سياسة وشتائم!

فارس الحباشنة - في السياسة لا حياء من استعمال الشتيمة . كل مجتمع له مخزون من الشتائم و الكلام البذيء ، لربما بعض المجتعمات تحرم وتجرم الشتيمة بالعلن ، واخرى ترضى به خطابا عاما معلنا وعلى الملأ . 
وكل مجتمع ينتج شتائم على ذوقه ومزاجه . في الاحتجاجات الشعبية اللبنانية الجارية سمعنا أشكالا والوانا من شتائم الاخوان اللبنانيين تعبيرا عن غضبهم ورفضهم للواقع السياسي القائم ، و مطالبة بالعدل والانصاف الاجتماعي و المعيشي . 
كثافة استعمال الشتائم في الاحتجاجات اللبنانية كانت لافتة لحد كبير .. و هي ظاهرة لربما تسجل للبنان وله باع عريق وطويل  في الديمقراطية و الحريات العامة والصحافة و الاعلام  و الانفتاح الاجتماعي . 
الحياء في الثقافات العربية لربما اكثر ما ارتبط بالجسد و الحشمة . و الجراءة و النقد الساخر بالادب الشعبي وصل الى مساحات مسكوت عنها و ممنوع الاقتراب عنها اخلاقيا واجتماعيا ، ولذا تجد أن أكثر النكت والتعليقات الاجتماعية الساخرة تكون مطعمة بالجنس و خدش الحياء العام .
الاخلاق بمعيارها العام نصبت قوى سياسية واجتماعية نفسها حارسا لها . ووطفت لطميات وندوب لحمايتها ووقايتها من الناس والعامة ، وتحت ذرائعية حمايتها من الابتذال و الرذيلة وغيرها . 
وهناك من يشن هجوما باسم الاخلاق بحجة انه حامٍ للمجتمع . فرق تعلن عن نفسها تحت مسميات كثيرة ، وبعضها مرتبط بالجسد المؤسسي الرسمي ، مؤسسات الرقابة و الامر بالمعروف و النهي عن المنكر  .
الاحتجاجات و الثورات لا تأتي فقط بالتغيير السياسي العام ، انما احيانا تولد افكارا و عناوين و الفاظا جديدة ، و تفك عذرية وبكارة عبارات و الالفاظ ملفوفة بالخوف و الرعب .
هي سلطة جديدة لذوق عام كان يقيم في المخابئ و بلاد الاسرار . سلطة جديدة في الثقافة و السياسة والاجتماع تقول كل شيء دون حياء . قوة ردها وصدها وردعها ومحاربتها لربما لا تقوم بالقانون المجرد والعقوبات إنما بإعادة تأهيلها و إنتاجها في الخيال و الذهن الجمعوي العام .