الأطباء وتشخيص الأمراض
بقلم:
نزيه القسوس
في كليات الطب هناك مادة مهمة جدا وقد تكون من أهم وأصعب المواد التي يدرسها الطلاب في هذه لكليات وهذه المادة اسمها علم الأمراض وهي تبين أعراض كل مرض والاسم العلمي للدواء الذي يعالجه.
هذه المادة صعبة جدا ولا يمكن لأي طالب أن يحفظ جميع الأمراض وأعراضها إلا إذا كان طالبا متميزا جدا، لذلك فإن بعض الأطباء لا يستطيعون تشخيص بعض الأمراض حتى لو كانت من اختصاصهم لكنهم لايعترفون بعدم مقدرتهم على تشخيص المرض ويعتبرون الاعتراف انتقاصا من قيمتهم الطبية لذلك نجدهم يصفون دواء للمريض ليس له أحيانا علاقة بالعلة التي يشكو منها هذا المريض.
ولنعط مثلا من الواقع على ما نقول فهنالك بعض المواطنين الذين يتعرضون لإلتهاب ما في بعض أجزاء اجسامهم الخارجية أو أن هناك مواطنين يشكون من التهاب اللوزتين فيراجعون أحد الأطباء الأخصائيين فيقوم هذا الطبيب بفحص هؤلاء المرضى ويصف لهم الدواء وفي حالات عديدة يضطر المريض إلى مراجعة عدة أطباء وكل طبيب يصف له علاجا مختلفا، لكن هذه العلاجات لا تنفعه أبدا في الوقت الذي يمكن للزراعة في المختبر أن تحل المشكلة بسرعة عجيبة؛ لأن الزراعة ليس فيها تخمين أو تقدير بل تعطي نتائجها الدواء الشافي مئة بالمئة، لكن من النادر جدا أن يلجأ الأطباء إلى الزراعة؛ لأنه كما يبدو يعتبرونها انتقاصا من مقدرتهم الطبية مع أن الزراعة تعتبر جزءا مهما جدا من تشخيص بعض الأمراض.
في بعض البلدان المتقدمة لا يمكن لأي طبيب أن يعطي دواء للمريض بدون أن يكون متأكدا مئة بالمئة من تشخيصه للمرض أو أنه يلجأ إلى الوسائل المساعدة كالمختبرات أو الزراعة أو التقنيات الطبية الحديثة وأحيانا وهذا هو المهم يلجأ هذا الطبيب إلى بعض زملائه لاستشارتهم ولمساعدته في تشخيص العلة التي يشكو منها المريض.
الفيلسوف اليوناني المشهور سقراط والذي كان يعتببر من أكبر فلاسفة ومثقفي عصره قال جملة مشهورة ما زال صداها إلى اليوم وتعتبر نبراسا للعلماء والأطباء المتواضعين وهذه الجملة التي قالها قبل أكثر من ألفين وخمسمائة عام تقول : كل ما أعلم هو أنني لا أعلم شيئا ويقصد سقراط بأن كل ما يعرفه لا يساوي نقطة في بحر العلوم والمعرفة في كافة الحقول.
ليس عيبا أن لا يعرف الإنسان فعدم المعرفة لا ينقص من قيمته لكن العيب في أن يدعي المعرفة وهو لا يعرف وهذه هي الطامة الكبرى ومع الأسف الشديد فهنالك نسبة كبيرة من شعبنا لا يعرفون لكنهم يدعون المعرفة فأنت تذهب إلى الميكانيكي لإصلاح سيارتك فيقوم بفحصها ويطلب منك إحضار قطعة لتركيبها بدل القطعة التالفة وبعد التركيب تكتشف أن العلة ما زالت كما هي وهكذا يستمر مسلسل التخمين والتجريب وأنت تدفع وحتى لو دفعت كل ما معك فلا يمكن لهذا الميكانيكي أن يقول لك بأنه لا يعرف.
ونعود إلى الأطباء فنقول بأن حياة كل إنسان غالية على أهله وذويه ولا يجوز التفريط بها وهنالك أخطاء طبية فلماذا لا يلجأ بعض الأطباء الذين لا يستطيعون أحيانا تشخيص الأمراض إلى زملائهم أو إلى تقنيات الطب المساعدة حتى لا يضعوا أنفسهم في مواقف محرجة هم في غنى عنها.