وجع الشعوب... «اقتصادي»!
عوني الداوود-يومَ توقّع، وحذّر د. طلال أبو غزالة من أزمة اقتصادية عالمية العام المقبل 2020، قامت دنيا كثيرين، ووجدوا أن في ذلك مبالغة!.
لكن يبدو أن مؤشرات الازمة بدأت مبكرة وتتفاقم مع نهايات 2019.. فثورات الشعوب - في كل دول المنطقة والعالم - أو احتجاجاتها، أو اعتصاماتها، أو إضراباتها... سمِّها ما شئت، عنوانها الرئيس اقتصادي بالدرجة الاولى.
«وجع الناس» اقتصادي، وشعاراتهم في كل مكان من العالم تكاد تكون واحدة - وانظروا الى شعارات الشارع اللبناني، أمس وأمس الأول: ( مكافحة الفساد - محاسبة الفاسدين - توظيف الشباب - لا للضرائب -... وباختصار: «بدنا انعيش»).
الوجع الاقتصادي يضغط على العالم، جرّاء حرب اقتصادية عالمية - يقلل غير الاختصاصيين من أهميتها بين أكبر اقتصاديْن في العالم: الولايات المتحدة الامريكية والصين، وتقدّر خسائر هذه الحرب حتى الآن بمئات المليارات من الدولارات.. وأصبح لهذه الحرب ارتدادات على كل دول العالم، ليدخل الاتحاد الاوروبي مؤخرًا في حرب اقتصادية تجارية مع الولايات المتحدة، وقبل ذلك كانت هناك مناوشات مع «الهند».. وغيرها، يضاف اليها تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي «بريكست».
هذه السياسة العالمية من الولايات المتحدة ألغت ما كان يمكن تسميته «المسؤولية الاجتماعية» تجاه كثير من الدول - خاصة بعد خسائر مئات المليارات وتراجع معدلات النمو لدى كبرى الاقتصادات - ليتم تنفيذ الراسمالية في أبشع صورها، تحت شعار رفعه الرئيس ترامب منذ بداية عهده «أميريكا أولا»، ومن الواضح انه كان يعني أيضًا «وأميريكا أخيرًا» وبعدها الطوفان!
مظاهر وارتدادات الحرب الاقتصادية العالمية التي يخوضها الرئيس الامريكي منذ بداية عهده انعكاساتها سياسية واجتماعية، أعادت رسم كثير من الخرائط على الارض، واعادت ترتيب تحالفات اقليمية، واعادت النظر في اتفاقيات وتفاهمات اقتصادية وتجارية في كل مكان.
هذه الحرب الاقتصادية العالمية غيرت المشهدين العالمي والاقليمي، وألغت الاهتمام والدعم الامريكي لمناطق في العالم ومنها «الشرق الاوسط»، فتغيرت خارطة التحالفات في المنطقة ووزعت المنافع والمكاسب لدول على حساب أخرى، من هنا أخذت دول كثيرة بإعادة حساباتها وفقًا للمتغيرات المتسارعة أيضًا، والتي رغم اشغالات الرئيس الامريكي بالانتخابات الرئاسية العام المقبل 2020 الا أن الحرب الاقتصادية متواصلة، لانها تشكل جزءًا مهمًا من برنامجه الانتخابي، في حين يرى منافسوه انها ستساعدهم على الاطاحة به.
المهم أن الحرب بين الكبار، يدفع ثمنها الصغار من الدول التي بدأت صرخات شعوبها تطفو على السطح بعد أن اختلفت معادلات الاهتمام وتوزيع المصالح والتبعيات.. وبات على كل دولة أن تعيد حسابات مصالحها وتعالج وجع شعوبها..»الاقتصادي»!