خيارات الشباب في الانتخابات القادمة

م. سائد سند حدادين

 

في الوقت الحالي تبدأ مرحلة جديدة من مراحل مملكتنا الأردنية الهاشمية العزيزة، والتي تتمثل في مرحلة التحديث السياسي الذي نتج عنه بيئة تشريعية محفزة للشباب للانخراط في العملية السياسية والحزبية، وبالرغم من الفرصة الكبيرة التي أتاحها القانون، والضمانة الملكية للحياة الحزبية والتي نتج عنها ازدياد ملحوظ في نسبة الانتساب للأحزاب، إلا أن التحديث ما زال يمر في مراحله المبكرة التي وللأسف تظهر فيها بعض الشوائب التي لا أعتقد أن تندثر إلا بعد عملية انتخابية أو اثنتين، تنضج فيها التجربة، ونتعلم من أخطائنا، لحين التمرس التدريجي، وصولاً إلى تمثيل حزبي أكبر، ويعتمد على الكفاءة والمعرفة والالتزام بالعمل بدلاً من الملاءة المالية والقواعد الاجتماعية والحسب والنسب في اختيار المرشحين ضمن القوائم.
تابعت مؤخراً المناظرات التلفزيونية للأحزاب وهي تناقش العديد من القضايا الوطنية، وفي الوقت الذي قدمت فيه بعض تلك الأحزاب طرحاً متقدماً في ايجاد الحلول لبعض المشكلات، كان وللأسف أغلب تلك الأحزاب محصور في التركيز على المشكلات والإشارة اليها دون طرح الحلول، وهذا ما جعلها تلجأ اليوم إلى الاعتماد على الشخوص ومرجعياتهم في دعايتها الإعلانية عن القوائم الانتخابية بدلاً من دعايتها عن برامجها، وهذه احدى الشوائب والتي تتمثل في عدم وجود برامج يمكن للحزب مشاركة السلطة التنفيذية لتطبيقها عند الوصول إلى قبة البرلمان.

 

ان التحديات التي واجهت بعض الأحزاب أثناء تشكيل القوائم الانتخابية تدل بشكل قاطع أن فكرة العمل الحزبي الجماعي المنظم ما زالت وليدة، وهذا يعني بالضرورة تأجيل التأثير الإيجابي على عمل البرلمان التشريعي وتشكيل الحكومات البرلمانية إلى وقت لاحق، لكن هذا لا يعني بأي شكل من الأشكال الاستسلام للفشل والانهزام، فنحن الشباب قادرين على قراءة المشهد ولدينا الأمل بأن أصحاب الكفاءة واللائقين للعمل الجمعي سيظهرون، فيما يتلاشى أي منافق أو صاحب مصالح ضيقة.

 

خلال اجتماعاتي المتكررة مع أقراني من الشباب لتحفيز المشاركة السياسية، كانت الثقة تعزز في أنفسنا كون التجربة تعني المشاركة في عملية صنع القرار، وهذا حق لا يمكن أن يُسلب منا، وما نحمله اليوم من فكر ووعي يجعلنا قادرين على وضع ثقتنا في أصحاب الكفاءة فقط، بعكس بعض رؤوس القوائم المحلية الذين وللأسف ما زالوا مقيدين بالفكر القديم والنظر في الهوية الفرعية للشريك ضمن القائمة بدلاً من الإضافة المعرفية والعملية التي من الممكن تقديمها وزيادة حظوظ القائمة المحلية في النجاح بسببها.

 

من ناحية أخرى، نعم يمكن أن يشوب أي عملية انتخابية قبح المال الأسود وشراء الذمم، وهذا لا يمكن أن يتم مواجهته إلا بمشاركة أكبر، لأن القليل جداً من هو قابل للبيع.

 

اليوم، على القوائم الوطنية والمحلية على حد سواء، أن يعملوا صادقين بحيث يكون كلامهم وخطاباتهم في الغرف المغلقة هو نفسه ما يصرحوا فيه للعلن, و أن يعملوا على التركيز على البرامج وإعداد الحوارات لتطوير السياسات العامة في مختلف القطاعات, بشرط الاعتماد على الخبرات والمعلومات والحقائق بدلا من الانطباعات والعواطف وذلك للوصول الى نتائج واقعية قابلة للتطبيق، وإلا فان النتيجة هي مشاركة سياسية لكن في ورقة بيضاء تعبر عن قرار سياسي هو الثقة بالعملية لكن عدمها في الخيارات.