محللون: سياسات ترامب تقلق إسرائيل

سبب التغيير الإستراتيجي في سياسات الولايات المتحدة بالشرق الأوسط قلقا لدى إسرائيل، إذ تسارع واشنطن في الانسحاب من المنطقة، فيما يتزايد نفوذ إيران الإقليمي، وكذلك ثقتها بنفسها، إلى جانب عودة تركيا كلاعب أساسي مع تراجع دور السعودية التي أصبحت أقرب للموقف الإسرائيلي.
ويعكس الهجوم المنسوب لإيران ولجماعة الحوثي على منشآت النفط السعودية في 14 سبتمبر/أيلول الماضي، وسحب القوات الأميركية من شمال سوريا، التغيير في سياسات الإدارة الأميركية بالشرق الأوسط، إذ امتنعت واشنطن عن الرد على القصف الذي ألحق أضرارا جسيمة بحلفائها السعوديين، فيما مهدت موافقة الرئيس ترامب لسحب قوات بلاده الطريق لهجوم تركي ضد الأكراد.
ولبعث التطمينات ورسائل التهدئة، اختار وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو أن يطير إلى إسرائيل قادما من تركيا مباشرة بعد الإعلان عن التوصل بين أنقرة وواشنطن لاتفاق يقضي بتعليق العملية العسكرية التركية في سوريا.
والتقى وزير الخارجية الأميركي، رئيسَ الوزراء وزير الدفاع الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بعد ظهر اليوم الجمعة في مقر إقامته بالقدس، وحضر اللقاء كل من المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جيم جيفري، والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان، ورئيس الموساد يوسي كوهين، ورئيس هيئة الأمن القومي مائير بن شبات، والسكرتير العسكري لرئيس الوزراء العميد آفي بلوط.
وبحث الجانبان مواصلة المباحثات لتعزيز التحالف بين أميركا وإسرائيل، والتحديات الإقليمية التي يتعامل معها الجانبان، وسبل مواجهة "التوغل الإيراني" في الشرق الأوسط، وسحب القوات الأميركية من سوريا.
وقال نتنياهو مخاطبا بومبيو "أشكرك وأشكر الرئيس ترامب لدعمكما المتواصل لإسرائيل. الشرق الأوسط هو ساحة من المشاكل والاهتزازات، ولكن إن كان هناك شيء يبرز فوق كل هذا فهو استقرار ومتانة التحالف بين إسرائيل والولايات المتحدة".
**  هواجس وتهدئة
ويجمع محللون عسكريون وسياسيون بتل أبيب على أن زيارة وزير الخارجية الأميركي لإسرائيل تأتي في سياق حملة تهدئة لحلفاء واشنطن بالشرق الأوسط.
يقول المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هرئيل إن "ما يربط بين الحدثين بالسعودية وسوريا، هو التراجع الحاد في استعداد أميركا للاستثمار بالجنود والموارد في المنطقة. وهذا ما يعبر عنه ترامب الذي يعتقد أن الوقت قد حان لإنهاء ما يسميه الحروب التي لا تنتهي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط".
المخاوف والهواجس من سياسات الرئيس الأميركي في الشرق الأوسط لا تقتصر على تل أبيب فقط، وبحسب المحلل العسكري فإن "السعودية والإمارات، أقرب جيران إيران، تشعران بالقلق من عجز الولايات المتحدة. إذ يبحث كلاهما بالفعل عن طرق لتحسين علاقاتهما مع إيران على ضوء التغيرات في التوازن الإقليمي".
لكن إسرائيل أيضا لديها سبب للقلق والهواجس، يقول هرئيل إن "انسحاب الولايات المتحدة من سوريا يثير تساؤلات حول مدى التزام ترامب بالوفاء بالعهد وتقديم العون والمساعدة في حالة الطوارئ والورطة".
** قلق وتهديدات
ومع استخلاص العبر من النهج الأميركي وعدم الرد على الهجمات المنسوبة لإيران بالخليج والسعودية، يقول المراسل العسكري لصحيفة "معاريف" طال ليف رام إن "المخاوف بتل أبيب تتعزز من تخلي أميركا عن الشرق الأوسط، إذ تبدي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية قلقها العميق من نهج الإدارة الأميركية وتداعيات وآثار هذا النهج على إسرائيل".
ولفت المتحدث إلى أن قادة المؤسسة الأمنية بإسرائيل يوجهون انتقادات شديدة اللهجة لعدم رغبة الإدارة الأميركية في استعمال القوة العسكرية ردا على الهجمات والأحداث الأخيرة التي سيكون لها تداعيات على المدى البعيد.
ويرى أن "التردد الأميركي ساهم في انتهاك الإيرانيين لحرية الملاحة بالخليج وفي تعزيز نفوذها بسوريا واليمن، إلى جانب تعزيز الهيمنة الروسية في المنطقة"، مبينا أن استبدال القادة على رأس الإدارة الأميركية والسياسة غير الواضحة التي يقودها ترامب، تعيق وتصعب على الخطاب الإسرائيلي مع الولايات المتحدة.
وعلى الرغم من الوضع المعقد والمتوتر، يقول المحلل العسكري "لا تزال المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترى أن هناك هامشا يحول دون تدهور الأوضاع لحد المواجهة العسكرية على الجبهة الشمالية مع حزب الله اللبناني، فلا يزال الوضع الأمني بعيدا عن تعريفه بأنه حالة طوارئ، فيما تبقى فرص التصعيد أكثر في الجنوب على جبهة غزة".
** تغييرات وتأهب
ويرجح المحلل العسكري في موقع "والا"، أمير بوخبوط أنه بسبب التغييرات المتواصلة بالشرق الأوسط، فإن المؤسسة الأمنية ترفع حالة التأهب إلى الدرجة القصوى.
بالإضافة إلى ذلك، يقول المحلل العسكري "يشعر كبار المسؤولين السياسيين والأمنيين بقلق عميق إزاء احتمال أن يفاجئ الرئيس الأميركي إسرائيل ببيان حول انسحاب القوات العسكرية الأميركية من منطقة التنف وغيرها من الأماكن في سوريا وعلى الحدود مع العراق".
وعزا هذا القلق الإسرائيلي إلى ما ذكرته تقارير إعلامية أجنبية من أن إسرائيل تستغل الوجود الأميركي بالمنطقة لتقوم بعمليات جوية وجمع معلومات استخباراتية وشن هجمات على منطقة معبر البوكمال الذي أعيد فتحه مؤخرا" بحسب الجزيرة نت.