كيف ولماذا “بويع السنوار”؟.. “هندسة ملف خلافة هنية”: ألغاز تركيا- إيران.. و”الجنازة”
برزت ثلاثة مؤشرات لا يمكن الاستهانة بها على مدار 48 ساعة في إطار الهندسة التي اقترحتها المؤسسات الشورية في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) لمعالجة ملف خلافة الشهيد إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي الذي اغتيل في طهران الأربعاء الماضي.
اللائحة الداخلية التي يحتكم لها بالعادة مجلس شورى الحركة "برلمان المقاومة” تبين أنها "لا تتضمن” نصا واضحا يعالج الحالة التي "يغيب أو يستشهد” فيها معا أو بالتزامن كل من”رئيس الحركة ونائبه الأول”.
في حالة الشهيد هنية كان نائبه الأول صالح العاروري قد استشهد قبله وبعد ظهور "نقص النص المباشر” إثر إستشهاد "الرئيس” ولدت "عدة اقتراحات” عبر تنسيقات ومشاورات "اللجنة التنفيذية” للحركة و”هيئة مجلس الشورى”.
لكن بعد التدقيق تبين أن "النائب الأبرز لهنية” وهو القيادي خالد مشعل "غير راغب” بمبايعته رئيسا للحركة ويصر على الالتزام بأن "لا يترشح للموقع” ولا يمانع "اختيار أي أخ” من الهرم القيادي.
موقف مشعل كان إيذانا بقدرته على "تحمل المسؤولية الوطنية” ويساهم في الحرص على إظهار "وحدة الحركة” بعيدا عن أي حسابات شخصية.
في الأثناء سقط في الاختبار "اقتراحان” الأول يختبر مسألة ولاية "نائب النائب الأول” وهو مسؤول الضفة الغربية القيادي البارز زاهر جبارين حيث عاد الجميع إلى ما قاله الشهيد هنية نفسه عندما غاب العاروري قبل أسابيع وهو أن تعيين الرجل الثاني بعد العاروري "غير ممكن بدون قرار لمجلس الشورى”.
الاقتراح الثاني الذي بدا توافقيا في البداية هو تولي "رئيس مجلس الشورى” لرئاسة الحركة وهو القيادي الأساسي في الظل محمد درويش، لكن التحفظ المرافق لفكرة جمع "السلطتين”، وهما مجلس الشورى ورئاسة "تنفيذية الحركة”، دفع باتجاه "سحب خبر أولي” عن ترشيح درويش لأن الاجتهاد يتطلب "استقالته” من رئاسة مجلس الشورى، وهنا انضم درويش لأي توافق بين الأخوة.
وبعد "ابتعاد درويش ومشعل” كان الخيار الأسلم والتوافقي إلى مستوى "الإجماع” هو مبايعة يحيى السنوار لعدة اعتبارات ميدانية ونظامية وسياسية.
قبل الوصول إلى مثل ذلك الاستنتاج وفي الرواية التي توثقت منها "القدس العربي” وصادقت عليها رواية القيادي الدكتور موسى أبو مرزوق للإعلام الروسي، مساء الأربعاء، نوقشت "رسائل سياسية خاصة في غاية الأهمية” ضمن دائرة تقليب الخيارات.
أهم تلك الرسائل كانت تلك التي وردت في تصريح رسمي للخارجية التركية التي استخدمت عبارة "القائم بأعمال رئيس حركة حماس خالد مشعل” وهو الأمر الذي أثار بعض الجدل لأن مجلس شورى الحركة لم يتخذ أي قرار بعد ولأن وصف "القائم بالأعمال” غير موجود في اللوائح النظامية.
الرسالة الأخرى حسب ما تسرّب في وسائل إعلامية تقول إنها وردت من طهران التي رحبت عموما بأي "اختيار” تصل إليه مؤسسات الحركة الشورية لكنها قالت بوضوح إن "الجمهورية تعتذر عن التواصل المباشر” في حال قررت حركة حماس أن يتولى رئاستها في الخارج "الأخ خالد مشعل”.
وقد ترفع مشعل بنفسه مبكرا وقبل رسائل طهران عن الزحام وتنحى جانبا ودعم خيار السنوار.
ظروف واعتبارات المرحلة لا تحتمل "اجتهادات” مكلفة الآن في ملف "خلافة هنية”.
في الأثناء كان قد برز المؤشر الثالث عندما طلب من "نجل الشهيد هنية” تقدم الصفوف في "صلاة الجنازة” فاختار الأخير أن يقود المشهد "رفيق درب وصديق الوالد” الدكتور خليل الحية، في مؤشر على أن السنوار قد يفوض صلاحياته بالخارج للحية، العنصر الأهم والنشط في ملف "الصفقة والمفاوضات”
القدس العربي.