أمل خضر تكتب: رسالة إلى دولة جعفر حسان ثقة ملك ووطن وشعب

 

  دولة الرئيس: إن الثقة الملكية مسؤولية وطنية، ودافع لبذل مزيد من العطاء لكل ما يخدم مصالح المملكة الأردنية الهاشمية في الداخل والخارج ضمن نهج جلالته وتوجيهاته السامية في تعزيز مكانة الأردن، وتعزيز الروابط التاريخية العميقة وعلاقات التعاون الراسخة بين الدول، وتعزيز قاعدة المصالح الحيوية المشتركة لحماية القيم الروحية والمكتسبات الحضارية، وحفظ سيادة الدول وحقها في نهضة تنموية طويلة الأمد.  

المسؤولية التي لابد أن يستشعرها كل مواطن، وأن يدرك بأننا في أوضاع وظروف تقتضي أن نلتزم بالمسؤولية الوطنية الحقة، بعيدا عن الشعارات الطنانة التي تجعلنا ندفع فواتير باهظة التكاليف، وتبقي مجتمعنا أسيرا لمعادلات وحسابات تقسم وتمزق، وتجعل حفنة من تجار المواقف والباعة المتجولين للوطنية أن يجدوا في الأزمة وتداعياتها بطولات زائفة، وأسوأ ما في هذا المشهد أن هؤلاء يزعمون أنهم يمارسون المسؤولية؛ مسؤوليتهم تجاه الوطن وتجاه الشعب، وإلى هذه الساعة وإلى الغد هم أبعد عن أبسط بديهيات المسؤولية الوطنية، والشعب، والاقتصاد، والمال، والأعمال، والمشاريع، والاستثمارات، والتوظيفات، وفرص العمل، والشباب، والمصلحة العامة، واستقرار البلد.

كل ذلك يقتضي أن نتعاطى مع الواقع بكل جدية ومسؤولية حملتموها. 

الأردن وطن يستحق الفخر، ولذلك فكل لحظة من لحظات أعمارنا يجب أن تكون وفاءً ببنائه، وعملاً من أجله، وكل حب إن لم يكن للمملكة الأردنية الهاشمية فلمَنْ يكون؟!  

دولة الرئيس: أنا أردنية ابنة هذه الأرض، عاشقة لسمائها وأرضها، ورغم كل ما عانيت من ظلم وتجبر كراسي إلا أن عشقي لبلدي ازداد وكبر؛ لعلمي ويقيني أن لا أرض تشبه الأردن بشعبه الطيب وقيادته الحكيمة. وأرواحنا تفتديها لأنها تستحق،  رضعنا حبها من صدور أمهاتنا، وعرفنا قيمتها من عيون آبائنا. أعلم أن ثقة سيد البلاد وسام على صدرك، وكلنا أمل أن تحمل هذه الثقة بما ينسجم مع الرؤى الملكية وطموحات جلالته بأردن قوي برجالاته وأرضه، وأن تكون حذراً من أقوام تشوهت معاني الوطنية في أذهانهم، فشوهوها بأفعالهم وهم يرفعون شعاراتها ويتحدثون باسمها، وللأسف!

 يتكلمون عن الوطنية ويتحدثون عن الانتماء وهم يسعون في خراب الوطن؛ بسرقاتهم وخياناتهم وتحقيق أمجادهم الشخصية على حساب بنائه!

 يتعاملون مع الوطنية على أنها مجرد شعارات يحققون من خلالها الأنا قبل أن يرسخوا الانتماء، فتخرج أعمالهم مجرد قص ولصق، وجمع بلا ترتيب، وكتابة بلا تخطيط، لا لون ولا طعم ولا رائحة، فيزهدون وهم يعتقدون أنهم يجذبون!

 يهيمون في حب الوطن بالقصائد والكتابات والتغريدات، ومشروعهم في الوطن أنهم بلا مشروع، ووطنيتهم بلا هدف، أوقاتهم تذبح على مذابح الفراغ والجدة، ودقائق أعمارهم تهدر في أماكن لا تذكر فيها الجدية والبناء إلا قليلاً.

 يتحدثون عن ضرورة بناء الوطن والمشاركة في مسيرة التنمية وإداراتهم مقابر للإبداع، ومراتع للبيروقراطية، وبيئة مناسبة لفيروسات التخلف والتحطيم.

 يبكون على الوطن ويرثون لحال المواطن، وهم قد جنّدوا أنفسهم لنشر ثقافة اليأس والإحباط والتشاؤم، لا يعرفون من الألوان إلا السواد، ولا يدركون من مفهوم المواطنة إلا النقد والتحطيم، هدفهم المفضل تقييد  كل مبدع وناجح، وميدانهم النشط ساحات مواقع التواصل وأشباح الأسماء المستعارة، من خلالها يصفّون حساباتهم، وينفّسون عن أحقادهم، وعلى حساب مَنْ؟ على حساب الوطن الذي جعلوا حبه في توقيعهم.

يتكلمون عن الوطن الكبير ذي القلب الرحيم والصدر الواسع، ثم إذا جدّ الجد وبانت الخفايا، أصبح الوطن لا يسع إلا شخصهم، ولا يعترف إلا بوجودهم في إقصائية مقيتة، وازدواجية مخيفة.

 يصبغون الوجوه، ويعلقون الصور ويرفعون الرايات، ثم لا يردعهم هذا عن العبث بالممتلكات وتشويه المنجزات، وهم ينشدون أناشيد الوطن، ويترنمون بحب الوطن، يا الله مَنْ الذي شوّه مفهوم الوطنية في عقول هؤلاء؟!

دولة الرئيس: كن منهم على حذر وأنت تستقبل وتحمل مسؤولية وثقة ملك شهد له القاصي والداني بحكمته وإنسانيته وحبه لشعبه ووطنه، وأنا مدركة أنك ستختار من رجالها المخلصين: من يعملون لمصلحة أرض وشعب يستحق.

 حفظك الله يا أردن الهواشم، وأطال بعمر سيدي صاحب الجلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين.