تقبل الآخر ما بين تريده التربية والنموذج الأردني

الدكتور عايش النوايسة

 تعّد التربية المدخل الأساسي لتعزيز كافة مفاهيم الحياة الإيجابية والمتعلقة بطبيعة البشر، وتفهمهم لبعض ، وتقبلهم لبعض ، بغض النظر عن الاختلافات بينهم ، فالله سبحانه وتعالى خلق البشر مختلفين في العرق واللون والدين والشكل وطريقة التفكير والتعليم وغيرها ، لذا من الطبيعي أن يكون عماد التربية تقبل هذا الاختلاف والتعامل بطريقة إيجابية مثلى تبنى على مبدأ الإنسانية بغض النظر عن الجنس واللون والعرق والدين ، وهذا يتطلب بناء ثقافة قائمة على الاحترام المتبادل المستند إلى العلاقة الإنسانية بطبيعتها الفطرية لذا لا بد من إتاحة المجال للجميع لتعبير عن ذاته بعيداً عن سلطوية التعنصر أي كان نوعه أو شكله ولا بد من بيئة تشجع الحوار البناء القائم على فهم الآخر وتقبله ضمن السياق المطروح والمستند إلى المبادئ الإنسانية القائمة على التسامح والحرية وحرية التفكير المنضبط بقواعد الحياة المقرة والمتفق عليها من قبل الجميع والذي يتم من خلال قنوات اتصال وتواصل فعال لذا من المهم جداً أن يشعر الفرد بقبول المحيط الاجتماعي له لذا يبدأ بالتفاعل والتناغم معه بطريقة إيجابية والعكس صحيح إذا شعر بعدم التفهم والقبول فانه يميل إلى الأنطواء على نفسه ويميل إلى الإنسحاب الاجتماعي ويتفاعل معه بطريقة سلبية.

 لا شك أن المدخل الأساسي لتقبل الاختلاف بين الطلبة ومستوياتهم ، يبدأ من تعزيز هذه الثقافة ، وهو ما يقع على عاتق المعلمين من خلال تحقيق مبدأ العدالة بين الطلاب في الأنشطة كافة التي تتم داخل الغرفة الصفية ، ومن دون تمييز وأن من أهم المهام الأساسية التي يجب على المعلم المهني أن يتقنها ؛ تحقيق التقاربات بين الفروق الفردية بين الطلبة التي تشكل جزءا هاماً من البناء النفسي والانفعالي بما ينعكس على تحقيق التقدم في عملية التعلم. ومن الهام جداً أن لا يصل الطالب إلى مرحلة يتكون لديه أنطباع مرتبط بشعور نفسي أن منفرد وغريب عن أقرانه من الطلبة ، لذا فإن" المعلم المهني المحترف هو الشخص القادر على أن يكون عادلا بين جميع الطلاب دون تمييز" ، وهو مطلب تعليمي وتربوي لتحقيق النمو الإيجابي والسليم عند الطلاب ، ويبدد بينهم أي اختلافات بينهم.
ولعل الأردن يمثل نموذجا يحتذى كبيئة حاضنة لتقبل الآخر وهذا نهج هاشمي سطره حكم الهاشمي على مدار قرن من الزمان ، ولعل هذه البيئة تجعل الأردن نموذجاً لاستيعاب الآخر وتفهم حاجاته ولعل الانصهار المجتمعي الكبير الذي يستند على أرث حكم هاشمي صلب يستوعب الجميع دعى جلالة الملك إلى توجيه الحكومة إلى إجراء انتخابات نيابية على الرغم مما يحيط بالاردن والمنطقة من برميل بارود وحرب مشتعله ، وبشكل يشمل مشاركة واسعة لجميع الاردنيين من شتى الاصول والمنابت فيها والذين يختارون ممثليهم وفق هذا التنوع وهذا الاختلاف فالمجلس النيابي بصورته يعكس واقع المجتمع الذي يتم تمثيله بكافة مدنه وبواديه وأريافه وطوائفه وأطيافه السياسية من خلال التمثيل للجيمع بحيث يتم مشاركة الجيمع وللمرة الأولى يكون هناك تمثيل حزبي من خلال تخصيص 41 مقعد للاحزاب وبما نسبته 32 تقريبا من المقاعد 130 وهذا تحول كبير ضمن توجه ملكي للمشاركة الوطنية في صناعة واتخاذ القرارات وإقرار التشريعات ضمن أطر وطنية ودستورية ، كما أن هناك ضمانات وطنية للمشاركة النسائية فيها من خلال تخصيص 12 مقعد ضمن فئة الكوتا النسائية وكذلك ضمن القوائم الحرة والقوائم الحزبية التي أشترط عليها وضع المراة في مكان متقدم في قوائمها الحزبية (رقم 3) ، لعل هذا يدل على مدى الممارسات السياسة والاجتماعية الوطنية الأردنية بالقيادة الهاشمية الفذة على تقبل الآخر وتقهم حاجاته وصهره ضمن مجتمع قائم على العدل والمساواة أمام القانون ومرجعية الدستور.