غياب الحوار أنتج تشويها اسمه الدولة المتآمرة والمواطن الخائن

  

زهير العزه 
حالة الغضب والغليان التي نعيشعها جميعاً نتيجة لما يجري من حرب ابادة جماعية تقوم بها العصابات النازية الصهيونية " اسرائيل " في غزة وبدعم من حليفنا الامريكي الارهابي الدولي الاول في العالم ، يبدو انها أخذت البعض منا الى مناحي خطيرة جعلتنا نبدو كشعب منقسم بين إتجاهين على الخط الفاصل الدقيق الواقع على جبهتي مواجهة داخلية .
 والواقع يكشف اننا نعيش حالة من البلبلة الرهيبة وسط هذا الجوالمحموم حيث يسود منطق الشك والحساسية المفرطة من أي حراك تقوم به الدولة وأجهزتها ، حيث ارتفع صوت واحد ضدها " وفلسطيناه لقد باعوك" ، وعلى الجانب الآخر ارتفعت أصوات تخوين المواطن الذي يتحرك في الشارع بمظاهرات ومسيرات ضد ما يجري في فلسطين وغزة من حرب إبادة جماعية وجرائم ضد الانسانية تقوم بها العصابات النازية الصهيونية بدعم من الولايات المتحدة الامريكية والغرب الاستعماري ، وهذا ما نشهده من ما انطلق من خلال ابواق إعلامية او كتاب "الجرس الخامس" ونواب معارضة "البكمات " سابقا والموجهين وغيرهم ضد المواطنين الغاضبين والمقهورين وصلت الى حد إتهام بعض أطياف السياسة الاردنية والشعب الغاضب بالعمالة لهذه الدولة أو تلك ، وأنه يقبض الاموال لتنفيذ مخططات جهنمية ، بل أن البعض أدعى انه يعرف قيمة الاموال وارقام الشيكات حتى لو كانت مصروفة وفق الارقام السرية، وكل ذلك من أجل احداث شغب يقود الى زعزعت الاستقرارالامني في البلاد لجعلها ساحة لهذه الدولة اوتلك ، بإختصار لقد وجدنا أنفسنا وسط دوامة من التشكيك .. ولم يعد أحدنا يثق بألاخر كما أن غالبية من الشعب لم تعد تعرف ما ترفض أو تقبل نتيجة حالة الضياع هذه ......!
شخصيا أعتقد جازما أن سبب كل ذلك يعود لغياب حوارحقيقي بين الحكومة والاجهزة المعنية بإدارة اوضاع البلاد والعباد ، حيث ركنت هذه المنظومة الى الحلول الامنية على حساب المصارحة والمكاشفة من خلال الحوارالوجاهي مع الاحزاب والقوى الفاعلة في الشارع، وبين الاخرين الذين لهم وجهة نظرأخرى مغايرة لما تقوم به أجهزة الحكومة ، الامر الذي أدى الى أن تقف مؤسسات الدولة في جانب "هو المتهم" من قبل الشارع ، وفي المقابل نظرت مؤسسات الدولة الى ما يجري بالشارع بإعتباره مدفوعا "عميلا " من أجل إحداث بلبلة تهز أركان الدولة برمتها ، وقد سخرت هذه الاجهزة العديد من وسائل الاعلام المحلي والخارجي وإعلاميين وبعض النواب والكتاب من أجل تشويه صورة ما يجري في الشارع بصورة مفضوحة ... وهذا في الواقع ليس صحيحا ..!
والمقلق أيضا أنه لاول مرة في تاريخنا نجد أن بعض الكتاب العرب ووسائل إعلام عربية تشن هجوما منظما على أبناء الاردن المشاركين بالحراك السلمي المعادي لما تقوم به دولة الكيان النازي الصهيوني" اسرائيل " من حرب إبادة بحق اهلنا في غزة وفي فلسطين عموما ، تحت إدعاء أنهم يخافون على الاردن وأنهم يحرصون على أمنه واسقراره وهذا كذب بالتأكيد ، بل أن هؤلاء جميعا حاولوا تصوير أن ما يجري في الاردن من وقفات إحتجاجية هو مرحلة متقدمة لانفلات امني دون أن تقوم هذه الوسائل بحث دولها على دعم الاردن اقتصاديا وماليا في ظل المعاناة التي تفرضها الاحداث على الاردنيين لو كانوا صادقين ..!، كما أن المقلق أيضا هو هذا الصمت المريب لادارة الاعلام الحكومية التي كان عليها واجب أن تقول لهذه الوسائل المغرضة حقا " اخرسوا " ، فشعبنا أحرص و"اكفونا شركم فقط ".
 قبل سنوات بعض الدول العربية غامرت وحاولت أن تجعل الاردن ساحة صراع بالتعاون مع امريكا ودولة الكيان النازي الصهيوني "اسرائيل"، ولا داعي للتذكير بحجم الاموال التي انفقتها هذه الدول في العام 70 لتحقيق هذه الغاية" ، لولا ان الله جعل من قيادتنا انذاك بشخص الراحل الكبير جلالة الملك الحسين رحمه الله يتنبه لحجم المؤامرة ويحسم الامورعلى الارض لما كان الاردن قد خرج من تلك المؤامرة سالما ، وقد حاولوا ايضا في العام 1989 فيما عرف حينها احتجاجات نيسان "بهبة نيسان" حيث أنفقت الاموال من أجل زعزعت الاستقرار ،وكل ذلك كان لأن الاردن بقيادة المغفور له جلالة الملك الحسين رحمه الله اراد أن يوحد جهود الدول العربية الفاعلة وذات الكثافة السكانية "مصر العراق اليمن والاردن " من أجل حشد الجهود لمواجهة الاخطار الخارجية ،الا أن دولا عربية وامريكا واسرائيل رأت في مشروع مجلس التعاون العربي تهديدا لها، وقد تم استغلال بعض الظروف الاقتصادية وتم تفجير الاوضاع ، وهذا ما تعرض له الامير عبد الله ابن الحسين رحمه الله مطلع العشرينيات من القرن الماضي ايضا " من يريد فليراجع الوثائق البريطانية ومنها وثائق بيرسي كوكس"، ولا يمكن ان ننسى الضغوط التي واجهها الملك عبد الله الثاني خاصة ما يتعلق بصفقة القرن التي كان هدفها انهاء شيء اسمه الشعب الفلسطيني وتذويبه في بلدان العالم العربي لصالح دولة الكيان النازي الصهيونية " اسرائيل" . 
واليوم ومن خلال العدوان النازي الاجرامي الصهيوني على غزة تحاول هذه الدول ذاتها وللأسف ومن خلال مواقف كاذبة ومواقف كتابها "المأزومين ديمقراطيا والمأجورين " تجاهنا ، ومأجوريهم بالداخل الاردني أن تغامر مرة أخرى لجعل الاردن ساحة صراع تمتص كل احتقانات المنطقة ما يدفع به نحو الانفجارلتشكيل ارضية او فرصة للمزيد من مشاريع التهويد والاستيطان في الضفة الغربية والمستمرة حتى كتابة هذه السطور، ولتكن النتيجة كما يرون كسر الاردن للمضي بمشروع الوطن البديل والذي اكدته تؤكده كل الادارات الامريكية المتعاقبة ، وما الموقف الامريكي ضد الاعتراف بالدولة الفلسطينية قبل أيام في مجلس الامن الا تعبيرعن ذلك ....." ومن يريد ان يعرف اكثر فليراجع مذكرات جيمي كارتر". 
 واليوم ايضا نقول ان القيادات الأردنية الرسمية وقيادات الاحزاب والنقابات والشخصيات الفاعلة شعبيا مدعوّة الأن للانتباه لخطورة ما يخطط وما يدبر للأردن وإطلاق تحرك إستباقي لمواجهة المخاطر، لذلك المطلوب أن نجلس على طاولة حوار توضح فيها الامور بشفافية وتحدد فيها المخاطرالتي تهدّد مصير الدولة الأردنية وجودياً، فالمنطقة تغلي والمشروع الأميركي الصهيوني النازي يحتاج إلى ساحة تختزن الانفجار المقبل وما نراه هو طبق مسموم يعدّ ليكون ضربة قاضية للأردن.
عشنا سابقا الفتنه بكل معانيها وسوداويتها والامها , وشخصيا عشت تفاصيل لم يدركها أو يعرفها بعض من يتصدرون المشهد نيابيا وسياسيا او كتاب ومحللي "بكبات المعارضة سابقا" وكتاب الغفلة من الانتهازيين والذين يضللون الرأي العام والمؤسسات ، "وقد كتبت عن ذلك سابقا بالتفاصيل" ، وبالتالي فأن شعبنا هو الاكثر حرصا على عدم تكرار الاخطاء الصغيرة التي قد تأخذنا الى الانهيارات الكبيره ، فالمظاهرات والمسيرات والاعتصامات هي حق للمواطن للتعبيرعن مطالبه وهي مكفوله دستوريا، ويعبر عنها بكل سلمية واحترام ، والحكومه وأجهزتها مطالبه بحمايتها وتسهيل اقامتها , في اطار القانون الذي ينظم هذه الفعاليات والنشاطات المطلبيه السياسية وخاصة تلك المتعلقة بفلسطين وغيرها .
 ان قيادتنا منتبهة لحجم مخاطرالحمل الثقيل الذي تسعى الولايات المتحدة والغرب وبعض العرب عموما لزج الأردن تحت أعبائه، بل أن بعض هذه الاحمال يفرض فرضا تحت تهديد الحرمان من المساعدات ومواجهة عقوبات في ظل غياب الدعم المالي والاقتصادي العربي وايضا السياسي،وشعبنا يدرك جزاء من هذا الملف الذي يجب على المؤسسات توضيحه من خلال الحوار الوجاهي، فلا دولتنا متآمرة ولا المواطن خائن ، وما الاختلاف الا نقطة مضيئة في مسيرتنا الديمقراطية يجب على مؤسسات الدولة استغلالها كورقة ترفع بوجه الخارج، وتحويل المعالجة لأية اخطاء تقع في الشارع من الامني الى السياسي باعتبار ان الأمن في جوهره سياسيّ ، كما ان القوى المعارضة مطالبة بالكف عن جلد الذات بقسوة تجعلنا مكشوفين امام المستثمرين بأزمة ما يواجهه أهلنا في غزة من حرب إبادة لم يشهدها التاريخ من قبل .