المؤسسات الحكومية والإنجاز الوهمي في صورة
زهير العزه
بين إنتخابات وإنتخابات يقول عدد من مقاولي المواقف والكلمة ومزاودي التحليل السياسي والذين يقرأون المستقبل في البلاد على قاعدة " الفتاحة أو البصارة " التي تقرأ البخت أوالحظ بالفنجان أوالكف ، اوكأتباع النهج الحديث بالتبصير " من كذابين وكاذبات ، أن الاردن سيكون " أردن ثاني " مختلف لأن "رافعات المعرفة ستأتي من الشُّرُفاتِ والنوافذ "، وأن الاردن سيخرج من العناية الفائقة " كما كان بعض هؤلاء قد وصفه سابقاً "، وأن الاردني الذي يتعرض بشكل يومي الى التهديد والوعيد ، بل والمعاقبة من جهات عديدة تغولت عليه نتيجة تهاون المؤسسات الرسمية عن حمايته، إبتدءاً من فصل التيارالكهربائي لعدم دفع فاتورة أو فصل الهاتف أو التهديد من المدرسة أو الجامعة أو من مالك المنزل بسبب التأخر بدفع الايجارأو من شركات التمويل والبنوك بسبب عدم دفع الاقساط الشهرية ، وغيرها من تهديدات ، وقد يكون المواطن الاردني من أكثر مواطني شعوب المنطقة تعرضا للتهديد ، فلا تكاد تمضي دقيقة أو ساعة أو برهة الا ويصله تهديد ما من جهات قابضة على روح حاله وأحواله تطالبه بالدفع الفوري ، او تهدده بالفصل اذا كان موظفا واحتج على أمر ما ، او انتقد أداء مديره او مسؤوله المباشر ، او غير المباشر أو أغضب سائق المدير أو موظفي مكتبه أو حتى المراسل في مكتبه .
وانطلاقاً من ذلك كانت حكوماتنا الرشيدة المتعاقبة قد أصيبت بزكام شديد لم ولن تشفى منه في المدى القريب أو المتوسط وقد يكون البعيد، طالما انها تركب وفق المصالح ، بحيث أنها لم تستطع إستخدام حاسة "الشم" ، للكشف عما يجري في بعض المؤسسات التابعة لها ، وكان ولا زال منطق المحاصصات والمنافع والجهوية والشللية هو المسيطرعليها.
والواضح أيضا أنه بالرغم من محاولات بسيطة قادها بعض رؤوساء الحكومات ومنهم رئيس الحكومة الحالي الدكتور بشر الخصاونة لمنع او تقليص الممارسات التي تشوبها وجوه الفساد ، فإن المؤكد أن بعض المؤسسات يتمدد الفساد فيها بحسب تقارير ديوان المحاسبة ، وبالتالي فإنه لو قامت الحكومة بمتابعة التقاريرمن المؤسسات الرسمية وحتى الاعلامية وتحركت هيئة النزاهة ومكافحة الفساد بشكل فعال، وكذلك لو تحركت أجهزة أخرى وقامت بواجبها دون أن تجامل أحد على حساب المصلحة الوطنية ، وكان التحرك يبدأ من وقف مزاريب الهدرالمتعددة في بعض المؤسسات من مكافآت وأعطيات تقدمها مجالس الادارة الى هذا المدير او ذاك المسؤول ، وكذلك السفريات متعددة الاتجاهات والاوصاف والرغبات او الشهوات ، وعملت على إنشاء لجان للتحقيق في بعضها الاخر ، وقامت بدمج بعض المؤسسات لكانت وفرت الملايين على خزينة الدولة ، كما انها لو عملت على استعادة الاموال المنهوبة وهي بمئات الملايين" المحكوم وليد الكردي مثالا " ، كما انها لو تتحرك باتجاه إجراءات حاسمة لوقف التهرب الضريبي والتهرب الجمركي" الدخان مثالا "، والذي يضيع مليارات الدنانيرعلى الخزينة ، لكانت الايرادات الجمركية افضل بكثير ،" فانها أي هذه الحكومة ستخفف من الاستدانة من الخارج ومن الداخل بما توفره للخزينة من عملات صعبة .
إن بعض وزراء هذه الحكومة الحالية والذين يعانون من الزكام المزمن، يبدو انه لا رغبة عندهم في تشغيل منظومة الجهاز المناعي في جسمهم ، وهم من خلال هذه الحالة المرضية بالتاكيد لن يتمكنوا من فعل كل ما تحدثنا عنه سابقا ، ولذلك فان النطاسي البارع سيعجز عن العلاج مهما امتلك من عبقرية ،فالانسان الخامل لا يمكن ان يساعد الطبيب في مرحلة العلاج وصولا للشفاء التام.
إن ما يجري في بعض المؤسسات يندى له الجبين ،وهو يتم امام أعين كل الاجهزة الرقابية ، والمواطن يسأل لماذا لا تتحرك هذه الاجهزة وتنقذ المال العام الذي أصبح مشاعا متاحا لمن يعتدون عليه ..؟ ثم لماذا لا يرى هؤلاء أن كل ما يجري في بعض المؤسسات هو صورة تلتقط للقول أن هناك انجاز، دون تحقيق انجاز حقيقي ، فالموضوع صورة لخداع صانع القرار الاول ورئيس الحكومة لا اكثر ولا أقل ،فالانجاز عند بعض المتسلقين تاريخيا في سلك الوظيفة هو الشو الاعلامي، ولا اعتقد ان اجراء الانتخابات ونجاح " او انجاح "بعض من تستروا على ما كان يجري في هذه المؤسسات سيؤدي الى تغيير الواقع في البلاد ، فالتغيير يحتاج الى مجلس قوي من رجال لم تشوبهم الشائبة واحزاب حرة عقائدية تخشى الفضائح والمحاسبة ....... يتبع