الكويت وبرنامج التحصين !

د.حازم قشوع
 
قد لا توجد دولة خليجية اقترن نظامها السياسي بالمؤسسة البرلمانية كما الكويت، حيث تعتبر الكويت رائدة في العمل البرلماني في الخليج العربي وهو ما ميزها عن غيرها من المجتمعات وجعلها تصبح نموذجا للحريات والتعددية السياسية وهذا ما جعل الكثير من المتابعين للشأن الخليجي يصفون الكويت بالدولة الريادية في النهج الديمقراطي التعددي على الرغم من عدم وجود تشريع  للأحزاب السياسية إلا أن دواوين الكويت او ما يعرف بمجتمع القبيله قامت بسد هذا الجانب الأمر الذي جعل من مناخات الحرية والتعددية حاضرة في الحاضنة الاجتماعية.
 
وهي النماذج التي راحت لتأسيس العمل العام وتشكل حاضنة داعمة للنظام السياسي الكويتي مما حافظ عليه وجعله عصي على الاختراق كما شكل النهج البرلماني للكويت علامة تميز نيابية جعلته يصبح أحد أهم الانجازات الكويتيه للنظام السياسي الدولة القادرة للمحافظة على حالة التعددية والمؤسسة البرلمانية هي بالتأكيد دولة قوية تمتلك أحد أهم عوامل الحاكمية الرشيدة في صناعة القرار وصياغته بعدما جعل الكويت ترسم صورة برلمانية وضاءة بين المجتمعات العربية كما تشكل نموذج نيابي عز نظيره في المنطقة الأمر الذي جعل الحياة السياسية والمؤسسة البرلمانية تعتبر من أهم إنجازات الدولة كما النموذج النيابي التي كان قد كفله وصانه الدستور وجعله يقرن بالنظام السياسي للدولة ويشارك السلطة بقرارها ضمن توازن منضبط ذهب الى تعزيز النظام السياسي في الكويت منذ النشأة وإعلان الاستقلال.
 
وهو النظام الذى كان له انعكاسات ايجابية على حواضن العمل الثقافية والنمائية كما التنموية حيث شكل هذا العمل النيابي وأجواء الحرية مناخات داعمة للحركة الثقافية والرياضيه والفنيه والمسرحية سيما وأن التعددية الديمقراطية خلقت أجواء تنافسية ابداعية وهو ما جعل الكويت تتميز بعناوين ريادية جعلتها رائد بالاستثمار وبناء الثقة بين بيت الحكم والحواضن الشعبية الأمر الذي عزز ثقافة سيادة القانون وأظهر حالات من المساءلة بروح من الشفافية.
 
 والذى أدى الى تميز البرلمان الكويتي بالأداء على المستوى الداخلي وأصبح الأقدر على امتصاص حركة المجتمع وحراكه والتعبير عنه بإطار مؤسسة البرلمان وكما راح مجلس الأمة الكويتي  يقدم منبرا سياسيا داعما لرسالة الأمة وقضاياها على الصعيد العربي والدولي وهو ما جعل من البرلمان الكويتي يشكل أمثولة بالتعددية البرلمانية ويكون ايقونه للعمل النيابي الواسع الصلاحيات الدستورية التى يتمتع بها مما جعله قادر لتقديم التطلعات الشعبية الكويتية ضمن صوره برلمانية مميزة بالمحافل البرلمانية العربية والدولية.
 
ويعود العمل في البرلمان الكويتي الى بداية استقلال دولة الكويت عام 1961 عندما استقلت الكويت عن بريطانيا بعد مفاوضات مضنية قام الشيخ عبدالله السالم الصباح فى حينها باتخاذ خطوات إجرائية من شأنها تحصين بيت القرار الكويتي عن بريطانيا حيث قام بإنشاء المجلس التأسيسي الذي قام بدوره بصياغة الدستور ثم إقراره عام 1962 تجري أول انتخابات عام 1963 ومنذ بداية انعقاد المجلس قدم مجلس الأمة صوره داعمة لاستقلالية بيت القرار الكويتي كما يشكل رافعة حقيقية للدولة الكويتية وقراراتها السياسية التي كانت دائما تحمل علامة تميز عن غيرها من مجتمعات المنطقة مشكلا بذلك رافعة حقيقية لكويت الدولة على الرغم من مرور البرلمان الكويتي بحالات تعطيل أثناء مسيرته نتيجة عوامل موضوعية لكن سرعان ما كان يعود من بعدها للاستمرارية عبر الحركة الشعبية التى ميزتها "دواوين الأثنين" عندما راحت لتؤكد على أهمية البرلمان في بناء دولة الكويت الدستورية ليعود المجلس للانعقاد عام 1992 بعد الغزو لتحصين بيت القرار الكويتي من جديد.
 
وهى الصورة التى تؤكد على أهمية البرلمان الكويتي في كل المنعطفات السياسية التى مرت على الكويت كما تؤكد على مكانة هذه المؤسسه العريقه فى دعم الكويت ورسالتها بالديمقراطية التعددية على الرغم من المفاصل الموضوعية والذاتية التي مرت على الكويت لكن قوة الكويت والتفاف حواضنها الشعبية جعلتها دائما اقوى من كل التحديات التى مرت على هذه الدولة التى تقع على رأس الخليج وتشكل له "الدانه" التى ينشدها الجميع بالنموذج السياسي الفريد.
 
ولعل قرار الأمير الشيخ مشعل الجابر الصباح جاء من أجل المحافظة على البرلمان الكويتي من التجاذبات مع الأسرة الحاكمة عندما قام بإيجاد فترة تحصين عبر برنامج عمل إصلاحي قويم حتى يعاد ضمن فترة التحصين من صيانة الدستور الكويتي بما يحمي المؤسسة البرلمانية من جهة ويجعل العلاقة بين المؤسسات الدستورية وبيت القرار أكثر توازنا واتزان ليعود خلال فترة الأربع سنوات التحصينية لعودة مجلس الامة الكويتي للانعقاد والعمل من جديد وذلك بعد انتهاء موجة "رياح التغيير الجيوسياسية" التي تعصف بالمنطقة واخذت تأثر اسقاطاتها على الحواضن البرلمانية بالاستقطاب داخل تيارات مجلس الأمة الكويتي كما يصف ذلك متابعين.
 
وهى الخطوة التى وصفت ب "الخطوة التحصينيه" التي تسمح باختيار ولي العهد من دون حالات شد كما تسمح بعودة الهدوء لبيت القرار الكويتي وتخفف من وطأة المشاحنات السياسية التي أخذت بالتصاعد في مرحلة تتعرض فيها المنطقة لموجات ومتغيرات عاصفة،  لتبقى الكويت بلد التعددية والحرية كما تريد الإرادة الشعبية وكما يصبوا اليها امير الأمان وبرنامج التحصين فى برنامج حماية مؤسسات صنع القرار والذى قام ببيانه الأمير مشعل الصباح اثر لقائه بالأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس للتأكيد على منهجية عمله لتبقى الكويت بلد البرلمان والحرية.