عندما يتحدث الكبار..
امان السائح - الحديث ليس عن مضمون خطاب لجلالة الملكة، وحالة من العتب والغضب تعتري تلك السطور التي خطتها بيد من قلق وتوتر مشروع من قبل جلالتها على مستقبل الوطن، وحالة من الرفض لما يتم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من اساءات وتنمر، والالقاء بتهم وتساؤلات وتكهنات، واثارة الشارع تجاه اي شيئ ممكن ان يحصل.. لكن الا الخطوط الحمر..
حديث جلالة الملكة، كان مختلفا، كان يحمل خطابا موجها مدروسا، دقيقا شفافا، الى كل فئات الشعب بكل اطيافه وثقافاته، وطباعه وسلوكه ومستوى تفكيره، وتعليمه..خطاب نموذج لا بد ان نتعلم من تفاصيله، ونقرأ بين سطوره، وننظر للعالم عبر نافذة واسعة، لا من خلال ثقب صغير من نافذه زنزانة لا ترى الشمس ولا تهب عليها نسائم الهواء، علينا ان نعمق النظرة ونحولها الى شمولية..
خطاب جلالة الملكة، كان بسيطا جدا، واضحا بامتياز، كلمات مدروسة، منمقة لا تحمل اساءة، تجسد لقبول الاخر، وتوجه انظارنا جميعا الى ضرورة قراءة الخطاب الالكتروني بكل مناهجه ليكون دقيقا، وليحمل توثيقا، وليجسد حالة قبول للرأي والرأي الاخر، وان يكون على قدر همة اهل الاردن وطباعهم التي طالما تعودنا عليها..
خطاب جلالة الملكة والتي ارتأت ان تبثه عبر ايضا مواقع التواصل الاجتماعي، لا ان يخرج من مكتبها بشكل ممنهج، كانت حركته مدروسة ايضا، بأن، يخاطب كل الفئات الالكترونية، وان يقرأ داخل قلوبهم وافكارهم، وان يوجه البوصلة نحوهم، بأن توقفوا عن الاساءات، توقفوا عن اتهام الآخر، اقرأوا صفحات القلوب والنوايا قبل ان تقرأوا العناوين، ولا تبدأوا بالشتم والسب وتضطروا الى التبرير والاعتذار وتوضيح المواقف.
خطاب جلالة الملكة، هو قول فصل حول وقف التنمر فورا، وقف كل اشكال تضليل الحقائق عبر وسائل التواصل الاجتماعي، وقف كما قالت جلالتها استباحة التنمر والتشكيك واحباط النجاح، والتجييش والاساءة..
خطاب جلالتها هو تجسيد لضرورة وقف الاساءات بكل اشكالها، والايمان ان هنالك ايضا خطا احمر علينا ان لا نتجاوزه تحت اي ظرف، وكانت واضحة جلالتها وهي تؤكد انها تقبل وتحترم الاختلاف بالرأي لكنها لا تقبل الاساءة ونحن كذلك لا نقبل اية اساءات، او تقييم للآخر، ونحن لا نمتلك مقومات التقييم ربما !!
خطاب جلالتها الذي كان بمثابة توجيه دافئ « وفشة قلب» تدخل الى القلب مباشرة، علينا ان نتوقف عندها مليا، وان نسلطها على ما يحصل في حياتنا الافتراضية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لنغير انفسنا، نغير خطابنا، نحول نظرتنا الهجومية التهكمية، والتجييشية نحو الكثيرين، الى خطاب تفاهمي، خطاب قبول للآخر، خطاب عقل لعقل، وتجسيد فكرة النقاش، وتعزيز الرأي الآخر، الذي يعزز الديمقراطية ويقوي وجهات النظر.
خطاب جلالتها فاجأنا بجرأته، بساطته، رسائله الالكترونية الموجهة، تأكيدها على قضية التنمر، رفض الاخر، القبول بوجهات النظر المختلفة..
حديث جلالتها يؤكد اصل حكاية وطننا، وعلينا ان نقيم انفسنا مرات كثيرة.