اخلاء الاردن من العمالة الوافدة في غضون سنوات
علي السنيد
لا يمكن ان ننقذ الوضع الاردني بالخطابات الرنانة، وبكم المقابلات والخطب الانشائية، وخاصة وان الحكومات الفاشلة لا تتحدث عادة سوى في الوقت الضائع من عمر الوطن، وبعد ان تكون هدرت السنوات بدون جدوى، وهذه مشكلة الدول التي فقدت طريقها نحو المستقبل لانها لم تتخذ القرارات السليمة والشجاعة في الوقت المناسب.
ووجود قادة عظام في مواقع المسؤولية، ومستشارين امناء الى جانب اصحاب القرار قد يمكن من وضع البرنامج الاكثر ملائمة للحالة الشعبية، وهو ما يستجلب رضى الشعب، بدلا من زرع الفتنة في احشائه، ويمكن تحفيز الناس، واطلاق طاقاتها الخلاقة نحو العطاء، ورفع المعنويات العامة، واعادة بناء الدول على اسس سليمة بناء على قراءة واقعية للمتطلبات التي تقتضيها مصلحة الشعب، ونظام الحكم فيما لو وجد الملهمون لشعبهم، ومن يقدمون نموذج القدوة للناس.
وانا اعتقد اننا يمكن ان نبدأ اليوم من جهة وضع تصور عملي لانهاء استباحة العمالة الوافدة لسوق العمل الاردني ، والغاء هذا التشوه في دورة حياته الاقتصادية، وخاصة، وان فتح السوق الاردني للعمالة الوافدة بهذا الكم واكب مرحلة المساعدات الفلكية القادمة من الدول النفطية في الربع الاخير من القرن الماضي، وهي المرحلة التي رفعت مستويات الحياة في الاردن فوق حقيقة واقعه الاقتصادي. واليوم نحن غادرنا هذه المرحلة، وعلينا بتوطين المهن في المجتمع الاردني، ولا يعقل ان يكون لدينا عدة مئات الالاف من الشباب المعطلين عن العمل، وتزيد العمالة الوافدة في الاردن عن مليون وافد ناهيل عن عمالة المهجرين على اثر الحروب.
ونحن يجب ان نتبع للنموذج الاقتصادي للدول التي تمارس الاعتماد على الذات تبعا لامكانياتها الاقتصادية، ولا يعقل ان نبقى بعد كل هذه العقود نجاري دول الخليج النفطية في انماطها المعيشية، ومعروف ان هذه الدول نفسها بدأت تعيد النظر بحجم العمالة التي لديها ، وامكانيات الاستغناء عنها لصالح ابنائها.
والمجتمع الاردني معني باعادة تكييف نفسه في ظل المهن التي يطرحها السوق الاردني، ونحن ملزمون بتصويب مسيرة الاجيال الاردنية التي تم دفعها بلا وعي الى التعليم الاكاديمي ، ومن خلال التوسع بترخيص الجامعات حتى بلغت نحو ثلاثين جامعة لتتكرس لدينا بطالة عميقة في المجتمع تنذر بتفجره.
في حين ان سوق العمل استولت عليه العمالة الوافدة حتى اصبحت جزءاً اصيلاً من الواقع الاجتماعي الاردني في كل المحافظات.
يمكن للاردن ان يتحول الى مركز اقليمي للتعليم المهني، وان يصار لتأهيل الاردنيين لشغل كل الوظائف والاعمال التي يطرحها السوق الاردني، ومحاربة البطالة من خلال احلال العمالة الاردنية في السوق ، ووقف نزيف الدولة الاردنية في تحويلات الوافدين البالغة مليارات الدولارات سنويا، فضلا عن انها اصبحت تواجه مخاطر تفجر جيل معطل عن العمل قوامه بمئات الالاف، ومما يؤزم هذا الواقع المؤلم الجامعات التي هي بالعشرات وتخرج عشرات الالاف سنويا ، وفي تخصصات لا مجال لها في سوق العمل، وهو ما مكن العمالة الوافدة من الاستيلاء على سوق العمل، وصار الاردني غريبا في وطنه ولا يجد له عملا يقيت نفسه وعائلته به، وهو الذي تزاحمه كافة هذه الجنسيات على الاعمال التي يجب ان توفرها الدولة له في الاساس.
على وزارة العمل ان تحصر كافة الاعمال التي يساولي عليها جيش العمالة الوافدة، وفي كل المحافظات، وفي كافة القطاعات الاقتصادية، وان يصار الى وضع خطة عملية لاحلال العمالة الاردنية في مكانها وتقليص هذه العمالة مع مرور الوقت حتى تلاشيها ، ومن يتهرب عن تشغيل ابناء الاردنيين من اصحاب الاعمال فليظهر ذلك امام الملأ، ولتلزمه الدولة بقوانينها بتوفير فرص العمل للاردنيين اولاً، وفي بعض المهن التي تحتاج الى مهارات معينة فعلى وزارة العمل ان توجد مراكز تدريب للشباب عليها، وان يتم في المدى القريب انهاء هذا الملف الوطني المقلق.
وزارة العمل يمكن لها ان تحول الاردن الى ورشة لاعادة تأهيل الشباب الاردني في الاعمال التي يطرحها السوق كأي دولة من دول العالم التي لديها نفس معطيات الاقتصاد الاردني.