ديموقراطية وتعددية وتكاملية .. (لبنان نموذجًآ) .. بقلم / حمادة فراعنة
حمادة فراعنة
تزداد وضوحاً مطالب اللبنانيين وتتسع مساحات الشراكة في الاعتصام من قبل العائلات والطوائف مثلما تزداد محاولات احباط مشروع التغيير والتمسك بما هو قائم، ولم يعد أحد محصناً من التناول والنقد والتطاول بما فيها «سماحة السيد» و» فخامة الرئيس» وتتسع درجة الرؤية بوضوح سياسي إجرائي عملي لمعنى « كلهن « فكلمة كلهن تشمل كل رموز النظام الطائفي الذين تقاسموا الوظائف والامتيازات.
ما يُعاني منه المواطن العربي، نفس المضمون، وإن اختلفت التفاصيل، وهي تطلعات الإنسان العربي منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث أخفقت حركة التحرر العربية من تحقيق:
أولاً: استكمال خطوات الاستقلال السياسي والاقتصادي.
ثانياً : فقدان العدالة الاجتماعية وتدني الخدمات الضرورية
ثالثاً: غياب الديمقراطية والتعددية وعدم الاحتكام لصناديق الاقتراع.
رابعاً: العجز في تحرير فلسطين.
خامساً: الفشل في تحقيق الوحدة العربية.
لقد انفجرت ثورة الربيع العربي لدوافع موضوعية فرضها التخلف والجوع والفقر وغياب الحرية ، وضعف الأحزاب الوطنية والقومية واليسارية والليبرالية، تم توظيفها لصالح أحزاب تيار الإسلام السياسي ، وقد أخفق هؤلاء في إدارة الدولة على أساس القيم العصرية والديمقراطية والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع اينما تولوا السلطة أو شاركوا فيها ، وفشل داعش والقاعدة والإخوان المسلمين ومساهماتهم المسلحة في ليبيا وسوريا، كما سقطت احزاب ولاية الفقيه في تجربة تشكيل حالة ارقى مما هو سائد.
تجربة لبنان وتعدديته وعصرية شعبه و مجتمعه عززت من خيارات الربيع العربي نحو الديمقراطية والتعددية والاحتكام إلى صناديق الاقتراع، ولكن تدخلات حزب الله وحركة أمل قد تؤدي الى إحباط المشروع الديمقراطي اللبناني برمته، ويعيد الإسلام السياسي تأكيد فشله مرة اخرى، فالدور الكفاحي الذي مارسته حركة حماس في فلسطين، وبسالة حزب الله في هزيمة العدو الإسرائيلي ورحيله عن لبنان، تم إضاعتهما بالانقلاب الدموي في قطاع غزة يوم 14 حزيران 2007، وفي سيطرة حزب الله على وسط بيروت يوم 7 أيار 2008، وهاهو مع حركة امل يعمل ما يستطيع للتصدي لحركة الشارع ومع ذلك يجب أن نتعلم ان الحياة تسير إلى الأمام، ولن تعود إلى الخلف، فالحياة مضمونها تعددي تقوم على حرية الاختيار للبشر بما لا يتعارض مع حرية الأخرين، بل على أساس الشراكة والقواسم المشتركة والإنصاف والعدالة والمساواة.
السؤال هل تسير ثورة لبنان وتنتصر ، فالشعوب تستفيد من تجارب من سبقها، والتراث اللبناني غني باتجاهين:
أولهما أنه يملك التجربة الديمقراطية الوحيدة في العالم العربي لعشرات السنين وإن كانت ناقصة بسبب الطائفية،
وثانيهما: أنه سجل تجربة كفاحية مميزة في هزيمة العدو الإسرائيلي، ولذلك لن يفقد تجربتيه ولن يضحي بهما، بل سيواصل انجازاته التراكمية ليشكل نموذجاً يُحتذى لأشقائه العرب في البسالة والوضوح والفرح وتمازج التعددية وتماسك شعبه من أجل نظام جديد يقوم على الديمقراطية والانتخابات وصناديق الاقتراع والتعددية التكاملية التي تصون لكل اللبنانيين حقوقهم وتعدديتهم في إطار الدولة المدنية الحضارية، وهذا ما نفتقده في غالبية البلدان العربية، ونحتاجه ونتعلم منه.
محاولات حزب الله وحركة أمل والتيار الحر لا شك ستؤثر على مسار الاحتجاجات وستمزق حركة الشارع واعتصاماته وتضعف وحدته وهو التحدي الذي سيواجه وحدة اللبنانيين، وهي ظاهرة ليست فريدة، بل عانت منه العديد من الانتفاضات العربية وسببت في اخفاقها ولاتزال في العراق واليمن وليبيا وحتى فلسطين في مواجهة العدو الواحد.