عين على القدس يناقش تشريعات الاحتلال الهادفة لتصفية القضية الفلسطينية
عمان 5 تشرين الثاني ناقش برنامج عين على القدس الذي عرضه التلفزيون الأردني، أمس الاثنين، موجة التشريعات العنصرية التي أقرها الكنيست الإسرائيلي بهدف تصفية القضية الفلسطينية، وخصوصا قرار حظر عمل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، وتداعيات هذا القرار على الساحة الدولية والفلسطينية إنسانيا وقانونيا.
ووفقا لتقرير البرنامج، صوت البرلمان الإسرائيلي (الكنيست) بأغلبية ساحقة (92 صوتا) على قرار يحظر عمل الأونروا في المناطق التابعة لـ"سيادة" الاحتلال الإسرائيلي، وذلك في سعي حكومة الاحتلال لـ"تصفية القضية الفلسطينية".
وينص القرار على منع أي نشاط للمنظمة الأممية في إسرائيل، وأن لا تقوم بتشغيل أي مكتب تمثيلي وأن لا تقدم أي خدمة للفلسطينيين، ولا تقوم بأي نشاط بشكل مباشر أو غير مباشر في الأراضي الواقعة تحت سلطتها، على أن يدخل هذا القرار حيز التنفيذ خلال 90 يوما من لحظة إقراره.
وأشار التقرير إلى ان هذا القرار واجه موجة استنكار عالمية وعربية وفلسطينية واسعة، اذ حذرت دول ومنظمات ومؤسسات عالمية من خطورة حظر عمل الأونروا وتداعياته مستقبلا.
وحذر التقرير من أن هذا القرار له أبعاد وتداعيات خطيرة على اللاجئين الفلسطينيين، عبر استهداف الجانب الإنساني والإغاثي الذي تقوم به الوكالة منذ عقود كثيرة، حيث تقدم الأونروا خدماتها التعليمية والصحية للاجئين الفلسطينيين في 19 مخيما في الضفة الغربية والقدس، و8 مخيمات في قطاع غزة.
وبين أن قرار حظر عمل الأونروا في الكنيست يأتي بالتزامن مع قوانين كثيرة جائرة بحق الفلسطينيين، كالتصويت بالقراءة الثالثة على إبعاد أهالي منفذي العمليات، وقانون منع الأحزاب العربية من المشاركة في انتخابات الكنيست مستقبلا، والتصويت بأغلبية 90 صوتا على قرار منع إقامة دولة فلسطينية، إضافة للقرارات السياسية التي تمنع الدول من فتح مكاتب تمثيل لها لخدمة الفلسطينيين في القدس الشرقية، وقرار منع تحويل الأموال للبنوك الفلسطينية.
وقال رئيس الحركة العربية للتغيير، الدكتور أحمد الطيبي، إن اليمين الإسرائيلي والحكومة الحالية في سعي دائم لتصفية القضية الفلسطينية عبر كثير من القوانين، وإن أبرزها كان قانون حظر عمل الأونروا، وطالبت بإلغاء الأونروا على مدى عقود مضت، لأن حكومات الاحتلال المتعاقبة أرادت إلغاء قضية اللاجئين وحق العودة، لافتا إلى أن الفرصة سنحت لهم بعد السابع من تشرين الأول 2023 مع تصاعد هذا الجو "الفاشي" في المجتمع الإسرائيلي، ووجود دعم مشترك بين الائتلاف والمعارضة، ما ساعدهم على تمرير هذا القانون.
وأوضح الطيبي أنه لا علاقة لما أسموه بقضية "الإرهاب" بهذا القانون، وإنما هي قضية سياسية ارادوا من خلالها إلغاء قضية اللاجئين وحق العودة، وإلغاء وجود الشعب الفلسطيني، لأن هذه الحكومة والكنيست لا يعترفان أصلا بوجود هذا الشعب.
بدوره، قال المختص في الشأن الإسرائيلي، فراس ياغي، إن كل هذه التشريعات القانونية تأتي لفسح المجال أمام الحكومة الإسرائيلية لممارسة سياستها وفقا للقوانين الإسرائيلية، التي تتعارض كليا مع قوانين الاحتلال، مشيرا إلى أن هناك قرارا استشاريا لمحكمة العدل الدولية يقول أن هذه الأراضي محتلة، ويجب على الامم المتحدة إزالة الاحتلال خلال 12 شهرا، ما يؤكد أن الاحتلال لا يريد حتى السلطة الوطنية الفلسطينية.
من جانبه، قال مدير مركز (عدالة) لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل، الدكتور حسن جبارين، إن الحكومة اليمينية الحالية تقوم باستعراض مواقفها التشريعية أمام المجتمع الإسرائيلي، وكأنها تقول أنها ضد الفلسطينيين، ما يعطي زخما إعلاميا لليمين، إضافة إلى أن القوانين ثابتة أكثر من القرارات الحكومية، كما انها تستهدف مسألة مواطنة الفلسطينيين لعرب الـ 48 والإقامة الدائمة لفلسطينيي القدس، ما يساهم في عملية طرد هؤلاء من أماكنهم، للمحافظة على أغلبية "ديموغرافية" داخل الخط الأخضر والقدس.
وأشار جبارين إلى أن موجة القوانين العنصرية ضد الفلسطينيين بدأت قبل 20 عاما، بقانون "منع لم الشمل" عام 2006، الذي جعل من الفلسطينيين المواطنين الوحيدين في العالم الذين لا يحق لهم الزواج من أبناء شعبهم، حيث لا يستطيع الفلسطيني من حيفا الزواج والعيش في حيفا من فلسطينية من رام الله، إضافة إلى عدد من القوانين التم تم سنها خصوصا في فترات حكومات بنيامين نتنياهو، والتي بدات منذ عام 2009.
وأوضح ان ما يحدث هذه الأيام يعتبر الذروة في هذه القوانين العنصرية، لأن الحكومة الإسرائيلية اليمينية تعمل على استغلال "جو الحرب" واتساع الفاشية لدى الجانب الشعبوي الإسرائيلي وخوفه للنيل من الفلسطينيين ووجودهم.
من جهته، قال المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في غزة، عدنان أبو حسنة، إن ما حدث يعتبر سابقة في تاريخ الأمم المتحدة، خصوصا وأن هذا القرار صدر عن دولة تابعة للامم المتحدة، والتي قامت عند اعتمادها في العام 1948 بالتوقيع على مواثيق وتعهدات باحترام منظمات الأمم المتحدة والعمل على تسهيل مهماتها، ثم تقوم بحظر عمل أكبر منظمة أممية موجودة في العالم.
وأوضح أن العالم مصاب بصدمة، حيث أنه لم يكن يتوقع أن الأمور سوف تاخذ هذا المنحنى، بأن تقوم دولة بسن قوانين محلية لحظر منظمات تابعة للامم المتحدة، ما يشكل ضربة للنظام الدولي متعدد الأطراف، الذي تم إيجاده بعد الحرب العالمية الثانية، مشيرا إلى أن الاستنفار العالمي المتمثل ببيان مجلس الامن الدولي بالإجماع وتحرك الدول العربية والغربية، لم يأت من أجل الأونروا فقط، بل لأن قرار الاحتلال يأتي ضربة في مقتل النظام العالمي الذي تم تأسيسه منذ عقود.
وأكد أبو حسنة إن الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش سوف يتوجه إلى الجمعية العامة للامم المتحدة التي أنشأت إسرائيل والاونروا بنفس التاريخ، وسيشرح القضية الخطيرة التي حدثت، والتي ستعمل على إعاقة وعدم تنفيذ تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة يتعلق باللاجئين الفلسطينيين، كما أن النرويج سوف تذهب برأي إلى محكمة العدل الدولية للبحث في هذه القضية، إضافة لضغوط هائلة وتحرك كبير من كل دول العالم ضد هذا القرار.
وبين أن الاحتلال لن ينجح في تصفية قضية اللاجئيين الفلسطينيين من خلال حظره للأونروا، لأن كل القرارات الأممية المتعلقة بقضية اللاجئين وحق العودة صدرت قبل تأسيس الأونروا عام 1949، لذلك فإن وجود هذه المنظمة وعدمه لن يؤثر على هذه القرارات.