المشاركات الدولية والعربية في مهرجان كان السينمائي
بدأت في 14 آيار/مايو الدورة السابعة والسبعين من مهرجان كان السينمائي، التظاهرة السينمائية الأكبر في العالم، ورويدا رويدا بدأت تكشف لنا عما تحمله من أفلام مرتقبة، حيث عّرض بالفعل فيلم «ميغالوبولوس» الفيلم المرتقب للغاية للمخرج فرانسيس فورد كوبولا، صاحب «العراب» و«المحادثة» و«نهاية العالم الآن».
وما زلنا في انتظار أن يكشف المهرجان عن المزيد من النفائس، ومن بينها فيلم «أنواع من الطيبة» لليوناني يورغوس لانتيموس، الحاصل على الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا العام الماضي عن فيلمه «مخلوقات مسكينة». وما زلنا أيضا نترقب فيلم «إميليا بيريز» للفرنسي جاك أوديار، الحاصل عن السعفة الذهبية للمهرجان عن فيلمه «ديبان».
وقد يترقب النقاد وعشاق السينما أفلام كبار المخرجين، وقد يتكهنون بفوز هذا أو ذاك من المخرجين، ولكن قد تأتينا هذه الدورة بمفاجآت تقلب الموازين، كما حدث في عام 2021 حين فازت بالسعفة الذهبية المخرجة الفرنسية جوليا دوكورنو عن فيلمها المجنون الصادم «تيتان».
وعلى صعيد التكريمات، فقد شهدت هذه الدورة تكريم النجمة الشهيرة ميريل ستريب بسعفة فخرية عن مجمل إنجازاتها السينمائية، وقدمت لها الجائزة جولييت بينوش أحد أبرز ممثلات السينما الفرنسية والعالمية.
وبعد نحو أربعة عقود ونيف على حصوله على السعفة عن فيلمه «نهاية العالم الآن» وبعد مرور أكثر من عقد لم يقدم فيه أي فيلم جديد، يعود كوبولا هذا العام بـ «ميغالوبولوس» الفيلم الذي يحمل فيه وصيته الفكرية والإبداعية والإنسانية للعالم، والذي يستشرف فيه مستقبل أمريكا، عاقدا فيه المقارنات بين ماضي الإمبراطورية الرومانية وواقع الولايات المتحدة ومستقبلها. إنه فيلم يجد فيه كوبولا أوجه التشابه بين المكائد السياسية والصراع على السلطة في روما القديمة مع المعترك السياسي في الولايات المتحدة حاليا، ولكنه ينتصر لرؤية اليوتوبيا، أو المدينة الفاضلة، التي تزخر بالفن والإبداع والتي يعيش الناس في كنفها في هدوء وأمن واستقرار.
وتضم المسابقة الرسمية للمهرجان 22 فيلما، تتنافس على السعفة الذهبية، التي ستمنحها لجنة التحكيم برئاسة الممثلة والمخرجة الأمريكية غريتا غرويغ، صاحبة فيلم «باربي». وتضم لجنة التحكيم عددا من أبرز المخرجين والممثلين في العالم، من بينهم هيروكازوا كورييدا، الحائز على السعفة الذهبية للمهرجان عن فيلمه «سارقو المتاجر» وكاتبة السيناريو والممثلة التركية إيبرو جيلان، والمخرجة اللبنانية نادين لبكي، والممثل الإيطالي فرانشيسكو فافينو، والممثلة الفرنسبة إيفا غرين، والممثلة الأمريكية ليلي غلادستون.
وبعد دورتين من فوز المخرجة الفرنسية جوليا دوكونو بالسعفة عن فيلمها «تيتان» عام 2021 وفوز المخرجة الفرنسية أيضا جوستين ترييه بالسعفة الذهبية العام الماضي عن فيلمها «تشريح سقوط» تشارك أربع مخرجات نساء في المسابقة الرسمية لهذا العام، وهو ليس بالعدد الكبير من المخرجات، إذا ما قورن بعدد الأفلام المشاركة في المسابقة الرسمية لمخرجين رجال. من أبرز المخرجات في المسابقة الرسمية أندريا أرنولد، صاحبة «أميريكان هاني» و«فيش تانك» والتي تشارك في المهرجان هذا العام بفيلمها «بيرد» والذي تدور أحداثه حول فتاة صغيرة تدعى بيلي الرفقة والصحبة والتفهم مع رجل غريب الأطوار يدعى بيرد، تتعلم منه الكثير في مرحلة شبوبها عن الطوق. من المخرجات المشاركات في المسابقة الرسمية أيضا المخرجة الفرنسية أغات رييدانجيه بفيلمها الروائي الطويل الأول «ألماس خالص» وهو عن فتاة تدعى ليان تبحث عن الخلاص من واقعها الصعب وتحلم بالشهرة والثراء عن طريق المشاركة في أحد برامج تلفزيون الواقع.
وأكثر فيلم فرنسي مرتقب في المسابقة هو فيلم «إيميليا بيريز» للمخضرم جاك أوديار، صاحب السعفة عام 2015 عن فيلم «ديبان» وصاحب فيلم «نبي» وفيلم «صدأ وعظم». جديد أوديار يختلف عن أفلامه السابقة، فهو فيلم كوميدي غناني من بطولة النجمة الأمريكية سيلينا غوميز والإسبانية كارلا صوفيا غاسكون، التي كانت في السابق تدعى كارلوس غاسكون قبل تحويل الجنس. تدور أحداث الفيلم عن محامية شابة (تقوم بدورها سيلينا غوميز) تساعد رجل عصابات خطير في تحقيق حلمه في التحول إلى امرأة عن طريق إجراء عملية لتغيير الجنس.
أيقونة عالم السينما
من المشاركات الفرنسية المرتقبة أيضا فيلم «مارشيلو ميو» للمخرج كريستوف أونوريه. الفيلم من بطولة كيارا ماستريوني، إبنة أسطورة السينما الإيطالية ونجمها الأكبر مارشيلو ماستريوني، بطل «ثمانية ونصف» و«الحياة الحلوة» لفيدريكو فيلليني. تدور أحداث الفيلم عن كيارا، التي تقرر أن ترتدي أزياء والدها وتتقمص حركاته وشخصيته، حتى أن المحيطين بها بدأوا يظنون حقا أنها مارشيلو. ولا يسعنا القول إلا أن مارشيلو ماستريوني أيقونة من أيقونات عالم السينما، الذي يأتي إسمه صنوا لأعوام من الحنين وعشق السينما، وأننا نتطلع إلى أن نرى طيفه من جديد على الشاشة مجسدا في صورة ابنته.
السينما الأمريكية حاضرة بقوة هذا العام في مهرجان كان. ولا يسعنا إلا أن نبدأ بالمخضرم الكبير بول شريدر، صاحب سيناريو «سائق التاكسي» لمارتن سكورسيزي. يشارك شريدر في المسابقة الرسمية لهذا العام بفيلمه «أوه كندا» وهو من بطولة ريتشارد غير وأوما ثيرمان. الفيلم مقتبس عن رواية لراسل بانكس، ويروي قصة مقابلة أخيرة يجريها صانع أفلام وثائقية كندي من أصل أمريكي، ويروي خلالها حكاية فراره من التجنيد والسفر للحرب في فييتنام عن طريق الهروب لكندا.
الفيلم الأمريكي الثاني في المسابقة هو «المتدرب» للمخرج السويدي من أصول إيرانية علي عباسي، صاحب فيلم «عنكبوت مقدس». يخوض عباسي أول تجاربه باللغة الانكليزية، وتدور أحداثه عن أحد أشهر الشخصيات الأمريكية إثارة للجدل، حتى أن المؤتمر الصحافي للجنة التحكيم في المهرجان لم يخل من سؤال عنه. الشخصية الجدلية المقصودة هي دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة. وتدور أحداث الفيلم حول ترامب أثناء عمله في مجال العقارات، ويستقي اسمه من برنامج تلفزيوني شهير بنفس الاسم، وساهم هذا البرنامج في رسم الصورة الإعلامية لترامب. يسلط الفيلم الضوء على السنوات الأولى لحياة ترامب العملية، ويجسد شخصيته الممثل ساباستيان ستان. يصور الفيلم علاقة ترامب بالمدعي العام روي كوهين، وكيف أدى التحالف بينهما إلى تأسيس إمبراطورية اقتصادية كبرى.
«مخلوقات مسكينة»
بالأمس أثناء الاصطفاف لدخول قاعة السينما لدخول أحد أفلام المهرجان، لمحنا مجموعة من الشباب من عشاق السينما يحملون حقائب قماشية عليها الملصق الترويجي لفيلم «مخلوقات مسكينة» ليرغوس لانتيموس، ذلك الفيلم الذي حظي عام 2023 بأربع جوائز أوسكار وبجائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا، وحصلت إيما ستون عن دورها فيه على جائزة أوسكار أفضل ممثلة. محملا بالنجاح الكبير لفيله العام الماضي، يعود لانتيموس إلى كان هذا العام بفيلمه «أنواع من الطيبة» وهو من بطولة إيما ستون، واحدة من ممثلاته الأثيرات، ويشاركها البطولة ويليم دافو، الذي شارك أيضا في بطولة «مخلوقات مسكينة». وسبق للانتيموس أن فاز بجائزة مسابقة «نظرة ما» في مهرجان كان عن فيلمه «دوغتوث» عام 2009 وفاز بجائزة السيناريو في المهرجان عن فيلمه «قتل غزال مقدس» عام 2017 فهل تراه يفوز هذا العام بالسعفة، مدعوما بنجاحاته السابقة؟
يتألف «أنواع الطيبة» من ثلاث قصص. رجل يسعى للتخلص من مصيره المحدد سلفا، ولكن هل يسعده هذا التحرر؟ والقصة الثانية عن رجل تساوره الشكوك في هوية زوجته بعد تعرضها لحادث غرق. والقصة الثالثة عن امرأة تسعى للبحث عن فتاة غير عادية ذات سمات خاصة لتكون مرشدة روحية. تجعلنا تلك القصص نتساءل عن الرابط بينها، هل هي حقا منفصلة أم هناك رابط بينها؟
أما كندا فتأتينا منها مشاركة المخرج المخضرم ديفيد كروننبرغ، بعد مشاركته في مهرجان كان عام 2022 بفيلمه «جرائم المستقبل» يعود كروننبرغ إلى كان هذا العام بفيلمه «أكفان» من بطولة فانسان كاسيل وديان كروغر وغاي بيرس. اشتهر كروننبرغ بأفلام رعب الجسد مثل «فيديودروم» و«جرائم المستقبل» و«الذبابة» ونال جائزة لجنة التحكيم الخاصة في كان عن فيلمه «تصادم» عام 1996. أما فيلمه «أكفان» المشارك في المسابقة هذا العام، فتدور أحداثه حول رجل أعمال فقد زوجته يبتكر جهازا للتواصل مع الموتى.
أما عن الحضور العربي في المهرجان، يشارك الفيلم المصري «رفعت عيني للسماء» من إخراج ندى رياض وأيمن الأمير، في المسابقة الرسمية لقسم أسبوع النقاد. وهو فيلم وثائقي طويل تدور أحداثه حول مجموعة من الفتيات القبطيات ومشروعهن المسرحي في قرية من قرى صعيد مصر.
وفي سابقة هي الأولى من نوعها، يشارك الفيلم السعودي «نورة» من إخراج توفيق الزايدي، في مسابقة نظرة ما. تدور أحداث الفيلم في التسعينات حول فتاة نابهة طموحة تحب الفن، وتتغير حياتها حين قدوم معلم جديد إلى قريتها النائية.
نسرين سيد احمد