التساؤلات الكبرى لصورة العربي في الأدب التركي
نتساءل دوماً عن صورة العربي في الأدب التركي. فقد جرت العادة القول أنها صورة قلقة إن لم تكن ملتبسة، تارة تقترب قليلاً من الواقع وتارة أخرى تبتعد عن الموضوعية. لكن إذا تساءلنا على الشكل الآتي: ماذا لوضعنا الكاميرا وسط النصوص الأدبية التركية أو وسط التقاط الأفكار التي طرحها الأدباء الأتراك التي تنقل الحياة العربية حسب وجهة نظرهم.
هنا نلاحظ أن صفة الواقعية لا تمنحنا صورة واقعية. أن ما نحتاج إليه هو وجهة نظر نقدية ورسالة للتبليغ وطموح أخلاقي وأيديولوجي٠ نصبو إليه لتغيير الشوائب التي تعتري صورة العربي في الأدب التركي.
تأتي صورة العربي في الأدب التركي المثيرة للجدل والتساؤلات وتموج بالمواجهات والتقاطعات، بالحب، والكراهية، والجموح وعناق الواقع بالخيال.
كل هذه الرؤى ناقشتها لجنة النقد الأدبي في رابطة الكتاب الأردنيين، والتي حملت عنوانا "صورة العربي في الأدب التركي" وتحدث فيها كلٍ من د. أسامة المجالي القاص والمترجم، والروائي أسيد الحوتري، وأدار الندوة الأستاذ مجدي التل الباحث في الشأن التركي، يوم أمس الموافق ٩/١٤ في مقر الرابطة في اللوبيدة، الساعة السابعة مساءً.
افتتح المجالي الندوة بورقة بحثية، تناولت الأدب التركي بتشكيلاته الواسعة وتنوعاته الزمانية والمكانية، بين قديم نمطي، وجديد ثائر بين ما هي رؤى تحمل في طياتها أبعاد سياسية٠ موضحاً أن الأدب التركي يقع في مرحلة حرجة، هي مرحلة التساؤلات الثقافية الكبرى لصورة العربي. الذي ينطلق منها لصورة العربي ماهي؟ هذا تساؤل.
هنا يقف الأدب حائرًا أمام هذه التساؤل والرؤية، الذي أجاب على هذه التساؤلات والرؤى الروائي أسيد الحوتري، من خلال ورقته، وكان المتحدث الثاني الذي قدم نماذج من الأدب التركي، تحمل في طياتها أربع صور: الإيجابية، السلبية، الموضوعية، والمتناقضة. وهنا تستوقفنا صيحة المسرحي الإنجليزي "أكون أو لا أكون" وتعكس مفهوما عميقا لدور الأدب الوطني والتاريخي والمعرفي. هذه الصيحة الوجودية كانت مفتاح ورقة الحوتري، التي رأى فيها أن الأدب ليس صورة فوتغراقية عن الواقع.
مجدي التل الذي أدار الندوة بحرفية عالية، وتساءل معترضاً على عنوان الندوة، الذي كان حسب وجهة نظره فضفاضاً، والأفضل أن يكون أكثر تحديدًا زمناً ومكاناً.
وبعد ذلك فتح المجال للمدخلات والأسئلة للحضور، فكانت مداخلة السيد رائد سمور، أحد الحضور : قائلاً أن السينما التركية قدّمت صورة سلبية لصورة العربي٠ بيمنا باقي المداخلات كانت نقيض ما ذكره سمور، وأكدت على أن الشعب التركي ينظر للعربي بصورة إيجابية٠
كما قدّم الملحق الثقافي: التركي الذي كان حاضرًا، مداخلة مختصرة مؤكدأً أن الشعب التركي ينظر للعربي بصورة إيجابية، منوهاً أن الأتراك ينظرون للعربي من خلال الاسلام، وأنهم أول من حمل مشاعل الدعوة الإسلامية. أنصار فرات المحلق الثقافي التركي قال: أنه لا يمكن النظر للعرب إلا نظرة حب وتقدير، لأنهم كما ذكرت حملة مشاعل الدعوة الإسلامية.
وقدم مقرر لجنة النقد الأدبي في رابطة الكتاب الأردنيين كلمة ترحيبية بالحضور وبالمحلق الثقافي التركي الأستاذ أنصار فرات، وتساءل بدوره كيف ينظر العربي للتركي؟ لافتاً أن هناك ظاهرة تدعو لتساؤل للعقل العربي الثقافي والسياسي لماذا يتحاشى الهجوم على الأستعمارين الأنجليزي والفرنسي اللذان ما زالا أثرهما السلبي على عالمنا العربي حتى يومنا هذا؟ بينما هذا العقل يستحضر تاريخ العلاقة بين العرب والأتراك بشكل انتقائي. كما حذر من الخلط بين المصطلحات، هناك فرق بين الأمبرطورية العثمانية، والدولة التركية المعاصرة. مؤكدُا أن العقل العربي الثقافي منه والسياسي مازال قاصرًا على فهم العقل السياسي التركي المعاصر بمختلف أطيافه السياسية.