حكومة جعفر حسان وامتحان الفشل في تقديم الخدمات .. و (الكهرباء انموذجا)

زهير العزه
يطالب البعض باعطاء الحكومة الجديدة برئاسة الدكتور جعفر حسان مهلة  لنرى ما في جعبتها من عمل يمكن ان يخدم الوطن والمواطن، وهو نفس المطلب الذي كان يطرحه البعض عند تشكيل كل حكومة تأتي الى سدة الدوار الرابع ، وحجة هؤلاء كانت دائما أن الحكومة الجديدة ورثت من الحكومات التي سبقتها إرثا ماليا واقتصاديا واجتماعيا وغيره من الملفات الشائكة، وبالتالي لابد من إعطائها الفرصة لتجترح الحلول لهذه الملفات. 
 

لكن الواضح أن هذه  الحكومة لا تختلف عن الحكومات السابقة ، ففي شعاراتها انها تحمل ملفا للتغير والتحسين والاصلاح  وخاصة في القطاع العام، وفي واقعها فهي حكومة تقليدية لم تقدم الا الاستعراض في هذه المحافظة او تلك دون حل مشاكل كان لهذه الحكومة ان تحلها فورا ولا تحتاج الى الكثير من المماطلة والتسويف ولا اجتماعات عديدة ، وهنا اقصد بعض الخدمات الضرورية للمواطن مثل الكهرباء والماء. 
 

فالعديد من المواطنين يطالبون بإيصال خدمة الكهرباء الى منازل كانوا قد  قاموا ببنائها من أجل ايواء اطفالهم ، لكن المدهش والمستغرب ان العراقيل التي يتم وضعها في وجوههم من خلال قوانين بالية فضفاضة يترجمها الموظف وفق رؤيا قدد تكون اوهي في الغالب خاطئة ، والمستغرب ان الوزير الحالي  وليد المصري  والذي استلم  مهام وزارة الحكم المحلي حاليا اووزارة البلديات في التسمية السابقة ،كان قد استمع سابقا لنفس مطالب المواطنيين ومعاناتهم  نتيجة بعض القوانين او التعليمات التي تعرقل حصول المواطن على خدمة الكهرباء التي هي  ضرورية لحياته .
 

ورحلة البحث عن الكهرباء يمكن ان نسردها من خلال قصة واقعية ، بطلها مواطن وجزارها قانون يطبقه موظف في وزارة الحكم المحلي وشركة الكهرباء ، فالقانون يضع شروطا لحصول المواطن على الكهرباء منها الترخيص من قبل البلدية التي تتبع لها ارض البناء ، وبعد ان يحصل المواطن اياه على الترخيص من البلدية يحاول الحصل على الكهرباء، ليأتي الرد من  شركة الكهرباء الاردنية المساهمة ان  الحصول على  الترخيص يحتاج الى الحصول على تراخيص من وزارة الحكم المحلي لان أرض البناء تقع خارج تنظيم البلدية ، وعندما يراجع وزارة الحكم المحلي تكون الطامة الكبرى فالشروط التي كما يقول الموظفين يتحويها القانون تمنع الحصول على الرخصة التي تؤهل المواطن الحصول على الكهرباء  الابعد تحقيق هذه الشروط ، ومنها على سبيل المثال التهوية  والابتعاد عن الشارع بمسافة  وتركيب مطبخ  وغير ذلك من المطالب التي في غالب الاحيان  لا يمكن توفرها في المنازل البعيدة عن الخدمات او كما نقول في "البيوت الصحراوية " البعيدة عن المناطق الحضرية ، حيث تؤكد الوزارة ان الارض خارج التنظيم  وهي زراعية  وليس حضرية سكنية ، اي بعيدة عن الخدمات فكيف توضع على البناء نفس شروط البناء في الاماكن السكنية او الحضرية كدابوق مثلا  ؟ 
 

ان اعادة الوزير وليد المصري الى الوزارة يتطلب ان يتحرك  الوزير فورا  لتغيير الشروط ما يسهل على المزارعين والفقراء واصحاب الاراضي البعيدة عن الخدمات ، اي التي خارج التنظيم ، وهذا لا يحتاج الا الى قرار ..!
وفي هذا المجال لم نجد مشروعا لدى وزار العمل لحل مشكلة البطالة الا طرح الشعارات على نفس السياق السابق ، وهذا ينطبق على وزارة الصناعة والتجارة والتموين ، حيث تأكل الاسعار رواتب ومداخيل غالبية ابناء الشعب من الفقراء والمطحونين دون ان تتحرك الوزارة للجم هذه الارتفاعات ، والغريب ان الوزير الحالي لوزارة الصناعة والتجارة كان قد تسلم مهام هذه الوزارة سابقا ولم ينجح في حل مشاكل عديدة تتعلق بالاسعار والاستغلال  ، ومن هنا كان العديد من المراقبين يسالون عن جدوى اعادة وزراء الى مواقع كانوا قد وصلوا اليها سابقا ولم ينجحوا في حل مشاكل المواطن الخاصة بوزاراتهم ...!
 

ومن هنا فإننا نود ان نطرح الاسئلة التالية على المطالبين بإعطاء الحكومة الفرصة لادارة الملفات العالقة والمستحدثة ، ومنها هل هناك وزراء في هذه التشكيلة الوزارية كانوا ضمن تشكيلة الحكومات السابقة وفشلوا في ادارة ملفات وزاراتهم ؟ وهل إعادة تعيين من فشلوا في إدارة ملفاتهم يعتبر تغييرا في نهج تشكيل الحكومات انسجاما مع الخطط الاصلاحية التي قيل ان الدولة تسعى لها ؟ أوليس مبدأ المحاصصة والمناطقية واثارالتدخلات من بعض الجهات والمؤسسات واضحة ولها بصمات في تركيبة الحكومة؟ اوليس ادخال وزراء من الحلقات الضيقة لهذا المحسوب او ذاك اولتلك المؤسسة "المتدخلة" ، يؤكد الفشل في ترك الولاية  الكاملة للحكومة لادارة الملفات بحيث كانت الحكومة بتركيبتها لا ترقى الى  مستوى طموحات المواطن ؟ وهل الزيارات الميدانية تدخل في باب المجاملة الشعبوية لامتصاص غضب الناس وليس ابتداع الحلول كما يريد المواطن ؟
 

 بالتأكيد ان كل ما طرحناه من اسئلة لا يمكن المجادلة فيها من قبل مؤيدي الحكومة او رئيسها ، وانطلاقا من ذلك فأن المؤكد ان المواطن لا يريد تمديدُ الوقتِ بدلِ الضائعِ من اجل منح هذه الحكومة  او وزراء تمت تجربتهم  ومعرفة قدراتهم فرصة للتجربة ، كما لا يريد ان تنتظرملفاته ومشاكله ومعاناته على مقعد الاحتياط في انتظار أن تمتطر السماء حلولا غيرُ قابلٍ للتجزئة ولا تنفجر بوجهه عند كل منعطف حياتي خدماتي يمرعليه وهو يراجع احدى الوزارات او الدوائر الحكومية او حتى الشركات التي تقدم خدمات تمس حياته كالكهرباء والماء والاتصالات ،حيث حولتها القرارات الحكومية المتعاقبة الى جحيم. لقد اثبتت التجربة ان نهج التوليفات الوزارية القائم على المحاصصة والجهوية والتنفيعية والشللية ،لم يستطع اخذ البلاد الى مسار صحيح ،  يحقق شعار "الى العمل" الذي ادعته الحكومات السابقة وتدعيه الحكومة الحالية  ،بل على العكس من ذلك وصلنا الى حالة "البلادة" في السياسة والاقتصاد والاجتماع ، وانعكس كل ذلك على الحالة الاقتصادية  والاجتماعي  في البلاد بطالة وفقر وجوع وانفلات اجتماعي واخلاقي ، وانهيار في الاسواق من حيث توقف العديد من الشركات او المؤسسات عن العمل ، بل ان الحصول على الخدمات كما قلنا اصبح ضربا من الخيال في ظل هذا الواقع المأساوي لتشكيل الحكومات ................ يتبع