الأقلام الناعمة والأقلام الناعقة

عبدالحافظ الهروط

في ظل الكم الهائل من الكتّاب وقد تجاوزوا أعداد القراء، باتت وسائل الإعلام الورقية والإلكترونية مزاراً لكل من يرمي مقالاً بأخطائه النحوية وما اكثرها، وبإملائيته، حدّث ولا حرج، وبكلام مكرور ممجوج ناعق!!

في الوقت ذاته، فإن أقلاماً كان لها أثرها وتأثيرها على الرأي العام الأردني، قد غابت.

سبب الغياب"ذكورياً" يرجعه أصحاب تلك الأقلام إلى القائمين على هذه الوسائل، فيما هي وسائل مستباحة من أقلام طارئة وطاردة للقراء.

اما ما يتعلق بغياب"الأقلام الناعمة" ونقصد هنا، أسماء صاحباتها، فإن القراء قد اعتادوا على ما تكتبه الزميلات فلحة بريزات وسهير جرادات ود. ميساء المصري، في المواقع الإخبارية المحلية ، والإعلام المهاجر ، وتحديداً جرادات والمصري في (رأي اليوم).

 

الكتابة معرفة وموهبة وأسلوب وتمّكن في اللغة، فهناك كتّاب/ كاتبات، مؤثرون، لديهم القدرة على جذب القراء سواء كان المقال قصيراً أو طويلاً، رغم أننا نعيش في عصر السرعة، حتى كاد المقال يُختصر بحجم خبر مقتضب، والخبر يُختصر بعنوان!.

بالمقابل، فإن أي قارىء واع، يستطيع أن يميّز الغث من السمين، و أن هذا المقال يمكن قراءته أو عدم الوصول إلى السطر الأخير.

إلا أن أبلغ ما وصل اليه القارىء من قناعة، هو انه مجرد ما شاهد اسم الكاتب، غض بصره عن المقال، وهذا يعود لحالة الإسفاف التي عُرف بها هذا الكاتب، أو تلك الكاتبة.

جرأة الطرح بموضوعية، والتعبير عن حرية الرأي باتزان، وتضمين المقال بالمعلومات الصحيحة وانتقاء المفردات البسيطة وتشويق القارىء بإسلوب ممتع، كلها عوامل ساعدت القراء على متابعة ما كانت تكتبه الزميلات المصري وجرادات وبريزات، سواء كان المقال سياسياً، وهو اكثر ما تكتب به د. المصري، أو المقال الاجتماعي والشأن الإعلامي، والأخير تغرق فيه الزميلتان الأخريان بحكم عضويتهما في نقابة الصحفيين.

من خلال معرفتي بالزميلات الثلاث، وأنا المتهم من قبل الزملاء بالانحياز إلى المرأة بشكل عام، وزميلات المهنة، في ما اكتب، نثراً أو شعراً نبطياً، فإنني أستطيع القول،إن قدرة الكاتبات الثلاث ترجع إلى خبرات تراكمية في الوظيفة والمهنة وثقافتهن العالية ومتابعتهن للقضايا المحلية والخارجية لالتقاط ما يخدمهن في الكتابة ويجذب القارىء، لا لنزوة قلم، فحسب!.

  هذه الأقلام التي استوت على كثير من "الأقلام الذكورية"، سواء الكتاب الذين يوهمون أنفسهم بأنهم "هيكل"، أو الذين اتخذوا وسائل الإعلام مشاعاً لهم، أقلام طال غيابها دون معرفة الأسباب.. عسى أن يكون المانع خيراً.