خطوات مثمرة لدفع المملكة نحو مكانة عالمية في الريادة والابتكار
غادة حماد- حقق شباب أردنيون إنجازات كبيرة في عالم الريادة خلال ربع القرن الماضي، في تأكيد لحقيقة أن الإيمان بالإنسان والاستثمار في الثروة البشرية، هو طريق الأمل بالمستقبل لبناء وطن ينهض بطاقات قواه الشابة.
ومنذ تسلم جلالة الملك عبدالله الثاني سلطاته الدستورية، أرسى جلالته قواعد تحفز الأردنيين صوب المحركات الجديدة في الاقتصاد، خصوصا ريادة الأعمال وإنشاء الشركات الصغيرة والمتوسطة، والدعوة إلى الابتكار والتشغيل الذاتي وإطلاق عنان خيال الإنسان نحو المستقبل.
وخلال ربع قرن من "الانتقال الكبير" للبلاد ورؤية التحديث الاقتصادي العابرة للحكومات، بات الشباب والريادة والابتكار عناوين أساسية في الأجندة الملكية، إذ حرص جلالته على اصطحاب شباب في جولاته العالمية ليتعرفوا إلى مجتمعات الأعمال الجديدة، فيما انطلقت الرؤية الملكية لقطاع ريادة الأعمال عام 2000، وفي عام 2009 افتتحت (إنديفور) فرعها في الأردن، وهي منظمة غير ربحية، لدعم رواد الأعمال والشركات الناشئة ذات التأثير العالي.
وتعزز حضور ريادة الأعمال بمبادرة جلالة الملك ودعمه لتأسيس "أويسس 500"، التي تعد أول مسرعة أعمال في المنطقة العربية، ودعمت المسرعة منذ عام 2010 واستقطبت أكثر من 190 شركة ناشئة، وخرج منها عشرات الشركات التي حققت نجاحات إقليمية وعالمية.
وفي عام 2017 أسس صندوق الريادة الأردني، بصفته شركة خاصة بقيمة 98 مليون دولار يسهم البنك المركزي الأردني بـ 48 مليون دولار منها، في حين تبلغ مساهمة البنك الدولي 50 مليون دولار، ويهدف الصندوق إلى الاستثمار في الشركات الأردنية الريادية وتوفير الدعم الاستثماري لها.
وفي عام 2022، كان هناك أكثر من 475 شركة ناشئة نشطة في الأردن وحوالي 750 ريادياً، مع أكثر من 4000 فرصة عمل عبر القطاعات، معظمها في التجارة الإلكترونية، وتكنولوجيا التعليم والتكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الصحية والإبداع والمحتوى، وثمة نشاط مرتفع أيضاً في القطاعات المستقبلية مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء.
شركات أردنية التقطت الرسائل الملكية، فصوبت نظرها نحو تعزيز مفهوم الريادة والاهتمام بالباحثين عن الإبداع، فعملت على توفير كل الممكنات لصهر الشباب وتشجيعهم على ترجمة افكارهم وابداعهم واقعاً من خلال تدريبهم وتأهيلهم ليكونوا قادرين على تأسيس شركات خاصة، نقلت الأردن إلى المستويين الإقليمي والعالمي.
وأكدت شركة زين الأردن مواصلة أداء دورها الذي بدأته منذ تأسيس قسم خاص بمسؤولية ريادة الأعمال، حيث افتتحت منصة زين للإبداع عام 2014، التي توسعت ليصل عدد فروعها اليوم إلى 8 فروع منتشرة في عدة محافظات وفي عدد من الجامعات الحكومية، لتصبح حاضنة لإبداعات وابتكارات الشباب الأردني.
ووصل عدد الشركات الناشئة التي دعمتها المنصّة منذ تأسيسها وحتى اليوم إلى 242 شركة ناشئة في مجالات وقطاعات مختلفة، إلى جانب مساهمتها في تطوير مهارات الشباب وطلّاب الجامعات والمدارس ونشر مفهوم ريادة الأعمال بينهم، وذلك من خلال عقدها لبرامج ومبادرات وجلسات تدريبية، حيث وصل عدد الفعاليات التي عقدتها المنصة إلى 5900 فعالية حضرها ما يقارب 353 الف طالب وريادي من روّاد المنصّة.
وتحرص الشركة من خلال منصّة زين للإبداع، على اطلاق برنامج "زين المبادرة" سنوياً؛ الذي يعد أحد أهم برامجها ومبادراتها لدعم الرياديين الأردنيين، من خلال تقديم الدعم النقدي الذي يصل في مجموعه إلى 160 ألف دينار، فضلاً عن الدعم اللوجستي، حيث قدّمت أخيرا دعمها لـ 9 شركات ناشئة جديدة ضمن النسخة السادسة من البرنامج.
أما شركة أورنج الأردن، فقالت إن منصتها الرئيسية لدعم الشركات الناشئة في مراحلها المبكرة "بيج"، تقدم خدماتها لبناء القدرات والمهارات والتواصل والتسويق والخدمات اللوجستية والإرشاد لمساعدة رواد الأعمال على النمو والتوسع، حيث تأسست لتسريع نمو الأعمال الناشئة بصفتها برنامجا رئيسيا ضمن مؤسسة أورنج الأردن وإحدى أبرز حاضنات الأعمال في الأردن عام 2015 بهدف تقديم الدعم للشركات الناشئة في الأردن، حيث تم تقديم الدعم ل 55 شركة ناشئة على مدار المواسم العشرة للبرنامج.
وأوضحت أورنج أن الشركات الناشئة المنضوية ضمن برنامج "بيج" تخوض غمار رحلة متكاملة من المعايير تأخذ جميع الجوانب بعين الاعتبار، ابتداء من التنسيق مع أصحاب المصلحة، مروراً بإنشاء نموذج عمل مؤثر وقابل للتطوير ويتسم بالاستدامة، وصولاً إلى إرساء الأسس للخروج بأفكار ومفاهيم تقنية قابلة للتطبيق، وبناء وتطوير منتجات وحلول مبتكرة بهدف تمكين الفريق المؤسس من العمل بصورة سليمة ومبنية على أسس راسخة.
من جهتها، بينت شركة أمنية، أن حاضنة أمنية لريادة الأعمال "ذا تانك" تأسست في العام 2014 لمساعدة رواد الأعمال للتفوّق والانتقال بأعمالهم لمستويات جديدة، حيث تقدم خدمات احتضان متكاملة تشمل الإرشاد، وتقديم الاستشارات المالية والقانونية، والمساعدة في تطوير الأعمال، والتسويق، والتشبيك مع المستثمرين، والمساعدة في الحصول على التمويل، والوصول إلى الأسواق العالمية.
وقالت أمنية ان الحاضنة قدمت الدّعم لما يزيد عن 65 شركة ناشئة خلال الأعوام 2018-2022، حيث استفاد من الخدمات المقدمة أكثر من 150 ألف مستفيد بشكل مباشر وغير مباشر، وتمثل هذا الدّعم في خدمات الإشراف لأصحاب الأعمال الناشئة وإتاحة الفرصة لهم لحضور ورشات عمل حول مختلف الموضوعات ذات العلاقة بمجال عملهم، إضافة إلى التشبيك وحضور الفعاليات والمؤتمرات العالمية ذات الصّلة، ما يمكنّهم من توسيع آفاقهم وتطوير شراكاتهم.
بدورها، قالت الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس ديكو"، إحدى المشاركات في حاضنة أمنية لريادة الأعمال، سارة الخطيب، إنها تمكنت من الاستفادة من خبراء ماليين وخبراء في مجال بناء وتصميم المواقع الإلكترونية من خلال الانضمام إلى الحاضنة، كما أن التدريب المستمر الذي حصلت عليه ساعدها في تطوير المشروع وضمان نجاحه.
وبينت أن الشركة هي منصة إلكترونية تعمل على توفير فرص عمل محلية وإقليمية لعدد من المهندسين المعماريين والمصممين الداخليين المستقلين، الذين تم اختيارهم بعناية والتأكد من كفاءتهم بدقه، من خلال ربطهم مع عملاء يبحثون عن خدمات التصميم الداخلي والتأثيث.
وقال عبدالله حمدان مؤسس منصة "كيورانز" التعليمية، التي اختيرت في النسخة السادسة من برنامج "زين المبادرة"، إن المنصة تعمل على تمكين التعليم الإلكتروني النشط في مجال الرعاية الصحية، وذلك من خلال تعليم طلبة الطب والأطباء على مرضى افتراضيين بناءً على إرشادات عالمية، بهدف تقليل الأخطاء الطبية وضمان جاهزية مقدمي الرعاية الصحية في تقييم المرضى والتفكير التشخيصي.
وأوضح أنهم يعملون حالياً على تطوير المنصة الإلكترونية برمجياً وإضافة بعض خدمات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى الحرص على تحسين واجهة المستخدم وتقديم جميع الخدمات اللازمة في المنصة، مشيرا إلى أن عدم توفر الخبرة الكافية في تنظيم سير العمل وإدارته شكل عائقاً إضافياً وحاجزاً زمنياً.
اما مؤسس تطبيق شركة "إيديوهاكس" يزن تادرس، المستفيد من منصة "بيج باي أورنج"، فقال إن الهدف الرئيس للشركة هو صياغة التعليم الأردني ليصل الى العالم، من خلال لعبة المحمول المدعومة بالذكاء الاصطناعي، "ماث مانيا" التي تشجع الأطفال على حل آلاف المسائل الرياضية، وتحويل اللعب إلى تعلم هادف.
ولفت تادرس إلى ان الشركة تلتزم بوضع الأردن على الخريطة العالمية من خلال تقديم تجربة تعليمية ممتعة في منطقة الشرق الأوسط وعلى مستوى العالم، حيث تسعى لتغذية العقول وتمكين الجيل القادم، وبناء جسور مع عالم لا حدود له في التعليم.
-- (بترا)