حالنا وأحوالنا بين وزراء الصدفة ووزراء التركيبات

زهير العزه
التجربة الحياتية علمتنا او اخبرتنا ان الصدفة تلعب احيانا اشياء مميزة في حياة الناس بعض الناس المميزين ، وهذه الصدفة تصب في كثير من الاحيان ان كانت في مجال الوظيفة العامة لصالح الوطن والمواطن .
لكن الصدفة السيئة وخاصة في مجال الوظيفة العامة ،هي تلك التي تنقل بعض الناس الراكدين كالمياه الآسنة ، أوالفاشلين وتجعلهم في مقدمة الحياة العامة  نتيجة لحالات التركيب التي تقوم بها مؤسسات او جهات او شخصيات نافذة او نتيجة لارتباطات على طبق من المصالح ، وهذا يحدث في بلدان العالم الثالث كثيرا ، وفي بلداننا العربية على وجه الخصوص. 
والسينما المصرية قدمت نماذج  لبعض الحالات التي وصل فيها اشخاص الى كرسي الوزارة بالصدفة ، وان كانت تلك الصدفة هي بسبب تشابه الاسماء لهؤلاء ،فكان فيلم معالي الوزير للكاتب المبدع وحيد حامد تعبيرعن هذه الحالات ، والذي قام بدور البطولة فيه الفنان الراحل احمد زكي والممثلة يسرى واخرون ، حيث تدور احداث الفلم عن شخص وصل الى كرسي الوزارة بالصدفة نتيجة لتشابه الاسماء ،  وكانت الجهة المسؤولة عن ذلك جهة رسمية هامة..! ، لكن ما حصل ويحصل الان هو اكثربشاعة من صدفة تشابه الاسماء ، حيث حملت  وتحمل لنا الاخبار في اكثر من مناسبة حادثة لهذا الشخص او ذاك وصل الى موقع الوزارة او النيابة اوعضوية مجالس الشورى أوالاعيان بطريقة ما وبصورة اصبحت لافته للنظر نتيجة للتركيبات التي تقوم بها مؤسسات الدولة لصنع موظفين في المواقع المتقدمة، وذلك لخوفها من وجود قياديين ممن يحملون رؤيا لصالح الوطن وليس لصالح اشخاص .   
نحن في الاردن مررنا بهذه الحالات والتي يمكن تصنيفها ظاهرة، حيث لا تكاد تخلو تشكيلة حكومية من وجود وزراء الصدفة أو" التنفيعة" الذين حملتهم التركيبات الى المواقع المتقدمة في أجهزة الحكومة ما انعكس سلبا على عمل واداء الجهازالحكومي برمته ، وادخلونا في مسلسل من الإهتراء في الأوضاع التي تمس حياة المواطن .
لقد ذكرت اكثر من مرة حالات وقعت في الاردن بهذا المجال ، وقدرلي ان سألت بعض رؤساء حكومات عن وجود هذا الوزيرالفاشل او خلاف ذلك من ملاحظات في حكومته، وكان الرد كما حصل مع دولة المرحوم الدكتورمعروف البخيت حينما قال" يا خوي هم جابوه "،  وقصة اخرى لوزير تم ترشيحه  ليكون وزيرا في حكومة دولة المهندس محمد الذهبي "وما زال في المواقع المتقدمة لغاية الان وقصة وصول هذا الشخص كانت بتنسيق مابين رئيس مؤسسة هامة والمرحوم الكاتب ناهض حتر والاستاذ الصحفي فهد الخيطان والصحفية رنده حبيب وقد اطلعني على تفاصيلها الدكتور احمد فاخر " ، وهناك قصة احد الوزراء في حكومة الدكتور المرحوم  فايز الطراونة والتي اطلعني عليها الصديق المحامي حسان المجالي الذي كان مقربا جدا من الدكتور الطراونة،  وقد اكد لي شخصيا  الدكتور فايز الطراونة حينما التقيته واحزاب في دار رئاسة الوزراء وقوع هذه الحالة  بل وضحك كثيرا رحمه الله، وهناك ايضا تركيب الاشقاء وزاريا او نيابيا ولمسنا ذلك خلال المراحل السابقة ما افقد الناس الثقة بمؤسسات الدولة، وخلال السنوات الماضية تم تركيب وزراء الصدفة في العديد من الحكومات وكم من بعض الوزيرات اللواتي تم تركيبهن على رأس هذه الوزارة او تلك ، ولم يستفد منهن الوطن أية اشياء تذكر، وهذا ينطبق على بعض الوزراء أيضا .
 واليوم وقد رأينا ما جرى على صعيد تركيب الاحزاب ونشاهد ما يجري على ساحة الحالة الانتخابية لهذه الاحزاب ، ندرك ان هناك عقلية لا تريد ان يسير البلد نحو حياة حقيقية من الاصلاح الذي نادى به جلالة الملك ، بالرغم من الادعاء ان هذه الجهة او تلك لن تتدخل في مسالك الحياة الاصلاحية ، وبالتالي فأن المشهد ينذر بأن التركيبات في الحكومات القادمة ستستمر وفي النيابة ايضا والاعيان،  ولن تتغيرامور حالتنا السياسية قيد أنملة .
ان الاردن الذي يعيش وسط التطورات المخيفة في المنطقة يحتاج الى  تحصين للاستقرار الأمني بشقيه الامني الرسمي والامن الاجتماعي والاقتصادي للمواطن ولذلك لا بد من اخراج اوضاعنا من حالة الجمود في الثلاجة الى الفرن من خلال معالجة  ملف الحريات العامة التي تتقلص يوما بعد يوم ، والحريات الاعلامية ، ومعالجة ملف ارتفاع الاسعار وزيادة تكاليف المعيشة والبطالة والفقر والعدالة والمساواة بين المواطنين والملف الصحي والتعليمي ، وهذا لا يمكن ان يتم دون مجلس نيابي حر بعيد عن التركيبات وحكومات تمثل ارادة الشعب .