ملك المغرب، حرص على خدمة القضية الفلسطينية وعطف خاص على سكان القطاع

   

سالم ولد الشيخ ابّاتو، باحث في العلوم السياسية من موريتانيا
 
    للمرّة الثانية منذ اندلاع الحرب في غزة يصدر العاهل المغربي، محمد السادس، تعليماته السامية لتسيير قوافل مساعدات نحو القطاع عبر الطريق البرّي نفسه، شملت هذه المرة أربعين طنا من المواد الطبية تحوي بالأساس "معدات لعلاج الحروق، والطوارئ الجراحية وجراحة العظام والكسور، وكذا أدوية أساسية”، حسب بيان للخارجية المغربية.
   وليس بغريب أن يولي ملك المغرب عناية خاصة بسكان غزة وما يكابدونه من ويلات حرب شعواء لا تفرّق بين كبير ولا امرأة أو صغير. أولا بموجب انسانيته كونه يعتريه ما يعتري الناس من مشاعر جيّاشة لهول ما تبصره العين من مشاهد الدمار والقتل والتهجير. ثم انطلاقا من مسؤوليته الأخلاقية بصفته رئيسا للجنة القدس وهي رسالة واضحة لكلّ لبيب أن غزّة من فلسطين كما أن القدس من فلسطين وهما تقعان معا في صلب القضية التي لم يتوان المغرب يوما في خدمتها، ملكا وحكومة وشعبا.  
   يحرص محمد السادس أن يتبع القول بالفعل وهذا ما تؤكّده تعليماته السامية في كلّ مرّة عكس أولئك الخصوم الذين لا تتمعّر لهم وجوه من لوك الكلام الفضفاض وصكّ الشعارات الجوفاء في ظرف حالك ما أحوج فلسطين فيه لأفعال. فقد كانوا وهم يزايدون بقولهم "نحن مع فلسطين ظالمة أو مظلومة" أول من عاب وجيّش ضد عودة العلاقات بين المغرب وإسرائيل وركبوا موجة "التبراح" السياسي والسفالة الأخلاقية، فردّ المغرب برصانة وتعقّل وقال أن التطور في العلاقات بين المغرب وإسرائيل لن يكون على حساب فلسطين بل يصبّ في خدمتها وفي مصلحة سكانها.
  تزكّى الطرح المغربي في سلك المساعدات التي قدمت لغزة رمضان الفائت طريقا برّيا غير معهود لم تكن لتسلكه لولا القنوات السياسية المفتوحة مع تل أبيب. طبعا، لن يشعر بتلك الخطوة محترفو الهمز واللمز أصحاب الشعارات المشروخة ولا مستوطنو بلاطوهات الظلامية والعدمية ومن سار في ركبهم، بل تشعر بها تلك الأمّ المفجوعة التي لا تجد ما به تسدّ خُلّة صغارها، وذلك الكسيح الباحث عن ضمّاد لجرحه النازف، وذاك الصبيّ الملتاع لذوق بسكوتة تنسيه ولو لهنيهة لفحة الجوع ورمل غزة المشتعل.
 مرّة أخرى، يثبت العاهل المغربي أن الشدائد المدلهمّة التي تلمّ بأمتنا العربية والإسلامية إنّما هي همّ مشترك حريّ أن يدفع نحو الفعل والحركة والمبادرة والقيام وليس إلى لزوم الشعارات والتمترس خلفها، كالمنبتّ الذي لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى.