقف غير موحدة واستعراضية بين النواب. ولكن أيضا، وهذا الأهم، عندما سجل المجلس سابقة غريبة تحت ضغط بند الاستعجال، فقرر مناقشة القانون والتصويت عليه في جلسة واحدة سريعة، ودون تحويل إلى لجنته القانونية كما جرت العادة.
تلك سابقة تعني ضمنا بأن نوايا القوى الفاعلة في مجلس النواب، تتمركز حول إقرار قانون العفو كما جاء من الحكومة، وبسرعة قياسية وبدون إضافات، الأمر الذي تصادم مع طموحات ورأي بعض أقطاب المجلس.
رئيس مجلس النواب الأسبق والمشرع المخضرم عبد الكريم الدغمي، سجل التحفظ الأول في معاكسة الاتجاه، عندما اقترح مذكرة تشمل جرائم القتل التي حصلت فيها مصالحات وإسقاط الحق الشخصي في خطوة يعتقد أنها ستؤدي إلى سلسلة كبيرة من المصالحات الاجتماعية العالقة.
القطب البرلماني صالح العرموطي، انسحب من جلسة الثلاثاء، محتجا على تضييق قانون العفو العام إلى مستوى يخالف الرؤية الملكية.
وقبل ذلك، بقي العرموطي منشغلا بمقارنات بين النسخة التي قدمتها الحكومة وتلك التي أقرت بعفو عام صدر عام 2019.
جلسة النقاش كانت حادة، والنائب الإسلامي عمر العياصرة حذر النواب ضمنا من الشعبويات قائلا: "لا تخطفوا المايكروفون من الدولة” ثم تحدث العياصرة عن خالته التي هنأته يوما عندما غادر السجن بمقولة شعبية تؤكد بأن باب السجن يبقى مفتوحا.
النائب الإسلامي أيضا ينال فريحات، وحده طالب بأن يشمل العفو العام زميليه المسجونين أسامة العجارمة بتهمة تتعلق بأمن الدولة، وعماد العدوان، نجم قضية تهريب السلاح إلى فلسطين.
النقاشات حتى بعد ظهر الثلاثاء بدت حادة، ومسار قانون العفو العام لا يبدو مرتبا أو متفقا عليه، لكن الحكومة وليس الدولة هي التي قد تخطف المايكرفون وتحصل على ما تريد لأن هدف العفو العام استرخاء المجتمع ولو قليلا على حد تعبير العياصرة.
لكن المؤشرات تكثفت بأن العفو العام جعلته الحكومة تكتيكيا وليس إستراتيجيا، وتحالفات السلطتين ساهمت في نزع الدسم من مضمون هذا القانون الذي يهم المجتمع، فيما لا أحد استمع للعرموطي وهو يحذر من أن قانون العفو العام الجديد استثنى أكثر من 36 تهمة ومخالفة وجريمة وتشريعا وردت في قانون عام 2019، متهما الحكومة ضمنيا بإفساد الرؤية والاستراتيجية.
بالمحصلة، ما لاحظه المراقبون أن النقاش والتجاذب على عفو عام يفترض أن يريح المجتمع ولا يسبب نقاشا، هو الذي أظهر وجود تباينات بين المؤسسات حول تصورها للمطلوب في السياق.