المملكـة حـصـن صلب أمام محاولات العبث بأمنها

كتب - ليث فياض العسّاف

مع تصاعد التحديات الأمنية في المنطقة، أعلن مصدر مسؤول عن نجاحات الأجهزة الأمنية الأردنية في التصدي لمحاولات تهريب الأسلحة إلى المملكة. في تصريحاته الأخيرة، أوضح المصدر أن الأسلحة المضبوطة كانت معدة للتهريب، حيث تم القبض على أعضاء خلية أردنية في أواخر شهر آذار الماضي، وما زالت التحقيقات مستمرة للكشف عن مزيد من التفاصيل المتعلقة بهذه العملية.

وأشار المصدر إلى أن الجهود الأمنية شملت تحجيم محاولات تهريب أسلحة متنوعة، من بينها الألغام الكلايمور، المتفجرات C4 والسمتكس، بنادق كلاشينكوف، وصواريخ كاتيوشا عيار 107 ملم. تقييم خبراء الأمن هذه الجهود وتأثيرها المحتمل على الأمن الوطني يعتمد على سياق المنطقة وتطورات الأحداث.

 «الدستور» تستعرض مع خبراء مختصين في مجال الأمن والدفاع تفاصيل هذه الجهود وتأثير محاولات التهريب المحتمل على الأمن الوطني.

  تهديد متجدد وفعالية أمنية.

 نائب رئيس هيئة الأركان الأسبق الفريق د. قاصد محمود.

 «هذا العمل ليس جديدًا، فهو تهديد وتحد كبير للأمن الوطني الأردني وقائم منذ سنوات طويلة، لكنه تعمق وازداد حدة في السنوات الماضية، ويزداد حدة في كل عام عن سابقه. بغض النظر عن النوايا، عندما تصل الأمور إلى تهريب الأسلحة والمتفجرات تصبح المسألة لا تحتمل التأويلات. عمليًا، هذا التهديد قائم وخطير».

وأوضح محمود أن منظومة أمن الحدود الأردنية من أحدث وأكفأ أنظمة الحدود على مستوى العالم، مجهزة تجهيزًا فنيًا عاليًا على جميع المستويات، وقادرة على رصد وتحديد وتتبع والوصول إلى نتائج حقيقية. بالتالي، النجاح في مواجهة هذا التحدي موجود بنسبة عالية جدًا. وأضاف: «التأويلات حول أسباب هذا التهديد لا تعنينا حقيقة، ففي البعد الأمني لا يوجد حسن نوايا، ويجب أن تُتخذ الإجراءات المطلوبة وهذا ما يتم».

وأشار إلى أن الاشتباك وارد، وقواعد الاشتباك تم تطويرها وتحديثها وزيادة حدتها لتصل إلى درجة الاشتباك المباشر، قائلا، «الرهان هنا على البعد الأمني العسكري والقدرات الأمنية الوطنية الأردنية، لأن البعد السياسي لا يزال غير قادر على تحقيق النتائج المطلوبة. وأعتقد أنه يجب أن تكون هناك إجراءات أكثر صلابة سياسيًا مع دول الجوار».

وأضاف محمود: «نحمد الله أنه تم إلقاء القبض على هذه المجموعة. حدودنا بوضع مطمئن تمامًا بفضل حرس الحدود. جغرافية الأردن وضعتنا في قلب إقليم ملتهب يفصل بين مشروعين خطيرين، سواء كان المشروع الصهيوني وأطماعه أو المشروع الفارسي الإيراني وأطماعه في المنطقة».

   تهديدات المليشيات: 

تحديات أمنية واستراتيجية 

 د. بشير الدعجة، الخبير الأمني والاستراتيجي:

 «تظهر التطورات الأخيرة في تهريب الأسلحة إلى الأردن التهديد الواضح الذي تشكله المليشيات التي تستهدف المملكة. يبدو أن الأردن، بسبب مواقفه المعتدلة من القضايا الدولية والسياسات الإقليمية، قد أصبح هدفًا استراتيجيًا لهذه الأنظمة والمليشيات التابعة لها في دول الإقليم. إن الدول التي تعاني من العزلة الدولية بسبب سياساتها العدوانية ودعمها للميليشيات الإرهابية تسعى إصلى توسيع نفوذها باستخدام الخلايا الإرهابية النائمة في الأردن لتحقيق أهدافها السياسية والاستراتيجية».

وأضاف الدعجة أن الأردن، بتماسكه حول قيادته الهاشمية ودعمه لحلول سلمية للنزاعات الإقليمية، يمثل عقبة أمام مخططات هذه الأنظمة العدوانية. وبالتالي، تتعاظم المخاطر على أمن واستقرار الأردن، حيث يتعرض للتهديدات المباشرة من القوى والمليشيات الإرهابية في بعض الدول المجاورة التي تسعى لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب السلام والاستقرار.

وفي سياق تهريب الأسلحة الخطيرة إلى الأردن، يتجلى تهديد الخلايا الإرهابية النائمة التي تعتبر امتدادًا للمنظمات الإرهابية في المنطقة، والتي تتلقى الدعم والتمويل من إحدى دول الاقليم، هذه الخلايا تشكل تهديدًا حقيقيًا لأمن واستقرار الأردن، حيث تعمل على تنفيذ الأنشطة الإرهابية، بما في ذلك تهريب الأسلحة وتنفيذ عمليات إرهابية داخل البلاد.

وتعتبر هذه المحاولة جزءًا من استراتيجية أوسع من قبل الدولة الراعية للمليشيات الإرهابية النائمة في الأردن. إن تزويد هذه الخلايا بالأسلحة وتحريضها على تنفيذ أعمال إرهابية داخل الأراضي الأردنية يُعتبر رداً مباشراً على مواقف الأردن المعتدلة من قضايا الإقليم.

ويوضح الدكتور الدعجة: «لا يمكن اعتبار هذه المحاولة الأخيرة نوعًا من العمليات الفردية، بل هي جزء من سلسلة هجمات إرهابية تستهدف استقرار الأردن وسلامة شعبه وإن هذه المليشيات، التي تنشط في دولة مجاورة وتتلقى الدعم والتمويل من إحدى دول الاقليم، تسعى إلى توسيع نفوذها ونشاطها ليشمل المنطقة الأردنية أيضاً».

وشدد الدعجة على أن الأردن، والمجتمع الدولي معه، يجب أن يتحدوا لمواجهة هذا التهديد بكل حزم وقوة، ويجب على الدولة الراعية لهذه المليشيات أن تدرك أن أي عملية تهديد لأمن الأردن ستواجه رد فعل قوي وحازم من الأردن والمجتمع الدولي. وإن الاستمرار في دعم الإرهاب سيؤدي إلى عواقب وخيمة لهذه الدول ولمن يقف وراءها.

وأضاف أن عمليات تهريب الأسلحة إلى الأردن تُعتبر تحديًا كبيرًا للسلطات الأمنية، حيث تعمل هذه الخلايا الإرهابية على استغلال الحدود الجغرافية المشتركة بين الأردن وسوريا لتنفيذ أجندتها الإرهابية. ومن المهم أن نفهم أن هذه العمليات ليست عشوائية، بل تحمل خطورة كبيرة على أمن واستقرار الأردن.

الدعجة، أكد أيضًا، على ضرورة وعي المجتمع الدولي بالخطر الذي تشكله محاولات التهريب على أمن الأردن واستقراره، واتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة هذه التهديدات بكل حزم وقوة، مؤكدا أن حماية أمن الأردن ليست مسؤولية الأردن وحده، بل هي مسؤولية عالمية يجب على الجميع تحملها والتصدي لها بكل جدية واستعداد.

وأكد الدعجة على أن الشعب الأردني يقف بفخر وإعتزاز إلى جانب جيشه الباسل والأجهزة الأمنية المخلصة، معبرًا عن تقديره العميق لجهودهم الجبارة في ضبط المهربين وحجز الأسلحة التي كانت تشكل تهديدًا لأمن الوطن وسلامة المواطنين. إن الاستجابة السريعة والاحترافية العالية التي أظهروها تعكس تفانيهم في الحفاظ على أمن البلاد.

وأوضح أن الأردنيين يقفون بقوة مع قواتهم المسلحة وأجهزتهم الأمنية في مواجهة أي تهديد يهدد استقرار الوطن وأمنه، مؤكدين على وحدتهم وتماسكهم ودعمهم لجهود الجيش والأجهزة الأمنية بكل الوسائل المتاحة، قائلا، سيظل الأردن حصنًا منيعًا أمام أي محاولة للعبث بأمنه واستقراره، وسيبقى شعبه متحدًا ومخلصًا للدفاع عن الوطن وقيادته الهاشمية المظفرة.

  الحدود الشمالية: معركة

مستمرة ضد التهريب والإرهاب

 الخبير الأمني والاستراتيجي اللواء المتقاعد د. هشام خريسات:

 «قدرنا في الأردن أن نكون بوابة نصد المعتدين والمهربين والمخربين، ونذود عن حياض الوطن بأغلى ما نملك. إن ما جرى ويجري على الحدود الأردنية الشمالية من محاولات لتهريب المخدرات والسلاح يأتي في إطار العمل الممنهج والمستمر لجماعات التهريب وعصابات الشر. لقد شهدت هذه العصابات في الآونة الأخيرة تطورًا في طريقة التنفيذ ومحاولة عبور الحدود بالقوة ومن مناطق متعددة، مستغلة تسهيل الجانب الآخر لعبورهم.»

وأضاف خريسات أن القوات المسلحة الأردنية عملت سابقًا وتعمل على ملاحقة هؤلاء المهربين داخل الأردن، ونقل المواجهة إلى ضرب أوكار العصابات في الداخل السوري بعد نفاد كافة السبل الدبلوماسية في ردع تلك العصابات من قبل دولة الجوار، وقد تطورت أنشطة هذه الجماعات إلى عمل منظم تقوم عليه عصابات تهريب الشر، مدعومة بعصابات مسلحة لتأمين الحماية لها، مستغلة الحدود غير المنضبطة من الجانب الآخر.

وأشار إلى أن القوات المسلحة الأردنية، مدعومة بمنظومة قيادة وسيطرة ومراقبة حديثة، قادرة على ضبط ودحر عصابات الشر والتهريب، حيث تتمتع قوات حرس الحدود بقدرة عالية على التصدي لهذه المجموعات وقتلها وطردها تحت قوة النيران.

وأكد خريسات على أهمية التنسيق العالي المستوى داخل المنظومة الأمنية والقوات المسلحة في الأردن لمتابعة عمليات ضبط الحدود، مؤكدا على الثقة المطلقة للمواطن الأردني بالقوات المسلحة والأجهزة الأمنية الساهرة على أمننا واستقرارنا.

وأضاف أن قوات حرس الحدود تقوم بدور كبير ومهم في التعامل مع هذه المجموعات من خلال التصدي لها، وقتلها وطردها إلى للمكان الذي أتت. في هذا السياق، تتابع الأجهزة الأمنية المتخصصة المتعاونين مع هذه العصابات داخل الأردن لحماية الأمن والاستقرار والسلم المجتمعي.

وأكد الخبراء على أن الأردن سيظل صامدًا في وجه أي تهديد لأمنه واستقراره، محميًا بجنوده البواسل وأجهزته الأمنية المخلصة. ستواصل القوات المسلحة والأجهزة الأمنية جهودها الحثيثة لمواجهة أي تحديات تهدد أمن المملكة، بالتعاون مع المجتمع الدولي لضمان سلامة الوطن والمواطنين.

رحم الله شهداء الوطن الذين ضحوا بأرواحهم دفاعًا عن الحدود، وألهم ذويهم الصبر والسلوان. سيظل الأردن حصنًا منيعًا وصخرة تتحطم عليها كل محاولات المعتدين. حفظ الله الوطن وقائده وشعبه من كل شر.
الدستور