إستقلال... راسِخٌ كالجبال

   
كتب – أيمن بدر 
لكل مقامٍ مقال، فالمقام اليوم ذو شأنٍ عالْ ، والذكرى إستقلالٌ اُنتُزِعَ إنتزاعاً بأيدي رجالٍ لا يعرفون المُحال، رجالٌ أبت عزتهم وأنفَتُهم ألقيدَ والأغلال. فقدموا النفيس والغال وحققوا ما كان يبدوا للكثير انه صعبُ المنال. 
أعلمُ يقيناً أن عُشاق هذا الوطن كُثرْ، وستخُطُ أقلامهم الكثير من الكلمات والمقالات حُباً ومدحاً وهُياماً في أردن العزم وهم في ذلك مخلصون وصادقون، وكلماتي لن تُضيف الكثير في هذا الصدد. لكنني سأًغرد اليوم خارج السرب النمطي وأتوقف في مقاربةٍ بين الإستقلال الحقيقي للأوطان والإستقلال الشكلي لبعضها والتي تَعّرت عند أول إختبار. وهذا يقودنا الى قضية العرب الأولى منذ ما يُقارب السبعة عقود ألا وهي القضية الفلسطينية ورأس حربتها منذ ما يقرب من ثمانية أشهر ....( غزة ) والتي وضعت المعنى الحقيقي لإستقلال الدول على المحك وعَرّت الكثير من الدول ومزاعمها بإمتلاك مفاتيح استقلالها الكامل فإذا بها لا زمام كلمتها وموقفها عدا عن إمتلاك كامل إستقلالها. وبدا جلياً للقاصي والداني ان كثيراً من الدول ممن تدعي أنها واحة للديمقراطيات والحريات واستقلال القرار تخضع فعلياً لإحتلال وهيمنة اللوبيات الصهيونية ولا تملك من إستقلالها إلا الهراوات وقنابل الغاز والقيود والزنازين التي إكتظت بأبنائهم لمجرد انهم مارسوا إنسانيتهم في الإنتصار السلمي لإخوةٍ لهم في الإنسانية. 
وبينما أًستبيحت حَرَمُ وَحُرمات الجامعات في عُقر دار هذه الدول التي تتطاول علينا بإستقلاليتها وعبوديتنا وحرياتها وديكتاتوريتنا وفخرها بأنها دول عالمٍ أولٍ ونحن ثالثها إذ بأنياب هذه الديمقرطيات المستقلة تنهش لحوم أبنائها وتسلخ جلودهم لمجرد تعبيرهم عن رأي لا يتوافق مع رأي اللوبيات الصهيونية التي تَستعبِدُ قرارتهم وتحجرُ على رأيهم وكلماتهم. 
وعلى الجانب الآخر المُشرِقِ والحُر والمستقل ، ترى أبناء هذا الوطن الأغّر بكافة أطيافهم يرسمون صور تضامنٍ قلّ نظيره مع إخوتهم في غزة وفلسطين وعلى كل شبر تُقام الفعاليات والوقفات والمهرجانات والإعتصامات ومع ما يرافق هذه الفعاليات من تكلُفةٍ مادية تُرهقُ ميزانية الدولة وتكلفة معنوية تَطالُ بعضاً من رجال الأمن من شرذمَةٍ مُغرضة وثمن سياسي باهظٍ يدفعه هذا الوطن نظير ذلك إلا أننا ولم ولن نسمع أو نرى أي شكلٍ من أشكال القمع والإضطهاد التي رأيناها فيمن تدعي أنها عواصم ومنارات الحرية والإستقلال. ذلك أن الأردن يملك إستقلاله ومواقفه وكلمته فعلا قبل القول وهذا هو القول الفصل. 
لا أريد ان أضع مقارنة إسميةً هنا بين الأردن وغيره من الدول فيما يخُصُ حرية الرأي والتعبير وإستقلالية الكلمة ، ولكن أترك للقارئ هنا أن يرسم بنفسه هذه المقاربة ، فماذا لو مارس فردٌ أو جماعات جُزئاً يسيراً مما يمارسه الأردني من إستقلالية كلمةٍ وحرية تعبيرٍ في إحدى الدول المجاورة وحتى البعيدة؟؟ ماذا سيكون مآلَهُ ومصيره. أترك الإجابةَ مفتوحةً مع انني أدركها جيداً ، لكنني أريدك أن تُدرك انت أنك تعيشُ في وطنٍ يمنحك هامٍشاً كبيراً من الحرية والإستقلالية تفتقدها دولاً كثيرة سقطت فيها الحرية وإستقلالية الكلمة فيما علت وتألقت وارتفعت وسّمّت هنا في أردن العزم. ووجب على كُلِّ أردني ان يُحافظ على إستقلال هذا الوطن الذي خُط بدماءِ وأرواحِ رجالٍ لتنعم آلآن بما تنعم به من أمن وأمانٍ وحريةٍ وإستقلال. وأختم بمثالٍ بسيط ، بينما الأردني منذ ثمانية أشهرٍ يتظاهر قُرب مسجد الكالوتي الموقع الأكثر حساسيةً وبشكلٍ متواصل وفي حماية ألأجهزة الأمنية ، هناك في جامعة كولومبيا في الولايات المتحدة عُقر الحرية والإستقلالية لم يحظ المتظاهر بساعةٍ واحدةٍ من حريةٍ واستقلال رأي ، ولم يشفع له انه في حرمٍ جامعي فَقُيدَ وسُحِلَ واعتقل بينما الأردن من أقصاه لأقصاه حَرَمٌ يُمارِسُ فيه المواطن حريةً وإستقلاليةً قَلّ نظيرها ، حَرَمٌ مُحَرمٌ فيه كَبْتُ الكلمة وإستقلالية الرأي والفكر وترجمةُ صادقةُ ان المواطن هو أغلى ما يملكه هذا الوطن.