كتاب تكليف «تفصيلي».. لماذا؟
اللافت الأول في كتاب التكليف السامي لدولة رئيس الوزراء المكلف د. جعفر حسان أنه جاء مفصّلا، ولم يترك شاردة ولا واردة، بما يجب على الحكومة تنفيذه إلّا وأشار إليها، فكان كتاب تكليف يتصف بما يلي:
1 - يمثل خطة برامجية للحكومة عليها أن تنفذ ما جاء بها، وستحاسب في قادم الأيام على ما أنجزته وما لم تنجزه من ذلك البرنامج.
2 - يحدّد أولويات كل وزارة، وكل قطاع، وكل ملف.. ولذلك فإن كتاب التكليف السامي هذه المرّة يعدّ أيضاً «خطة لأولويات عمل كل وزارة».
3 - يحدّد مواصفات الوزراء في هذه الحكومة.. فيجب أن يتولى كل ملف من هو الأجدر والأقدر على تنفيذ ما هو مطلوب، بالبناء على ما أنجز، والمضي قدماً بتنفيذ ما هو مطلوب.
* ولكن.. لماذا حرص جلالة الملك هذه المرّة على الاشارة لكل هذه التفاصيل؟ والجواب واضح -في كتاب التكليف ذاته -ويتلخص بما يلي:
1 - جلالة الملك هو «الضامن» لرؤى التحديث الثلاث وخصوصاً رؤية التحديث الاقتصادي التي يتابعها جلالته شخصياً- كما ورد نصّاً في كتاب التكليف السامي-.. وهي رؤى «عابرة للحكومات» يؤكد جلالته ويوجه كل حكومة على تنفيذها والمضي قدماً بتسريع وتيرة الإصلاحات السياسية والاقتصادية والإدارية.
2 - جلالة الملك، ومن موقعه كرئيس للسلطة التنفيذية يشير إلى ما تم إنجازه وما يجب البناء عليه حتى لا نعود إلى الوراء، وعلى كل وزارة كسب الوقت والبدء فوراً بتنفيذ ما هو مطلوب منها وفق الأولويات التي حددها كتاب التكليف السامي، وستكون مساءلة عنها.
3 - عنوان المرحلة -لا بل العنوان حتى العام 2033 - هو «رؤى التحديث الثلاث السياسي والاقتصادي والإداري» وكل ما ورد في كتاب التكليف السامي هو تفاصيل لتلك الرؤى، وبوصلة الحكومة التي حددها كتاب التكليف ستكون «برامج التحديث الوطنية» لأنها «مشروع الدولة من أجل المستقبل» -كما قال جلالة الملك -.
.. وخير من ينفذها من كان الأقرب إلى جلالته طوال السنوات الماضية ومدير مكتبه على مدى سنوات، والأعرف بتفاصيل رؤى جلالة الملك، وقد تابع جميع لقاءات جلالته، ومتابعاته لما تم تنفيذه وما تأخر تنفيذه.. لذلك فإن د. جعفر حسان، الأقدر على دفع عجلة التحديث الى الأمام وبخطى ثابتة نحو تحقيق أهداف ومحركات رؤى التحديث.
4 -.. وما دام الأمر كذلك، فسوف يحرص دولة الرئيس المكلف على اختيار فريق وزاري قادر على الاستجابة الفورية لما يريده الملك ولما سيوجه إليه رئيس الحكومة وزراءه.. وزراء مؤمنون وقادرون وحريصون على ترجمة رؤى التحديث.
* كتاب التكليف السامي بكل ما ورد فيه من تفاصيل إشارة واضحة لسبب اختيار الدكتور جعفر حسان رئيساً للحكومة في هذه المرحلة المهمة والحساسة.. فهو الأقرب إلى جلالته طوال السنوات الماضية، والأعرف بما يريده جلالته، والأقدر على تسريع الإنجاز في كثير من «الملفات المتأخرة»، بحكم متابعته الدؤوبة، ومعرفته لجميع التفاصيل.
-شخصية رئيس الوزراء المكلف دولة الدكتور جعفر حسان الاقتصادية السياسية، وفكره، ورؤيته الواضحة تماماً في كتابه (الاقتصاد السياسي الأردني - بناء في رحم الأزمات)، تجعلنا نقرأ ملامح الحكومة القادمة على النحو التالي:
1 - اقتصادياً: سيكون هناك فريق اقتصادي متميز ربما يجمع عددا من (الناجحين) جدّا في حكومة دولة الدكتور بشر الخصاونة ممن حقّقوا نجاحات للأردن على الصعيدين المحلي والدولي، واتقنوا تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي كما يجب، وبالتالي فهم الأقدر على الاستمرار بالبرنامج التنفيذي. وعناصر وزارية جديدة قادرة على حمل حقائب اقتصادية تتطلب جهدا أكبر، وقدرة أفضل على تنفيذ ما يجب تنفيذه في المرحلة المقبلة.
2 - سياسياً: فثوابت السياسة الأردنية تجاه القضايا المركزية واضحة وجلية -وأشار إليها كتاب التكليف السامي- خصوصاً في هذه المرحلة الدقيقة التي تتطلب:
أ)-متابعة تداعيات العدوان على غزة سياسياً واقتصادياً.
ب)-التعامل مع المشهد الإقليمي والعالمي بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة.
ج)-العلاقات مع الدول الكبرى والاتحاد الأوروبي والإقليم إضافة للدول العربية.
- الملف السياسي بكل تفاصيله الدقيقة أيضا، لا شك أن د. جعفر حسان متابع لكل تفاصيله، و هو الأقرب والأقدر على تقديره والتعاطي مع مخرجاته في المرحلة المقبلة.
3-محلياً: المعروف عن د. جعفر حسان في جميع المواقع التي شغلها الكفاءة والقدرة على العمل البرامجي المؤسسي.. ولذلك سيكون الملف الداخلي أكثر وضوحاً وإنجازاً - من خلال حسن اختيار الوزراء -وإقناعاً وانفتاحاً على مجلس النواب العشرين بمكوناته الحزبية الجديدة.
*باختصار: إذا كانت حكومة د. بشر الخصاونة، هي من بدأت الخطوات الأولى بمسارات التحديث الثلاث، فلا شك أن المطلوب من حكومة د. جعفر حسان -وفقاً لكل تفاصيل كتاب التكليف السامي -أن ترفع قواعد البناء، وأن تحوّل مبادرات رؤى التحديث الثلاث -خصوصاً رؤية التحديث الاقتصادي- إلى واقع ملموس لطالما وجّه جلالة الملك بضرورة أن ينعكس إيجاباً على مستوى معيشة ورفاهية المواطنين