الانتخابات النيابية وتجديد النخب السياسية

 

ما بعد الانتخابات النيابية، ودخول الاردن في اول مربع من وصفات التحديث والاصلاح السياسي.

فأول سؤال يقفز الى الواجهة، ماذا عن تحديث النخبة السياسية؟ وطبعا، ومن الاسئلة التي خلفتها الانتخابات النيابية الاخيرة، هل حققت الانتخابات عدالة وتوازنا في التمثيل النيابي وتوسيع قواعده؟ لربما ان الحاجة ملحة سياسيا لطرح هذا السؤال، وعلى مستويين شعبيا ونخبويا.

و هل أن الانتخابات النيابية وما افرزت يقفل السؤال عن العملية السياسية الاردنية، والى أين وصل مخاضها ؟

وهل ان الانتخابات وقانوني الاحزاب والانتخابات ومخرجاتهما استجابت الى التطور الاجتماعي والسياسي العاصف في الاردن ؟ وفيما يطرح، هل التيارات السياسية الناتجة عن الانتخابات النيابية ستقف في مسار تطوير التحديث السياسي او لجم التغيير، والرجوع الى المربع صفر ؟

اي نظام سياسي، اكثر ما قد يواجه هو العلاقة ما بين المجتمع وحالة التطور والتغيير، والتمثيل السياسي. و يبدو ان ثمة هوة شاسعة وعميقة ومتلازمة بين المجتمع والرأي العام والقوى السياسية في البرلمان وخارجه. و هل نتائج الانتخابات النيابية عبرت عن تطور وتقدم المجتمع الاردني؟ والتطور الاجتماعي لابد ان يلاحقه تطور سياسي، وذلك لتمكين قوة مجتمعية من التمثيل السياسي؟ سنجد انفسنا، واذا ما حاولنا الاجابة عن الاسئلة المطروحة امام ازمة في التمثيل وازمة في عناوين التغيير السياسي المطروق. الانتخابات وصناديق الاقتراع ابواب للتغيير وتجديد النخبة. وهي طريقة ديمقراطية عندما يكون المجتمع جاهزا ومستعدا الى الاقتراع.

العملية الانتخابية احيانا قد تخفق في انتاج نخبة سياسية، وصندوق الاقتراع يمهد الى افراز تدوير وتوسيع دائرة النخب التقليدية، واقفال الباب امام التغيير والاستبدال الموضوعي.

ما زال المشهد السياسي يتزاحم في وجوه تقليدية وقديمة، وان انتجت الانتخابات وصناديق الاقتراع وجوها جديدة. ولكن، وما هي قدرة المنتج النيابي على القيام بادوار سياسية وواسطات عابرة للدولة والمجتمع تسهم في تضييق الهوة.

العملية السياسية يقاس نجاحها في تفكيك وردم الانسداد بين المجتمع والقوى السياسية والدولة.. فما بالكم ان اصبح مضاعفا ! والاردن يواجه حالة توتر إقليمية ودولية عاصفة وملتهبة، وذلك في غمرة حربي غزة ولبنان، والتصعيد الاسرائيلي في الضفة الغربية، الحلول التوراتية الاسرائيلية.

ما بين حربي غزة ولبنان، والحل الاسرائيلي / الامريكي للقضية الفلسطينية، فيبدو ان الامن الوطني الاردني يواجه تدحيات كبرى، وذلك ازاء تفاقم التوتر في العلاقة مع اسرائيل.

و لا يعرف الى أي مدى سوف يصل التوتر مع اسرائيل، وفي ظل شهوة يمينية جانحة الى بناء طوق وجدار وغلاف اسرائيلي ممتد في الشرق الاوسط.

الاولوية، واكرر قولها. لا بد من بناء وتحصين الجبهة الداخلية الاردنية. واقليميا، الدور الاردني لابد ان يتبلور في سياقات اقليمية وعربية ودولية تكسر معادلة الاحادية.

بناء الجبهة الداخلية هي سؤال التحدي عن التجديد وبناء مناعة وطنية.. وهي مهمة سياسية بالتأكيد توكل الى نخبة مؤدلجة وطنيا.