استعادة الباقورة والغمر
د.هايل ودعان الدعجة - يمثل 10/11/2019 يوما اردنيا تاريخيا بامتياز، لما ينطوي عليه من ابعاد ومضامين ومفاهيم ودلالات وطنية تحررية واستقلالية وسيادية، مجسدة باستعادة الاردن لاراضي الباقورة والغمر تنفيذا لما جاء في ملحقي 1/ب و 1/ج من معاهدة السلام الاردنية الاسرائيلية لعام 1994، بعد ان وجّه جلالة الملك عبد الله الثاني الحكومة بانتهاء العمل بهاذين الملحقين بتاريخ 12/10/2018، باعتبارهما على راس اولوياته ويجسدان مصالح اردنية عليا، وذلك قبل عام من انتهاء المدة المنصوص عليها والبالغة 25 عاما، والتي منح الجانب الاسرائيلي خلالها حق التصرف بهذه الاراضي واستعمالها واستخدامها، تحت اشراف القوات المسلحة الاردنية، ومن خلال الدخول والخروج من نقاط عسكرية اردنية، وبعد الحصول على تصاريح امنية اردنية ايضا. مع ملاحظة ان ملحق المعاهدة يتجدد تلقائيا، ما لم يخطر اي من الطرفين الطرف الاخر بنيته انهاء العمل بهذا الملحق قبل سنة من مدة انتهائه، وهو ما فعله الاردن. الامر الذي سيترتب عليه تسليم هذه الاراضي له في الموعد المحدد، تنفيذا لاستحقاق دولي، دون ان يكون معنيا بابرام اي معاهدة جديدة حول هذه الاراضي او مضطرا لاتخاذ اي خطوات او اجراءات اخرى، قد يطالب بها الطرف الاسرائيلي على شكل تمديد او تجديد لها او ما شابه ذلك. لا بل ان اسرائيل نفسها ووفقا لبعض مصادرها لم تتفاجأ بهذه الخطوة الاردنية المتوقعة، تماهيا مع احقية الاردن بها وملكيته لها وسيادته عليها، والتي تعترف بها اسرائيل المدركة والمقتنعة بحتمية عودة هذه الاراضي يوما ما الى السيادة الاردنية لا محالة. وحول ما يثار بين الحين والاخر من اشكاليات وملاحظات، مرتبطة بهذا الحدث الوطني التاريخي كموضوع ملكية بعض الاراضي من قبل اشخاص اسرائيليين، فلا بد من التوضيح بان حكومة امارة شرق الاردن كانت قد خصصت عام 1928 بعض اراضي الباقورة لشركة كهرباء فلسطين المسجلة في الامارة من اجل توليد الطاقة، وبعد عام 1948 آلت ملكية جزء من هذه الاراضي لاشخاص كانوا يحملون الجنسية الاسرائيلية، الامر الذي يمكن للاردن التعاطي معه دستوريا وقانونيا عندما يستعيد اراضيه من خلال اللجوء للدستور وتطبيق نص المادة 11 منه، والتي تنص على حق الاستملاك للمنفعة العامة مقابل تعويض مالي وذلك في حالة وجود اثباتات او سندات ملكية بحوزة الاسرائيليين. اما اذا لم يكن بحوزتهم مثل هذه الاثباتات او السندات، فهنا قد تلجأ الدولة الاردنية الى محاكمها من اجل الغاء عقود البيع لمخالفتها القانون وكونها اراضي مال عام لا تسقط بالتقادم. كذلك فان هناك من لا يستبعد لجوء الكيان الاسرائيلي كعادته الى المماطلة والمراوغة عند موعد تسليم الاراضي، رغم النص على ذلك في ملحق اتفاقية السلام، فهنا فان الحكومة الاردنية قد يمكنها اللجوء الى التحكيم الدولي لاستصدار قرار دولي حول ذلك، بطريقة قد تدفع بالكيان الاسرائيلي الى الرضوخ امام الضغط الدولي واعادة الاراضي الى الاردن.
من جهة اخرى فان هناك من يضع احتمال تعرض الاردن الى ضغوط خارجية خاصة من قبل الولايات المتحدة الاميركية لتمديد او تأجيل عملية التسليم، فهنا قد يلجأ الاردن الرسمي الى الحلول والاجراءات الدستورية والديمقراطية من خلال تحويل الامر الى النواب ممثلي الشعب باعتباره من المسائل والقضايا التي تنطبق عليها الفقرة 2 من المادة 33 من الدستور بادراجها ضمن المعاهدات والاتفاقات التي لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة، وذلك كمخرج برلماني ديمقراطي شعبي من الحرج او الضغوطات التي تتعرض لها الجهات الرسمية.