احزاب (ميثاق، إرادة، تقدم، عزم، الاتحاد) نجحت في تجربتها الأولى ولم تخسر .. و(جبهة العمل الاسلامي) فازت ولم تربح ..!!

خاص / حسن صفيره

منذ الوهلة الاولى وعند مطالعة هذا العنوان يشعر القارئ اننا سننحاز للاحزاب السياسية الجديدة، وهذا الشعور يجانبه الصواب اذا ما علمنا ان هذه الاحزاب وصلت الى مربع حصد المقاعد بعد جهود مكثفة وعالية الوتيرة من قبل قياداتها وامناءها العامين والذين حرصوا على الإشتغال المتواصل مع الشارع نخب وقواعد شعبية على مدار الساعة، بما تضمنه ذلك التواصل من زيارات وجولات جاب خلالها اعضاء هذه المؤسسات الوطنية غالبية محافظات الوطن من شماله الى جنوبه ومن شرقه الى غربه وقد وصل عدد المُلتقى بهم من الجمهور بمجموعه العام الى مليون مواطن من مختلف المحافظات بمدنها وقراها وريفها ومخيماتها.

هذه الاحزاب والتي لا يتجاوز عمر الواحد فيها اكثر من سنتين وهي في مراحلها التأسيسية الاولى، كانت على قدر من الذكاء باعتمادها بشكل مباشر في خوضها للانتخابات على الشخوص الوازنة والاسماء ذات الثقل العشائري والشعبي، وكنا نشاهد الالاف من الجماهير في لقاءتها ومهرجاناتها التي كانت تجريها سواءً الخاصة بالقوائم العامة او المحلية وقد طرحت خلالها برامجها السياسية والاقتصادية والاجتماعية مع وضع الحلول التي تناسب الاردن لتجاوز الكثير من المعضلات .

المقاعد النيابية التي نجحت هذه الاحزاب في الحصول عليها تُعد انجازاً تاريخياً يؤمل ان تبني عليه مستقبلاً، فمثلاً لو اخذنا حزب الميثاق الذي حصل على 4 مقاعد في القائمة الحزبية و حاز على 26 نائباً من الناجحين في القوائم المحلية وبما مجموعه 30 نائباً ، وهذا الرقم تجاوز حدود النجاح بكثير رغم ان قيادات الحزب غير راضية عن نتائج القائمة العامة ، الأمر الذي يدعو لمطالبة الحزب ورموزه من امانة عامة ممثلة بالامين العام د. محمد المومني والمجلس المركزي والمكتب السياسي والذين يتمتعون بالخبرة والدراية بمكامن ومفاصل ادارة الشأن السياسي الحزبي والانتخابي بطبيعة الحال،  بان يتم النظر بواقعية للمشهد والحفاظ والبناء على ما وصل اليه الحزب من نجاحات فالقادم افضل بكثير .

أما فيما يتعلق بحزب (إرادة) والذي تعرض مع امينه العام نضال البطاينة للتشهير والتشويش وبرزت حالات انقسام في عدد من المحافظات الا انه ومع كل هذا وذاك تمكن الحزب من الحصول على 3 مقاعد في القائمة الوطنية و 16 مقعداً من خلال التنافس المحلي وبمجموع 19 نائباً وهذا الرقم لم يتأتى من فراغ بل جاء ثمرة جهود عظيمة لقيادة الحزب ومناصريه وسنكون منصفين اذا قلنا ان المساحة السياسية التي حجزها هذا الحزب لا يستهان فيها وان حصوله على هذا الرقم من المقاعد سيسجله التاريخ باحرف من ذهب بالمقارنة مع عمره المتواضع جداً .

اما حزب (تقدم) فله حكاية اخرى مع الانتخابات فهذا الحزب الذي جاء من رحم منتدى السياسات الذي اسسه السياسي المخضرم والعين خالد البكار وتم تحويله بعدها الى حزب سياسي استطاع من حجز مقعده بين الاحزاب السياسية بقوة وقد تحصل على 8 مقاعد مابين حزبي ومحلي، وله ايضا تفاهمات لضم مثل عددهم من النواب المستقلين، ليرتفع عدد نواب الحزب الى 16 نائباً، ومن الملاحظ ان تعليقات امينه العام بعد الانتخابات كانت واقعية جداً حيث صرح اننا ما زلنا اول الطريق وان حصولنا على هذا العدد من المقاعد يعتبر جيدا، وستتم المتابعة ومواصلة المشوار للوصول الى اعلى المراتب الحزبية وما حصلنا عليه سيشكل لنا الدافع لزيادة اعضاء هيئتنا العامة والتي يراعى فيها الاختيار النوعي للاشخاص بعيدا عن الكم غير المدروس .

اما بالنسبة لحزبي عزم والاتحاد فتبدو الامور متشابه لديهما من حيث الاداء والنتيجة ، فالاول والذي يشغل منصب الامين العام فيه زيد نفاع وضع على يمينه الاقتصادي ورجل الاعمال د. ايمن ابو هنية مما اكسب الحزب خطوات سريعة ومترادفة بوقت قصير جدا وحصل الاحزب فيها على مقعدين في القائمة الوطنية و 6 مقاعد في القوائم المحلية وهذا يعتبر تفوقاً على الذات وبمجهودات فردية لنفاع وابو هنية اساسها لا شك ان امانة الحزب تعرف طريقها والى اين تمضي، وعلى ماذا ستبني خصوصا ان التسريبات تقول ان هنالك تفاهمات لضم 6 نواب مستقلين وبذلك تكون قوة هذا الحزب في تزايد وسيشكلون بيضة القبان داخل المجلس .

وعن حزب الاتحاد فقد اجتهد الامين العام الكابتن زهير الخشمان على بناء منظومة الحزب من جديد بعد ان كان تأسيسه على يد والده بوقت سابق ، وتحصل على 3 مقاعد نيابية كان الاصل فيها ان يتضاعف هذا الرقم اضعاف اضعاف الا ان ضعف الكادر وفريق العمل اوصل الى هذه النتيجة والتي نوجه فيها للصديق زهير بضرورة اعادة ترتيب البيت الداخلي فالطريق طويل والتحدي اكبر ويجب ان يكون لهذا الحزب مكان وموقع معتبر .

ولاستكمال الحديث لا بد من تناول موضوع فوز حزب جبهة العمل الاسلامي وهو الذراع السياسي لجماعة الاخوان المسلمين (المحلولة) بعدد وافر من المقاعد الحزبية والذي وصل الى 18 مقعدا بالاضافة الى 14 مقعدا في الدوائر المحلية وبمجموع 32 نائبا اسلامياً وهذا يعيد للاذهان فوزهم في انتخابات 1989 بما يلامس الرقم قليلا حيث حصلوا انذاك على 37 مقعداً وهذا ليس بغريب على حزب عامل على الارض بكل راحته لاكثر من 80 عاماً ولعب اثناء الانتخابات وما قبلها على عواطف الموطنين بالدعم الوهمي للمقاومة في غزة وكان يكسب التأييد والانتخاب لكل من كان له مشكلة مع الدولة الاردنية بالاضافة لاستغلاله الحالة الاقتصادية السيئة للمواطنين بطريقة ذكية وايهامهم بانهم الحل للانقاذ . ناهيك عن برامجهم المعدة مسبقا في التشكيك واثارة الاشاعات لكل منافسيهم ، كما ان ماكناتهم الاعلامية صنعت بروبكندات تخص مرشحيهم لتظهرهم بصورة الملائكة (ولا مجال هنا لذكر التفاصيل) ، وبالعودة لموضعنا فبوجهة نظرنا فأن رقم المقاعد التي حصل عليها الحزب متواضع جداً في ظل المعطيات السابقة .

ان فوز جبهة العمل يعتبر طبيعي جداً وليس بالنصر المؤزر وعلى العكس تماماً فلو عقدنا بحسبة بسيطة للمقارنات والمفارقات العمرية للاحزاب سالفة الذكر مع عمر الجبهة والجماعة لوجدنا تفوق ملحوظ لهذه الاحزاب بالقياس الى عمرها التأسيسي وهذا يُنذر بأن المستقبل لن يكون بصالح الاسلاميين ما لم ينفتحوا على الاخرين بمبدأ المشاركة بعيدا عن المغالبة او الاعتقاد بأنهم الصح الاوحد .

خلاصة الحديث فان النجاح غلفّ التجربة الاولى للاحزب الوسطية الاردنية وان صعود السلم بدأ من هذه الانتخابات والتي من الممكن ان نشهد بعدها اندماجات حزبية وتشكيل كتل نيابية بتفاهمات برلمانية حزبية، سيكون لها الكلمة الاولى تحت القبة، اما الاسلاميين وهم ابناء وطن لا نزاود عليهم ولا على غيرهم بالولاء والانتماء للعرش وللاردن فدعوتنا لهم الان قبل اي وقت مضى بالانخراط في المشروع الوطني الجمعي، لما فيه مصلحة الوطن والإنسان الأردني، والالتفات الى ما يعنيه فحوى المشروع الوطني في المرحلة الراهنة، وقد اكتسى بمزيد من التحديات التي تمليها الظروف السياسية بالمنطقة، ما يعني وجوب اعادة تموضع جهود الاسلاميين من مناكفات واستعراض وجود وتربص وترصد وسن سيوف على من ينتقد اداءهم ، فالمستقبل يحتاج الى تكاتف الجميع والوقوف صفا واحدا بوجه المخططات الصهيونية التي تستهدف بلدنا ووجداننا وكياننا .