التربية الإعلامية: الأدوات والطرق

الدكتور عايش النوايسة

يسهم الإعلام اليوم بكل صورة وأشكاله وبشكل كبير ومؤثر في تشكيل الحياة العامة لناس من خلال تأثيره المباشر، إذ يتميز العصر الحاضر بكثافة العناصر الإعلامية، وبصور مختلفة، وسرعة تفاقمها، وانتشارها وتداخلها، وشدة تأثيرها لدرجة لا يمكن معها مجاراتها ومتابعتها. 

لذا اهتم مؤخرًا بموضوع التربية الإعلامية وابتدى العمل بشكل جاد في جعلها ثقافة مجتمعية ، فكان الطريق الأقصر والأكثر ضمانا هو التربية والتعليم من خلال استهداف أبناء المجتمع من الطلبة حيث أنهم اللبنة الأساسية التي يسهل التعامل معها وتشكيلها . تعبر التربية الإعلامية اليوم عن كل مايتصل بوسائل الإعلام الاتصالي، حيث تشتمل الكلمات والعبارات والصوت والصورة الساكنة، والمتحركة، التي يتم تقديمها عن طريق أي نوع من أنواع التقنيات الرقمية الاتصالية والهدف منها تمكين أفراد المجتمع من الوصول إلى فهم لوسائل الإعلام الاتصالية لمجتمعهم، والطريقة التي تعمل بها هذه الوسائل، ومن ثم تمكينهم من اكتساب المهارات في التعامل مع الآخرين.

لذا أصبح اهتمام وزارة التربية والتعليم بالسعي لتسليح الطلبة بالوسائل التي تحميهم من الاتصال الرقمي وخطره في ظل ثورة الاتصالات والمعلومات ، وتعليمهم كيفية الاستفادة من المواقع والمعلومات على شبكة الإنترنت ، والتحقق من المعلومات التي تنشر عليها ومدى مصداقيتها والتمييز بين الشائعة والخبر الحقيقي وما بين وجهة النظر والمعلومات وأهمية ذلك في عالم الإنترنت والمعلومات والمجتمع الرقمي .

وكذلك فإنها تسعى إلى تمكين الطلبة من التعبير عن رأيهم بشكل مسؤول وتفاعلي ويقبل الرأي والرأي الآخر .

 وتركز على تعليم انتاج المحتوى المرئي وصحة الأخبار وأخلاقيات بث ونشر المحتوى الإعلامي والخصوصية والأمان عبر الإنترنت.

واليوم الطريقة المثلى لتدريس التربية الإعلامية تستند إلى الربط مع الواقع من خلال طريقة التدريس بالأحداث الجارية من حيث الربط ما بين الحدث الإعلامي والواقع الزمني فعند إقرار قانون الجرائم الإلكترونية مثلاً على المدرسة والمعلمين معالجة الموضوع بصورة تربوية من خلال تمكين الطلبة من أدوات التحليل والفهم لمعرفة السياق الذي أقر فيه القانون والحاجة إليه بحيث يجعل الطلبة سفراء لنقل الفكرة والحاجة للقانون وكأنهم يمثلون الجانب المعني بالقانون مما يعني بالوصول بالطلبة إلى حالة المسؤولية المجتمعية وهذا واحد من أهم أهداف التربية والتعليم،

 

كذلك على المدرسة تزويد الطلبة بالمنهج الخاص بالتعامل مع الأخبار والأحداث من خلال تمكينهم من مهارات التفكير الناقد بحيث لا يقبل الخبر أو الحدث على أنه مسلم به فلا بد من تحليل الأفكار ونقدها وتمحيصها للوصول إلى الحقيقة ومن ثم تنيها ونشرها، واليوم للتربية الإعلامية دور كبير في إعداد جيل ذو معرفة وفهم لقضايا الأمة ومنها القضبة المصيرية وهي القضية الفلسطنية ففي زخم الأحداث ومع سيطرة الصهيونية على أدوات الإعلام الغربي لا بد من توظيف طريقة الأحداث الجارية في توعية الطلبة في ما يجري من أحداث وكيفةة التعاطي معها خاصة وأن هذا الجيل يوجه من خلال وسائل التواصل الاجتماعي ذات التأثير الكبير على سلوك لذا لا بد من تمكينهم من فهم الواقع وتقديره،

 

وسبل التعايش مع الآخرين، واستيعاب مقتضيات العصر الحديث، وآليات التفاعل مع العولمة، وتعبئة الشباب لمواجهة الأحداث الجارية الطارئة وغير الطارئة، وتمكينهم من المهارت التي تعينهم على المواجهة عوضاً عن الخوف والاستسلام أو الانعزال والرفض أو التبرير، أو إسقاط المشكلات علي الغير، كما تعنى التربية الإعلامية بمساعدة الطلاب على فهم حقوقهم وواجباتهم، وتقدير قيم الشورى، والإخلاص، وحب الوطن، والانتماء الصحيح، واحترام الآخر، والحرية العادلة، ومواجهة الشائعات والتضليل، ومحاربة الإنحرافات الفكرية والمنحرفين وفق الطرق المناسبة لذلك.كل هذا يحتاج إلى منهاج متطور قادر على استيعاب التغيرات والتطورات المتلاحقة في كافة الأصعدة والمجالات ولا بد من الاستناد الى المنحى التكاملي في المنهاج لجعل التربية الإعلامية جزء من تعلم وتعليم كافة المواد الدراسية وأن لا تقدم منفصلة، وهذا يحتاج إلى معلم مهني كفوء معّد بطريقة احترافية من خلال تمكينه من أدوات وطرق تدريس التربية الإعلامية المختلفة.