(فلسطين ٠٠ نابلس ٠٠غسان دغلس) نسائم الروح ونشيد التحرير

خاص : المحرر
ما إن تذكر نابلس حتى يتراءى لي سوقها المغلق وحاراتها العتيقة ونشيد " تحرير الجزائر" .. يتراءى لي هوانم نابلس بادئاً بالعزف تهتز في أيديهم خشخشات النراجيل وسيف أعجمي علاه الصدأ كأنما نزعوا من اقحوانة بيضاء كبيرة أنقى من الحليب، أصفى من الغيم تُرى هل يليق بياضهم كفن! كما فعلت وتفعل يومياً القوات الإسرائيلية في اقتحامتها لنابلس ، هنا استذكر ما قاله الشهيد غسان كنفاني لماذا لم يدقوا الخزان في روايته الشهيرة" رجال في الشمس"، عنواناً مأساوياً تكشف عن وجه واحد فقط عن وجوه مأساة الفلسطيني .. 

غسان دغلس طرق الخزان، ولم ينتظر احدًا، يخبره أن نابلس تحتاج لرجال عرفوا أن الصمت عار، والسكوت على ممارسات المحتل الأسرائيلي خيانة ، استذكرت الآن وأنا أصارع بياض الورق ماكنت اسمعه من ابن نابلس الموسيقار العالمي روحي خماس، الذي اطرب العالم بمقطوعاته الموسيقية، الذي عاش حراً منذ كان الكون حراً، ولا أزال عجباً لمعتوه " إسرائيلي" يصدّق أن تقيدني سلاسل أو حبال، وتلغي ذاكرتي وتاريخي٠

إنها نابلس غسان دغلس لو لمست أرضها لمساً لأستفاضت بالشهداء، والرجال الذين كتبوا تاريخها بدمائهم٠ التي سالت نصالاتهم حارّة متدفقة، منذ أن عرفت نابلس جبل النار التي واجهت حملات نابليون الإستعمارية، هذه نابلس الذي عرفها ويعرفها المناضل غسان دغلس - محافظها ٠٠ مقاوماً شرساً في مواجهة الأحتلال الإسرائيلي ومن خلفهم قطعان المستوطنين، فعلاً في وقف الأعتداءات على شعبنا الفلسطيني٠

دغلس خاطب العالم، وكلماته منبراً منتصرًا، لا يركن للصمت وقت المصاعب، فتره يتنقل بين قراها، مشاركاً أهاليها أفراحهم وأطراحهم، رغم طنين الدبابات والمجازر الدموية اليومية التي يرتكبها في ليليه المخبول، ولكن غسان دغلس في المرصاد متراساً وخندقاً، يتفقد احوال الأهالي، ويشكل لجان للمواجهة، لا يؤمن الجلوس في المكاتب المخملية، يعتلي المنابر محذراً ومؤكدًا أن الصليب الفلسطيني سينتصر، ونابلس بوابة الإنتصار والتحرير ، يتفقد أسرى الحرية، ويسمع لهم لما عانوه من ويلات الأعتقال، في زنازين الصهاينة، هذه الزنزانة  كلمة من مقطعين أحرفها ضائعة بين ثنايا الوجع الفلسطيني، الذي اصبح جزءًا من ثقافة الفلسطيني، الذي يتعرض للابادة الجماعية منذ العام ١٩٤٨ وحتى اليوم في العدوان على غزتنا٠

أفعال غسان دغلس تشي أن نابلس جنّة، ألا تستحق منا الدماء؟ لم يتمهل حين يمضي في توديع شهدائها، ويردد أن هذه الارض رملاً تحتها ألف شهيد وشهيد نائم والأرض حبلى لاتؤذهم بالخوف والتردد  لمواجهة عدوك الأسرائيلي، يا ابن الشهيد كفاك حزنا لا تمنح وطنك الجميل لأحد لو منحوك الكون سهلاً، في عصر تسكت فيه الألسنة لتتحدث الأجساد، تفّتح الفجور ، وحلّقت الظلمات، ثمة مواجهة يومية بين غسان دغلس والمحتل الأسرائيلي، الذي يأخذ تعاملاً نضالياً٠

هنا نتعرف على صراع ومأساة الفلسطيني الفاقد لفلذة كبده، غسان دغلس يكون الصدر الرحب لوالد شهيد، وطفلة ودّعت والدها شهيداً، يسقيهما من روحه صبرّا،
غسان دغلس الحاضر وداعاً واستقبالاً لحجاج بيت الله الحرام، من أهالي نابلس، هتفوا في بيت الله عاشت فلسطين، إنه سحر حلال، فيه مهابة الطرفين فلسطين وغسان٠

حقاً انها نابلس ٠٠ مهوى الأفئدة والعقول والوجدان، التي عرفت غسان دغلس، وعرفها إنها الحلم والإنتصار اليقين٠
غسان دغلس ربيعها الجديد، الذي أيقظها من سباتها الطارئ ٠٠ هذه نابلس التي نحبها وتحبنا ٠٠ وهذا عهدنا ببيسان وبرقا وجبل النار ودغلس دائما وأبدأ منذ أن سطعت شمسها الذهب، ودغلس ظِلها الذي يتفيأ به أهالي نابلس ،