لماذا مهرجان جرش؟..

فارس الحباشنة


وانا اتابع المؤتمر الصحفي لانطلاق فعاليات مهرجان جرش لعام 2024، احسست بالمسؤولية والواجب، واحسست ان ثمة جوابا لسؤال عالق في ذاكرة هذا المهرجان الرائد منذ انطلاقه عام 1981، وسرعان ما صار موعدا ثقافيا وفكريا وفنيا الابرز عربيا، فقد قدم اهم اللقاءات والاطلالات الفنية الطليعية والتقدمية العربية، مشرقا ومغربا، ولماذا مهرجان جرش، وقد حان الان الاجابة عنه؟
منذ انطلاقته، ومهرجان جرش موعد لا يمكن ان يتخلف عنه احد. والمهرجان استقطب من دورة الى اخرى، نجوم الفن العربي، واهل الفكر والثقافة العربية والعالمية، ومن كتاب ونقاد وروائيين ومسرحيين وممثلين، واعمال وندوات ونقاشات على اختلاف مرجعياتها ومشاربها.
و اكتسب جرش مشروعية وطنية « اردنية وقومية «عربية « وعالمية « انسانية «، ومن خصوبة وثراء ما يقدم على مسارح وخشبات جرش، نجوم فن، وفرق موسيقية، وندوات فكرية، وافرزت جرش جمهورا وفضاء وتقليدا فنيا وثقافيا.
و جرش على خريطة الفن والثقافة العربية يزاحم مهرجانات : موازين وقرطاج وبعلبك والجادرية « السعودي «.
هذا العام، اختار المهرجان ان يكون مقاوما وملتزما، واختار برنامجا فنيا وثقافيا وفكريا منحازا الى المقاومة وصمود الشعب الفلسطيني، ومناهضا للاحتلال الاسرائيلي.
و كنت من اول لحظة منحازا الى جرش، ومدافعا عن فكرة اقامة المهرجان هذا العام، وفي ظل الحرب والعدوان الغاشم وحرب الابادة على الشعب الفلسطيني.
و لأن صراعنا الفلسطيني والعربي مع اسرائيل، هو صراع كلمة وإرادة، وصراع افكار، وصراع وجودي، وصراع حضاري.
و اما المعترضون على اقامة المهرجان، وقد كنت حريصا على الاستماع الى حجتهم وذرائعهم، ويكررون ذات الاسطوانة التقليدية، ويستغلون اللحظة الراهنة سياسيا بالعواطف المخادعة والكذابة، ويروجون الى افكار مرجعيتها ايدولوجية دينية متطرفة، وفقهية وفتاوى معادية للفن والثقافة.
عدم اقامة مهرجان جرش، تعني الانكسار والانبطاح والانصياع لرغبة العدو الاسرائيلي ومشروعه التوراتي.
و هذا حلم ومشروع يهودي توراتي، وفي «جيوبولتيك التوراة « تنزع وتمحى الحياة من ارض يهودا « المتخيلة «، وفي الميثولوجيا العبرية نحن مشاريع جثمانين وجثث واموات، ولكي تحيا دولة التوراة ودولة يهودا.
و لاننا نحب جرش، ولاننا حريصون على ديمومة جرش، فكان قرار اقامة جرش لهذا العام مختلفا، وقرارا من صميم تاريخ وارث مهرجان جرش، ومن صميم جرش كذخر ثقافي وفكري وفني للمقاومة والصمود والتحدي العربي للمشروع الاسرائيلي.
و جرش في دوراته منذ انطلاقته عام 1980 كان حاضنا للفن وفكر وثقافة عربية طليعية وتقدمية، ومنحازة الى الانسان وقضايا التحرر.
و هناك من يريد تحويل مهرجان جرش الى معركة ضد الفن والثقافة.. وللمشككين و»حملة رايات» المقاطعة والغاء المهرجان، لماذا لا نكون ايجابيين بعض الشيء. ونسأل هذا، من سوف يشارك في المهرجان؟
و ماذا سوف يسمع الجمهور؟ ويتابع من فعاليات وورش وندوات نقدية وفكرية، وثقافية.
سيشارك الفنان اللبناني الملتزم مارسيل خليفة واللبنانية هبة طوجي والفنانة الفلسطينية سناء موسى، واللبنانية اميمة الخليل، والسورية فايا يونان.
و الى جانب، فنانين اردنيين في مقدمتهم.. عمر العبداللات ويحيى الصويص، وسعد ابو تايه، وحسين السلمان، واخرين.
و قبل ان نساجل في مشروعية جرش في دورتها ال «18 «.. لنسأل المقاومين والصامدين في فلسطين وغزة ولبنان، ماذا يريدون؟!
و هذا السؤال ضروري وملح في فهم فقه المقاومة الثوري، وبعقلانية وتأنٍ، وبعيدا عن تكفير وتخوين الثقافة والفكر، والفن.