مع لبنان في كل الأحوال

كانت حرباً محدودة «مضبوطة» على حد التعبير اللبناني، طوال الأشهر الماضية تضامناً من قبل حزب الله مع فلسطين والمقاومة، باتجاه انشغال جزء من قوات المستعمرة مع الجبهة الشمالية بين جنوب لبنان وشمال فلسطين، ولا بأس استنزافها، إذا أمكن، وبالفعل سجلت حالة ضغط على قوات الاحتلال، ولذلك حسمت القيادة السياسية العسكرية للمستعمرة أمرها، وحولتها إلى حرب مفتوحة، وبات الانفلات الإسرائيلي وبان كما هو يتجاوز كل الحدود، شاملاً الاعتداء والتطاول والقصف المركز لمناطق الجنوب والبقاع وصور وصيدا وبيروت والهرمل والنبطية وبعلبك، وأينما وجدت مواقع لحزب الله، بدون استثناء حتى ولو آذت المدنيين، كما فعلت في كامل قطاع غزة.

لم تعد مشاركة حزب الله في مواجهة المستعمرة، شكلاً تضامنياً مع فلسطين، ومحاولة التخفيف عن معاناة أهالي قطاع غزة، ودعم مقاومتها، بل تحولت المواجهة كي يكون شعب لبنان بمجمله متورطاً وشريكاً في المواجهة والمعركة والتضحيات والقصف والخسائر بمئات الشهداء وآلاف الجرحى، وتدمير الأبنية.

إلى الآن لم تظهر «قوة الردع المتبادلة» فالمعطيات تُشير إلى تفوق المستعمرة، عبر القصف التدميري الذي يقوم به سلاح الجو، ولا يوجد ما يُعيق عمله، حيث لا توجد دفاعات جوية، يمكنها أن تشغل الطيران أو تهدده أو تمنعه أو تسقطه، وهذه فجوة كبيرة في توازن القوة بين الطرفين، كان يمكن استدراكها بمبادرة قصف مطارات العدو، كما سبق له وفعل عام 1967 في بداية حرب حزيران ضد مصر وسوريا، حيث قام بتدمير المطارات والطائرات الرابضة، ولذلك كان لحزب الله أن يفعل الأمر نفسه في تصليت صواريخه المتوفرة باستهداف المطارات والتقليل من فعالياتها إن لم يتمكن من شلها.

قوات المستعمرة تجد الدعم والإسناد الأميركي، وتغطية احتياجاتها الكاملة، عسكرياً وتسليحياً ومالياً، وتوفير كل الغطاءات السياسية الدبلوماسية، تحت شعار تضليلي يحمل مضمون الكذب عنوانه: «حق المستعمرة للدفاع عن نفسها».

بينما لا تجد المقاومة اللبنانية من يقف معها ويساندها سوى التعاطف والشجب والاستنكار، وهذا غير كاف لإسناد شعب لبنان ومقاومته، والمقدمات غير مُبشرة بنتائج مطمئنة، والأمل ما زال كبيراً في نفوس كل من يقف مع لبنان الجريح، الذي يحمل متاعب فلسطين وتضامناً فعلياً معها، وها هو يدفع ثمن انحيازه للشعب الشقيق، وهي رسالة تحمل وجهين الأول أن العرب كل العرب في خندق واحد، والعدو واحد، والقضية واحدة، وهذا ما عبرت عنه قوى المقاومة في لبنان واليمن والعراق، والثاني أن من يحاول الاشتباك والاقتراب يدفع الثمن على يد قوات الاحتلال: العدو الوطني والقومي والديني والإنساني: المستعمرة الإسرائيلية.

كأردنيين نقف مع لبنان، كما نقف مع فلسطين لا خيار آخر أمامنا، مهما اشتدت الأزمة وتعقدت، والدور السياسي يؤديه الأردن بما يمليه الواجب، رسمياً وشعبياً، والإسناد العلاجي والصحي يهدف إلى تخفيف الألم والوجع اللبناني لمصابيه، تعويضاً ومواجهة لنتائج القصف الإسرائيلي للمنظومة الصحية من مستشفيات ومراكز وسيارات إسعاف، مما يؤكد أهمية توفر الرافعة الصحية الأردنية وضرورتها إلى لبنان.