خرائط على طاولة الترسيم !
د. حازم قشوع
لا الأمريكيين سيكون لهم وجود في العراق ولا ايران سيكون لها حضور فى سوريا وقوة حزب الله ستكون بحدود معلومه تكفل حماية لبنان وليس كقوة إقليمية قادرة على مجابهة ومواجهة مركزية، مع سيطرة إيران على شرق الخليج العربي أمام سيطرة اسرائيل على غرب الأردن هذا إضافة لانسحاب إسرائيل من قطاع غزة كما من الجنوب اللبناني وإعادة انتشار القواعد العسكرية الأمريكية تجاه غرب الخليج من شرقه، لتكون كما فى الاردن فى السعوديه وعمان على مضيق هرمز ومصر حيث سيناء.
تلك هى ارضيه التفاهمات التي يتم تداولها في أروقة نيويورك مع وجود التيار الإصلاحى فى بيت القرار الايراني بقياده الرئيس مسعود بزشكيان الذى يقود حاله مصالحه مع الغرب ستحصل بموجبها إيران رفع كامل للحصار وتطبيع علاقاتها مع دول المنطقة كما مع العالم الغربي، تلك هي الخطوط العامة للمبادرة التى تناولها ماكنزي قائد قوات سنتكوم السابق عبر فوكس نيوز القريبة من الحزب الجمهوري واعتبر هذه الأرضية ستشكل الحل الأمثل للجميع ليخرج الجميع رابح - رابح على حد وصفه.
ومن الواضح ان ارضيه عمل ماكنزي التي تناقلتها ايضا قناة بلومبرغ الإعلامية موافق عليها إيرانيا و إسرائيليا، حيث تناولها التيار الإصلاحي في أروقة مجلس الشورى الإيراني كما تناولتها بعض الصحف العبرية التى راحت تضعها ضمن قوالب مقبوله واستنتاجات تقود الى تفاهمات، الأمر الذى جعل من اروقة الجمعية العمومية أروقة نشطة لحالة الشرق الاوسط كما هى ساخنه ميدانيا وسط المعارك الجارية، الأمر الذي سيجعل جميع المتابعين يعيشون ضمن تكهنات سياسية وأخرى جيوسياسية يصعب التنبؤ بنتائجها وسط الحاله السياسيه الراهنه.
وهذا ما يعني أن الدولة الفلسطينية ستكون محاطة أمنيا بإسرائيل ولا وجود لحدود لها بعمقها العربي، وهو ما يستدعى استدراك ذلك بجملة بيان من المفترض أن تكون قادمة من النظام العربي الذي استكان لدور الغائب الحاضر في مسارات الأحداث الجارية، إلا أن التوافقات أن تم ترسيمها ستعمل على أسرلة الحالة الفلسطينية بحدودها تجاه غزة كما من باب بوابه الضفة التى سيتم فصلها عن الضفة الشرقية بواقع جدارى، كما سيتم فصلها سياسيا ضمن هذه المعادله السياسيه، الأمر الذي يتحفظ عليه الأردن في جملة الوصل كما من المفترض ترفضه فلسطين في معرض البيان، وهو ما يجعل هذا العنوان بلا مشروعية اقرار حتى لو كان يحمل شرعية بيان.
وفى جمله عمل موصولة قام نتنياهو بتشكيل لجنة بقيادة وزير الشؤون الاستراتيجية رون درما لبيان اتفاق حول غزة عندما بينت ضربات المقاومة بكل عناوينها "ان حل الشمال لن يكون إلا بوقف القتال في غزة"، وهذا ما جعل من بعض المحللين يصفون المشهد انتصارا لبنان سياسيا لان مسالة قطع روابط العلاقة بين لبنان الذي يعتبر مركز المقاومة وغزة بين فشله منذ المرحلة الاولى من بدء المعركة، عندما بينت مناورة حزب الله اسرائيل حجم الاستعداد الذي يقف عليه حزب الله ميدانيا بعد رفض روسيا الكشف عن ما يمتلكه حزب الله من ترسانة عسكرية للحد الذي راحت فيه إسرائيل تشن غارة على طرطوس للضغط على روسيا لبيان ذلك، وهو أيضا ما جعل من نتنياهو يذهب للأمم المتحدة لالقاء خطابه متأخرا في الجمعية الأممية.
فما حدث مع بدايات المعركة لم يكن سوى بداية لطابع المعركة القادم الذى سيحول تل أبيب الى ركام اذا ما اقدمت اسرائيل بارتكاب جرائم وحشية في ضاحية بيروت الجنوبية فإن اسرائيل ستكون بمواجهة برد قاسي رادع، وهذا ما جعل حزب الله يرد بقسوة مستهدفا حيفا كما تل أبيب بعدما كان ملتزما بقواعد الاشتباك تجاه القواعد العسكرية الإسرائيلية فى الناحيه الشماليه ومنذرا إسرائيل بالمزيد ان لم تتوقف عن وحشيتها وحالة التنمر التي تقف عليها التها العسكرية.
تلك هي المحصلة التي جعلت الحالة الميدانية ساخنه كما الحالة السياسية تكون كذلك، لاسيما وأن إسرائيل لن تستطيع الدخول بحرب شاملة مع تيار المقاومة فى ظل ميزان القوى السائدة كما أن حزب الله الذي يريد من اسرائيل وقف عملياتها العسكرية في غزة ليقوم الجميع بالمقابل بوقف العمليات فى جميع الساحات، إلا أن نتنياهو مازال يبحث عن ورقة تجعله رابح ليكون قادر على إعادة تنظيم صفوفه الحزبية وصفوف تحالفاته بمحيطه العربي اضافة الى ما يقف عليه في رهانه بفوز ترامب بالانتخابات الرئاسية القادمة الذى اعطاءه "وعد ترامب" بتوسيع حدود خريطة اسرائيل لتكون فى حدود اسرائيل الكبرى، وهي المحصلة التى قد تجعل خرائط جديدة على طاولة الترسيم.
وفي وسط هذه الأحداث الميدانية والمبادرات السياسية جاء الخطاب الملكي ليرسم معالم الطريق ويكون بيان رسالته المباشر بعد خطاب الرئيس بايدن المضيف الرئيس مرسلا بذلك رسالة لبيت القرار الأممي جملة خطابه في اجتماع الجمعية العمومية 79 التى يمكن تسميتها بدورة "فلسطين" كونها أصبحت فيها عضوا مشاركا، وهذا ما جعل من خطاب الملك عبدالله يكون الخطاب الاكثر تاثيرا لهذه المرحلة كما حرصت على بيان تفاصيله الملكة رانيا العبدالله فى حديثها واسع الانتشار التى بينت فيه المحددات الخمسة لإنهاء حالة الصراع القائمة.
والتى تتمثل بتطبيق قرارات الشرعية الدولية دون استثناءات فى المقام الأول، وحق الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش الآمن الكريم وحق تقرير المصير ضمن الحقوق الإنسانية التي كفلها القانون فى المقام الثاني، كما مسالة محتوى الامن يجب ان تكون مصانة للجانبين وليس للطرف الإسرائيلي على حساب الطرف الفلسطيني في معادلة الأمن الصفري الحاصلة هذا فى المقام الثالث، وفي المقام الرابع فان المحاسبة أصل العدالة فلا يمكن تحقيق العدالة دون تحمل مسؤولية تصرفات ترسخ مناخات التطرف وتغذى حالة العدائية، وفى المقام الخامس لا يمكن أن تكون المنطقة أسرى لقوى متطرفة لا تفهم الا لغة الإقصاء من واقع التهجير وترفض قيم العيش المشترك كما تريد فرض قانون القوة على الجميع.
تلك هي أرضية العمل التي من المفترض أن يقف عليها الجميع فى وسط هذه الظروف، والتى جاءت عبر مبادرة ملكية الطابع متسلسلة المضمون، وهو ما يؤكد ان الاردن مازال يتمسك بالسلام لكنه فى نفس الوقت يرفض الإذعان، وهي جملة البيان التي تحدث عنها الملك عبدالله في خطابه التاريخي أمام الجمعية الأممية فى دورة فلسطين حيث بانت خراط المعادلة وظهرت ترسيمات جديده للعناوين، وهو ما بينه ايضا غانم المفتاح القطرى المقعد فى صرخة حملت رسالة اهل غزه وفلسطين من أجل التعايش الآمن السلمي والقبول بمسألة العيش المشترك لفرض واقع جديد.