الأسيرة خالدة جرار : استقبلت أصعب اللحظات في حياتي أثناء اعتقالي الأخير بوفاة ابنتي

- الأسيرة خالدة جرار واحدة من ١٢ عضوا في المجلس التشريعي الفلسطيني يقبعون حاليا خلف القضبان الإسرائيلية.
- إسرائيل تعتبر غالبية المنظمات السياسية الفلسطينية غير قانونية.
-  في الاعتقال السابق توفي والدي.
-  يتمّ وضع كاميرات مراقبة في الساحة الخارجية للسجن"الفورة" حتّى تحدّ من خصوصيتهم.
- الاستقلال الحقيقي والسيادة على الأرض لم يتحققا.
- تعمّدت سلطات الاحتلال الإسرائيلي التسويف للإفراج عنّي للمشاركة في تشييع ابنتي سهى.

المقدمة: 
يقالُ إنّ الورود نفسَها تحتاج إلى الحبّ كي تزهر.
فلسطين تنسج ورودا في رباط غير مرئي ببن أولئك الذين قرأوها، وعرفوا معنى وجودها تاريخياً وجغرافيا، وحياة مستمرة على هذه الأرض المباركة لأكثر من تسعة آلاف عام.
أعتقد أنّ كلًّ امرأة تحمل في داخلها حبّ الوطن، تصير مثل المناضلة خالدة جرار، التي قدّمت وما زالت تقدِّم لفلسطين سنين عمرها، وفلسطين تستحق.
حاولت جاهدا أنْ أمسك قلمي ممتنعا عن محاورة بياض الورق، لكتابة نصّ خالدة جرار التي سطّرت ملحمة فلسطينية عمادها الصمود والتحدّي في وجه المحتل، لكن قلمي أبى، وواصل الكتابة.
نسجت جرّار روايتها الفلسطينية في المعتقلات الإسرائيلية، وأوّل مفرداتها... توفي والدها وهي في المعتقل، ولم تستطع المشاركة في تشييعه، وحُرمت من المشاركة في تشييع فلذة كبدها ابنتها سهى، التي توفيت، وهي في المعتقل، الكيان المحتل حرمها من الحزن بشكل مباشر، فهذه أحدث أساليب التعذيب التي ابتكرها الإسرائيلي الغاصب، وعلى أسيرة الحرية خالدة جرار الحزن خلف القضبان التي صنعها من دمنا وتشريدنا٠
علمتنا خالدة جرّار تحمّل عذابات، ليس لينمو عشبُ النًسيان، بل لينمو عشب الحياة الخالدة، عشب النضال، الذي ستأتي الأجيالُ لتناول غذائها بمرح، إنّه عبق الانتصار.
أحببت رواية خالدة جرار. التي جعلت من نفسها سُلَّم عبور، والأفكار التي تُولِّد من حولها رايات الحياة، ورايات فلسطين فوق الأرض الفلسطينية، فكان الحوار معها قبل الاعتقال الأخير الذي تم أثناء حرب الإبادة التي تُشنّ على شعبنا الفلسطيني في غزّة والضفّة، من قِبل العدو الصهيوني: 

حاورها سليم النجار- غصون غانم.

القيادية الفلسطينية الكبيرة خالدة جرار: "استقبلت أصعب اللحظات في حياتي أثناء اعتقالي الأخير".
وخالدة هي عضو منتخب في البرلمان الفلسطيني - المجلس التشريعي الفلسطيني - ترأس أيضاَ لجنة الأسرى في المجلس التشريعي الفلسطيني وهي الممثلة الفلسطينية في مجلس أوروبا.
خالدة هي واحدة من 12 عضوًا في المجلس التشريعي الفلسطيني يقبعون حاليًا خلف القضبان، والعديد منهم محتجزون رهن الاعتقال الإداري وتعتبر إسرائيل غالبية المنظّمات السياسية الفلسطينية غير قانونية، بما في ذلك تلك التي تشكِّل منظمة التحرير. وهي زعيمة نسوية ومديرة تنفيذية سابقة لمنظمة الضمير، وهي منظّمة غير حكومية تدعم حقوق الإنسان للفلسطينيين في السجون الإسرائيلية.
تمّ انتخاب جرّار لعضوية المجلس التشريعي الفلسطيني في كانون الثاني/يناير 2006، واستمرت في العمل كممثل منتخب منذ ذلك الحين؛ شغلت سابقًا منصب مدير مؤسسة الضمير من عام 1993 إلى عام 2005 وما تزال عضوًا في مجلس الإدارة. كما عملت سابقًا مع الأونروا وكانت نشطة في العمل مع النساء الفلسطينيات حصلت على البكالوريوس والماجستير في حقوق الإنسان والديمقراطية من جامعة بير زيت. ويستند الأمر العسكري الإسرائيلي إلى الاتهام بأنّ جرار "تشكل خطرا على الأمن العام في المنطقة".
"في الاعتقال السابق توفي والدي، وفي الاعتقال الأخير توفيت ابنتي.. لقد حصل ما لم أكن أتوقّعه للحظة".
بدأت القيادية الفلسطينية والمناضلة التقدّمية الكبيرة خالدة جرار، الحديث عن الاعتقالات الأربعة التي تعرّضت لها، والتي بدأت منذ العام 1989، وآخرها انتهى قبل شهرين ففي الاعتقال الأخير نُقِلت إلى سجن "معبار الشارون" في ظروف اعتقالية صعبة جداً، ولا تتوفّر أدنى مقومات الحياة الإنسانية؛ وضعت سلطات السجن أسيرات جنائيات بجانبهن كي يتسبّبن لهن بالإزعاج؛ وتعمّدت مصلحة السجون لمدّة شهر كامل نقلها بشكل يومي إمّا للتحقيق في سجن المسكوبية، أو للمحاكمة في سجن عوفر وإنّها لمن أصعب اللحظات على نفسي كانت حينما توفيَت ابنتي سُهى قبل إطلاق سراحي بشهرين، حيث تعمّدت سلطات الاحتلال المماطلة والتسويف بشأن الإفراج عنّي للمشاركة في تشييع ابنتي سهى وعدم تمكّني من التواصل مع الأهل للحديث معهم إثر بلوغ نبأ الوفاة، عدا عن أنّي كنت أسمع رسائل الأهالي من خلال الإذاعات المحلية فقط وبعد ضغط من مؤسسات حقوقية ورفع قضايا أمام المحاكم؛ سُمح بالزيارة، إلّا أنّ جهاز الشاباك الإسرائيلي حال دون ذلك.
وتتعمّد مصلحة السجون التضييق على الأسيرات بوضع كاميرات مراقبة في الساحة الخارجية للسجن "الفورة"، حتى تحد من خصوصيتهم، وأن كمية الهواء التي تدخل الغرف محدودة، وأماكن الاستحمام موجودة خارج الغرف، عدا عن المعاقبات بمنع الخروج من الزنازين غير أنّ جميع محاولات الاحتلال لإخراس صوتنا، وتخويفنا من الحديث عن جرائم الاحتلال المتواصلة والمستمرة بحقّ أبناء شعبنا وقضيتنا؛ ستبوء بالفشل، وسنواصل في ممارسة حقِّنا الطبيعي الذي كفلته كلّ الشرائع الدولية، من خلال المطالبة بحقوقنا حتّى انتزاعها.
وفي حلول ذكرى إعلان الاستقلال من قِبل منظمة التحرير الفلسطينية في 15 تشرين الثاني/نوفمبر 1988، علّقت بالقول: إنّ "الاستقلال الحقيقي والسيادة على الأرض لم يتحقّقا، بل تراجعت الحقوق والثوابت، وزادت المؤامرات على القضية، وما نزال تحت الاحتلال، والاستيطانُ يتوسّع، والمساومة على حقوقنا تتزايد، وما زال الشعب يعيش في كانتونات وفي الشتات، وحقّ العودة لم يتحقّق منه شيء، والانقسام الداخلي يبعد حلم الاستقلال أكثر فأكثر.