تقرير دولي: الأردن ساهم بتعزيز "حوكمة اللجوء"
سماح بيبرس
أشاد تقرير دولي صدر مؤخراً حول سياسات الدول تجاه اللاجئين وطالبي اللجوء، بسياسة الأردن نحو اللاجئين السوريين في سوق العمل، اذ "فتحت سوق العمل لديها أمام السوريين"، على عكس دول أخرى تستضيف أعدادًا ضخمة من ملتمسي الحماية سواء في المنطقة أو في بقية أنحاء العالم، دون أن تفتح لهم أسواق العمل.
واعتبر التقرير، أنّ قدرة اللاجئين على التقدم بطلب استصدار تصاريح عمل بموجب "ميثاق الأردن"، في ظل التمويل الضعيف الموجه للاجئين يمثل جانبا إيجابيا لحوكمة اللجوء في الأردن. مؤكدا أنّ حجم الاحتياجات لدى ملتمسي اللجوء والحماية واللاجئين، يفوق التمويل والدعم المتاح لهم إلى حد كبير، خاصة في السنوات القليلة الماضية.
وأشار إلى أنّ سياسات متعلقة باللاجئين ما تزال غير واضحة وتحتاج لإصلاحات، ملمحاً إلى أنّ هناك تمييزا نحو اللاجئين السوريين، مقابل اللاجئين من جنسيات أخرى. داعيا لضرورة تطبيق "نهج اللاجئ الواحد" على نطاق أوسع وأعمق، خاصة وأنّه يركز على الاحتياجات بدلاً من الجنسية، مع الإشارة إلى أنّ هناك تقدما محرزا لتحقيق الهدف، لكنه "ما يزال هناك الكثير الذي يتعين فعله"، خاصة للعراقيين والسودانيين واليمنيين.
التقرير الذي صدر عن "مشروع الحوكمة العالمية للجوء ودور الاتحاد الاوروبي فيها ASILE"، بين أن الحصول على صفة اللاجئ أو ملتمس اللجوء في الأردن، وحتى الصيغ المشابهة الأخرى لطالبي الحماية، يعتمد إلى حد كبير على جنسية الشخص، الملتمس للحماية الدولية: ففي حين خضع السوريون ممن وصلوا للأردن لنظام اعتراف شكلي، وأصبح يشار إليهم على نطاق واسع بأنهم "لاجئون سوريون"، وحجب الوصول إلى نظام اللجوء فعليا عن الجنسيات الأخرى، كالعراقيين والسودانيين واليمنيين منذ مطلع عام 2019، أما القادرين على التسجيل لدى المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فتظل غالبيتهم العظمى، ملتمسين للجوء، ما لم ينظر بإعادة توطينهم؛ وفي هذه الحالة تتخذ إجراءات لتحديد وضعهم كلاجئين.
وقال مع أن عمل المفوضية ووجودها في الدولة يستندان رسميًا على مذكرة التفاهم المبرمة بين المفوضية والحكومة، لكن التغييرات في سياسة الحكومة "أبطلت من الناحية العملية" عناصر كثيرة من هذه المذكرة.
وفي الوقت ذاته، شكلت التغييرات في سياسات المفوضية المتعلقة بـ"النهج الجديد" لتحديد وضع اللاجئ، إلى حد كبير ملامح عملها في الأردن. إذ أشار التقرير إلى أنّ سياسات الحكومة صارت تسمح للسوريين بالبقاء مسجلين كملتمسي لجوء والحصول على تصاريح عمل. ومع ذلك، لا يمكن لأي ملتمس حماية من أي جنسية أخرى التمتع إلا بوضع واحد فقط من هذين الوضعين.
وفي ظل هذا السياق الذي يتسم بندرة الموارد والاحتياجات الهائلة، توظف وكالات إنسانية بصورة متزايدة تقييمات مختلفة لـ"الضعف"؛ إذ تستفيد منها في فهم طبيعة احتياجات السكان الذين يعملون معهم، وتوزيع التمويل والموارد، والضغط على الدول المانحة، وفي بعض الحالات المساعدة بعملية تحديد المرشحين الإعادة التوطين. وكثيرا ما تكون هذه التقييمات ذات طبيعة كمية وواسعة النطاق، وفي الوقت ذاته تراعي عدة عوامل، وتركز في الغالب على الضعف الاقتصادي والاجتماعي.
على أنّ هذه التقييمات- وفقاً للتقرير- تخلط، وفيها التباس بين مفهوم الضعف والفقر، وحتى مع الدور المحوري المتزايد الذي يسهم به مفهوم الضعف وتقييماته في حوكمة اللجوء، تبقى أوجه فهم الضعف متنوعة ومحط خلاف، خاصة أنّه لا يوجد مصطلح مكافئ في اللغة العربية للتعبير عن فكرة الضعف.
على صعيد آخر، لا شك أن قدرة اللاجئين على التقدم بطلب استصدار تصاريح عمل بموجب ميثاق الأردن في ظل هذا السياق الذي يتسم بالاحتياج الشديد، تمثل جانبا إيجابيا لحوكمة اللجوء، خاصة أن قرار الأردن بفتح سوق العمل لديها أمام السوريين يتناقض تماماً مع قرارات حكومات أخرى تستضيف أعدادا ضخمة من ملتمسي الحماية، سواء في المنطقة أو ببقية أنحاء العالم، مؤكدا التقرير على أنّ "حكومة الأردن تستحق الإشادة لهذا."
وقال التقرير، إنّ "الميثاق" أسفر عن بعض التحسينات في المركز القانوني والظروف المادية للسوريين، وصدور أكثر من 320 ألف تصريح عمل، لكن ما يزال هناك "تحديات جسام يواجهها تطبيقه"، حتى مع الدعم الحكومي والتمويل الدولي، فـ"الإصلاحات ستستغرق وقتاً".
ومن بين التحديات التي لاقاها الميثاق، التركيز على زيادة أعداد تصاريح العمل "وهي تختلف عن أعداد الأشخاص العاملين"، وعدم القدرة على الحصول على العمل اللائق، والنقص النسبي في أعداد التصاريح المصدرة للسوريات (خصوصا في الأعوام الأولى)، إضافة للإجراءات البيروقراطية المكلفة لتسجيل الأنشطة التجارية.
وانتقد التقرير "استبعاد ملتمسي الحماية من الجنسيات الأخرى من الميثاق"، بحيث اعتبر ذلك من عيوبه. لافتا إلى أنّ جائحة كورونا وانعكاساتها، جعلت من الإصلاحات في هذا الجانب أصعب خاصة أنّها أدّت لارتفاع معدلات البطالة بين الأردنيين.
وقال التقرير، إنّه على المستوى الأساسي، أصبح ميثاق الأردن، إلى حد كبير، برنامجا لإضفاء الصبغة الرسمية على سوق العمل وتحديداً بشأن العمال السوريين عبر إصدار تصاريح العمل التي أصبحت هدفا جوهريا للدول المانحة.
وقد أسفر هذا التركيز -وفقاً للتقرير - عن إضفاء صبغة رسمية على تصاريح العمل، وبأنه حل محل الهدف الأهم والأساسي، المتمثل بالحصول على العمل اللائق، والذي كان من المتصور في البداية، أن يكون أكثر جوهرية بكثير للميثاق وبرامجه.
وأكد ضرورة اجراء إصلاحات في هذا المجال، مع الإشارة إلى أنّ الإصلاحات من هذا النوع تستغرق وقتا طويلاً وتتطلب تمويلا كافيا. فيما من الضروري الاستفادة من التجارب السابقة.
الغد