حكومة الخصاونة وقوانين لمحاربة الفساد الاداري وغياب العدالة في تحديث الدولة

زهير العزه
بعيدا من تسييس هنا ومزايدة هناك وإستثمارات شعبوية موسمية هنالك من قبل هذا الطرف او تلك الجهة ، استشعر جلالة الملك كصاحب الوصاية على الدولة الاردنية والحكم أنه لابد من اطلاق ورشة تحديث للدولة ومؤسساتها ،وكان أن امر بتشكيل لجنة لهذه الغاية ، ولعل أهم ما  قدمته اللجنة هو الدعوة  الى إصلاح  بيت التشريع من خلال قانون انتخابات يلبي حاجة المجتمع وتطوره وتمكينه من المشاركة في صناعة القرار، وبالتالي كانت الدعوة والقرار الملكي لاجراء الانتخابات النيابية هذا العام بالرغم من الظروف الجيوسياسية ، خاصة أن هناك قناعة تامة لدى الحكومة وأجهزة الدولة كافة وبما توفر لها من تقارير أن الداخل الاردني قوي ومستقر، ومرحلة الاحداث التي تجري في الاقليم تحتاج الى برلمان جديد وقوي وجامع قادرعلى المشاركة في صناعة القرار، وهذا ما سينعكس على أجنحة التحديث الاخرى ومنها تحديث القطاع العام .
واذا كانت المشاركة في الانتخابات القادمة من العوامل الاهم كتعبيرعن قناعة الاردني بمسيرة تحديث المنظومة السياسية، فأن تحفيز المواطن للمشاركة مطلوب للتأكيد أن الانتخابات البرلمانية ستكون العنوان الاساس والأولي لعملية التحديث وفق البرنامج الذي أعد لها، وذلك لمواجهة إنعدام الحماسة الشعبية للمشاركة في الانتخابات والتي شهدتها الانتخابات السابقة بسبب فقدان الثقة نتيجة لغياب العدالة في المتاح من فرص بين المترشحين  بسبب التدخلات..! ، اضافة الى ان تحديث القطاع العام يحتاج الى رقابة من مجلس نزيه وقوي ،وبالتالي فأن هاتين المنظومتين مترابطتين. 
 إن ما  نسمعه من رئيس الوزراء الدكتور بشر الخصاونة من تأكيد على التزام الحكومة "بالعمل المستمر لتحقيق التحديث السياسي والاقتصادي والإداري من خلال الخطة التي وضعتها الحكومة والتي تتكون من ثلاثة محاور أساسية؛ تطوير الخدمات، والتطوير المؤسسي، وتطوير التشريعات، وتتضمن مكونات لتطوير الموارد البشرية، والخدمات الحكومية، والإجراءات والرقمنة، والهيكل التنظيمي والحوكمة، ورسم السياسة وصنع القرار، والتشريعات، والثقافة المؤسسية" ، هو عمل جيد وترفع له القبعات وتشكر عليه الحكومة ، لكن غاب عن هذه الخطة  أهم عوامل اسهمت في انعدام ثقة الناس بمؤسسات الدولة ومنها بالطبع انعدام الثقة بمجلس النواب وأيضا إنعدام الثقة بالقطاع العام، ومنع تميزه بالدرجة التي تليق به بعد سنوات طويلة من البناء، وهذه العوامل تتمثل بالعدالة بين الموظفين التي تغيب لغاية الان بسبب كبارالموظفين وزراء كانوا او حتى مدراء او امناء عامين ومزاجيتهم او حتى جهويتهم او استزلامهم للموظفين ما يؤثرعلى المبدعين ويحمل الفاشلين الى الواجهة ، هذا من ناحية ومن ناحية اخرى غياب المحاسبة للفاشلين من المسؤولين الذين يكبدون المؤسسات الحكومية الخسائر تلو الخسائر وتمضي بهم الوظيفة الى ترقية تلو أخرى دون حساب ..! وكذلك ضعف اداء ديوان من ناحية قدرته على وقف اي قرار يتعارض مع العدالة او فيه تعدي على المال العام من خلال  الحوافز التي تمنح لهذا الموظف المقرب من هذا المسؤول  وتمنع عن اخر مبدع ، ما يضعف اداء المؤسسات ، ولذلك لابد من تعديل قانون ديوان المحاسبة من اجل التدخل الفوري كما حاله قبل اجراء تعديلات على قانونه ،وهذا ينطبق على هيئة النزاهة ومكافحة الفساد التي يبدو انها بسبب القانون عاجزة عن وقف الانتهاكات التي يقوم بها المسؤولين في مؤسسات الدولة كافة .
إن ما يجمع معيقات التحديث السياسي وتحديث القطاع العام وأي تحديث في الاردن هوعدم توفرالعدالة أوغيابها خاصة ما يتعلق بالدفع ببعض الوجوه ودعمها لتتصدر مشهد الحياة النيابية كما حصل خلال المراحل السابقة ما افقد الشعب الثقة بمؤسساته ، وأيضا غياب أية علامات للعدالة في مؤسسات القطاع العام نتيجة لنهج تعيين قادة المؤسسات وزراء كانوا أو أمناء عامين أومدراء عامين أو أي موقع متقدم في الدولة حيث يرى بعض هؤلاء أن وجودهم بالوظيفة القيادية مرحلة للحصول على المكاسب دون إعطاء الوطن والمواطن حقوقهما التي وجدت من أجله هذه الوظيفة، كما دفع غياب المسائلة والمحاسبة الى أن يتغول هؤلاء على الموظفين من أصحاب الكفاءة الذين لا يخضعون لمزاجية هذا المسؤول او ذاك وخاصة ان هؤلاء يرون أن عملهم هو وجهتم نحو خدمة الوطن والمواطن وليس التسبيح بإسم المسؤول وزبانيته.
إن المطلوب على المستوى الحكومي " وليس الحكومة الحالية فقط بل أي حكومة "أن يصاب الوزراء والمسؤولين بشكل عام بمرض "الاستيقاظِ" الوطني وأن يتحسس هؤلاء اطرافهم.. فالشعب لم يعد يحتمل ، وأخذ يبحث لكل ما هو حكومي عن مؤسسة مختصة بالموتى تقوم بدفن بعض المسؤولين وطنيا وسياسياً وعمليا ، فيوم تغيب العدالة وينتشر الفساد الاداري فبالتأكيد سينتعش الفساد المالي والاداري  وبالتالي سينعكس ذلك على ما يقدم للمواطن من خدمات ....
اليوم ونحن نرى طلائع أزمات حياة المواطن تظهر بشكل متصاعد ليس في الجوع والفقر والأزمات الاقتصادية والاجتماعية الخانقة فقط، بل بتفلت بعض المسؤولين ضد المواطن او الموظف العام المتروك بين أيدي متحورات بشرية تعتقد انها فالتة من المحاسبة او المسائلة ،فأن الحكومة الحالية بما تبقى لها من وقت مطلوب منها ان تضع قوانين تحقق العدالة بين المواطنين ،وكذلك العدالة بين الموظفين في القطاع العام الذين يخضعون الان لمزاجية كبار الموظفين الذين يقودون المؤسسات وفق عقلية أن المؤسسة "ورثة من السيد الوالد" ،حيث ثبت أن أهم معيق لاصلاح هذا القطاع هوالفساد الاداري ..! كما ان المطلوب من أجهزة الدولة برمتها ترك المواطن يختار نوابه وفق ارادتهم ، وهو ما يعيد الثقة بمؤسسات الدولة من خلال انتاج مجلس نيابي قوي يمثل الشعب تمثيلا حقيقيا، ويتمكن من تحقيق العدالة ومراقبة المؤسسات والتشريع لها وايضا محاسبتها .............. يتبع