الزيادة في سعر عبوات الغاز تدخل المغاربة في حيرة

تهافتت العديد من المواقع الإخبارية المغربية على نشر خبر مفاده الشروع في تطبيق الزيادة في سعر عبوات الغاز المعروفة حسب الدارجة المغربية بـ "البوطا”، وتداولت صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي تفاصيل هذه الزيادة المزعومة وردود الفعل المتباينة منها.

الغريب في الأمر أن تجار الأزمات لم يكد حبر خبر الزيادة يجف حتى سارعوا إلى الانقضاض على "الفرصة” وتخزين عبوات الغاز حتى يتم تطبيق الزيادة، ما دام الثمن لم يتغير صبيحة الإثنين فاتح نيسان/ أبريل، وبقي مجرد قرار حكومي سابق.

جدير بالذكر، أن مسألة الزيادة في ثمن عبوة الغاز خاصة من الحجم الكبير، كانت الحكومة قد اتخذت قرارا بشأنها يتمثل في زيادة 10 دراهم (أقل من دولار) سنويا إلى غاية 2026، بمعنى أن سعر القنينة من وزن 12 كيلوغراما سيتحول من 40 درهما (3 دولارات) إلى 70 درهما (6 دولارات).

قرار الزيادة يدخل في سياق عام حول رفع الدعم تدريجيا عن مواد أساسية مثل السكر والغاز، في مقابل إطلاق نظام الدعم الاجتماعي المباشر والذي شرعت في صرفه للفئات الفقيرة والهشة، وهو ما عبّر عنه عزيز أخنوش رئيس الحكومة سنة 2023 حين حديثه عن الدعم الاجتماعي ورفع الدعم عن المواد الأساسية.

ووفق أخنوش فإنه "بالنظر إلى ضعف الإنصاف الاجتماعي لنظام الدعم الحالي على مستوى استهداف الطبقات الفقيرة والهشة، وبعد شروع الحكومة في صرف الإعانات المباشرة ابتداء من كانون الأول/ ديسمبر 2023، ستعمد إلى تخصيص الهامش الناتج عن تقليص دعم المقاصة، والذي يمثل تقليصا تدريجيا، جزئيا ومحددا زمنيا ما بين 2024 و2026، لاستكمال تمويل إجراءات ورش تعميم الدعم الاجتماعي المباشر للأسر”.

"أعرف أن الزيادة قادمة لا محالة” يقول مواطن مغربي كتب تدوينة على الفيسبوك يستفسر عن حقيقة بداية السعر الجديد مع فاتح نيسان/ أبريل، لكن الجواب جاءه من مدون آخر، أكد له أن الأمر لا يتعدى كونه "كذبة أبريل” لزعزعة صيامه في العشر الأواخر من رمضان الكريم.

مدون آخر قال غاضبا، "لو زادوا وأراحونا، اللهم تلقي الضربة ولا انتظارها”، والقصد أن الزيادة مقررة في هذه السنة لكن متى، الله أعلم، وفق التقويم الحكومي في الأسعار الجديدة. مواطن رابع ينبه الجميع إلى أن خبر الزيادة "لا هو بكذبة أبريل ولا هم يحزنون”، بل هو "جس لنبض المغاربة واكتشاف رد فعلهم”، يفسر هذا "الخبير” في علم الصدمات المرتبطة بالمعيش اليومي.

بالنسبة لمدون على الفيسبوك، فقد وجد المخرج في تعميم الخبر بصيغة كل سنة، حين قال بصيغة ساخرة، "حكومة دعم الفقراء”، مبرزا أن هناك "زيادة 10 دراهم (أقل من دولار) سنويا في سعر (البوطة) أسطوانة الغاز من الحجم الكبير إلى غاية 2026.



الجدل المغربي حول عبوة الغاز اعتلى منصات التواصل الاجتماعي، ومن المدونين من اختاروا طمأنة الرأي العام ونشر تدوينات تؤكد عدم تغير السعر، وأن "ثمن التسويق اليوم بلا زيادة في المغرب حتى إشعار آخر”.

الكثير من التدوينات حشرت الخبر في خانة "كذبة أبريل”، لكن البعض قال إنها فقط كذبة اليوم لكنها غدا حقيقة، وهذا أكيد وفق قرار الحكومة في وقت سابق من عام 2023، لكن اليوم في فاتح شهر عرف بـ”سمكة أبريل”، فإنه لا تغيير في سعر "عبوة الغاز” وهو ما أكده المهنيون بعدم توصلهم "بأي إشعار من الشركات المنتجة أو أي جهة حكومية بشأن زيادة ستدخل حيز التطبيق بشأن أسعار بيع عبوات الغاز من فئة 12 كيلوغراما”.

وبالسرعة نفسها التي كتبت تدوينات الزيادة في السعر، تهاطلت تدوينات النفي، وتقاسم الجميع العبارة ذاتها "اليوم الإثنين لا زيادة في ثمن (البوطا)”، وأنه "لم يتم إقرار أي زيادة رسمية حتى الآن”، وهو ما أكده المهنيون بعدم توصلهم بأي إشعار يفيد بتغيير الثمن المعتمد حاليا.



قبل تدوينات النفي وأخبار التكذيب والتصويب، عبّر مغاربة عن غضبهم واستيائهم معتبرين "الخبر غير سار للأسف”، و”الله يكون في عون الفقير”، ومنهم من قال "نرفض أي زيادة في ثمن عبوات غاز البوتان (البوطا) الموجه للاستعمال المنزلي”، ويتابع صاحب التدوينة تعليل هذا الرفض "بالنظر إلى ما تعيشه الأسر المغربية من (تضخم غير مسبوق في السنوات الأخيرة أجهز على قدرتها الشرائية)”.


يشار إلى أن الزيادة في سعر "عبوة الغاز” منتظرة دون تحديد سقف زمني لذلك، حيث ستشرع الحكومة في تطبيقها وذلك بعد 4 أشهر من بدء صرف الدعم الاجتماعي المباشر للأسر الفقيرة والمعوزة.

وكان رئيس الحكومة عزيز أخنوش، قد أعلن قبل 5 أشهر عن قرار الزيادة في سياق توجه الحكومة إلى الإلغاء التدريجي لصندوق المقاصة الداعم لغاز البوتان، (البوتاغاز)، والسكر والدقيق.

وربطت الحكومة بين رفع سعر "البوطة” بواقع 10 دراهم (أقل من دولار) كل سنة إلى غاية 2026، بحصول الأسر الهشة والفقيرة على الدعم الاجتماعي المباشر، ابتداء من كانون الأول/ ديسمبر 2023، والذي لن يقل عن 500 درهم شهريا (49 دولارا) لكل أسرة.

ولحدود اليوم الاثنين، ما زالت الزيادة غير مطبقة، رغم صرف الدعم المباشر للأسر الفقيرة، وهو ما أكده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، أنه سيتم منح فرصة 3 أشهر للأسر المستفيدة، قبل الرفع من ثمن قنينة الغاز.

وفي سياق حديثه عن حيثيات قرار الزيادة، قال أخنوش في تصريحات سابقة، إن "عبوة الغاز” من الحجم الكبير التي تباع للمواطن بـ 40 درهما (3 دولارات)، سعرها الحقيقي يصل إلى 130 و140 درهما (12.90 و13.89 دولارا)، موضحا أن الفرق بين ثمن البيع والسعر الحقيقي تدفعه الدولة عبر صندوق المقاصة.

بالنسبة للمواطن المغربي فإنه حائر بين "كذبة أبريل” وقرار الحكومة، لكنه مستعد للغضب السريع وتصديق أي خبر تأتي به رياح الإشاعات في منصات التواصل الاجتماعي، أو اجتهادات مواقع أرادت السبق فدخلت في ادعاء زيادة لا أساس لها على أرض الواقع.