لماذا هذا الرعب والخوف من ترامب

أ.د رشيد عبّاس

من خلال متابعتي لمواقع التواصل الاجتماعي بعد فوز ترامب في الرئاسة الأمريكية, وجدتُ على صفحات الفيس بوك حالة من الرعب والخوف غير المبرر في الأوساط الاجتماعية, وقد اخذ هذا الرعب والخوف بعدين, البعد الأول اقتصادي, والبعد الثاني عسكري, وقد تذكرتُ في مثل هذه الحالة (سيكولوجية الدجاجة الخائفة).. كيف أنها لا تبيض وهي خائفة مع أنها تأكل الحبوب, والشيء بالشيء يُذكر, هناك في الدجاجة شيء اسمه تشكل عنقود بيض الدجاجة, وهذا العنقود يحتاج إلى مدة من الزمن ليتكون وينتج منه البيضة الواحدة تلو الأخرى على حسب نموها في العنقود البيضي والذي يكون تسلسلي وتتابعي, بمعنى أن كل بيضة تنتظر دورها في الطابور ليكتمل نموها وتتكون قشرتها الصلبة استعداداً للهبوط, والشي الغريب كما عبر عنه عالم الطيور الفرنسي (إميل أستاليت) قائلا: أن الدجاجة الخائفة لا يتشكل لديها مثل هذا العنقود, وبالتالي لا تبيض.

أعتقد أن رُعبنا وخوفنا غير المبرر من مجيء ترامب للحكم في أمريكا لمدة أربع سنوات قادمة, لن يتشكل لدينا عنقود بيضي تسلسلي, بحيث أن كل بيضة فيه تنتظر دورها في الطابور ليكتمل نموها وتتكون قشرتها الصلبة استعداداً للهبوط, ومن هذا المنطلق ينبغي أن يُستثمر هذا الخوف والرعب ويحوّل إلى فرص نجاح من خلال بناء برامج ومشاريع تنموية شاملة ومتكاملة, وذلك عن طريق اختيار شخوص لديهم مهارات عالية في إدارة الموارد البشرية, وضبط النفقات, والحد من الهدر المالي, لإنقاذ مؤسسات الدولة والسير قدماً في الإنتاج وليس فقط الاستهلاك.    

هناك نماذج في هذا العالم الرحب لم يخافوا من نجاح بعض زعماء أمريكا في الزمن الماضي, فـ(الصين) مثلاً في الماضي وصلت إلى حد أكل كل ما يدب على الأرض من زواحف وقوارض وحشرات من شدة الفقر والجوع, ثم وضعوا نقطة وانتقلوا إلى أول السطر وشقّت طريقها, واليوم الصين تنافس على قيادة وحكم العالم, و(اليابان) لم يكن لديها موارد طبيعية على الاطلاق.. لكن اليابان اليوم تكتسح العالم في الصناعات المتطورة وبالذات صناعة السيارات, وهناك مثال ساطع للعيان هو تجربة (تايوان) في صناعة وتصدير أضخم منتجات الرقائق الإلكترونية في العالم والتي تُشّكل حجر الأساس في الصناعات الإلكترونية وتطوير أجيال عديدة من الذكاء الاصطناعي, مع أن التايوانيين هم مجموعات صينية بسيطة هاجرت من الصين منذُ زمن ليس ببعيد لتقيم على جزيرة صغيرة متواضعة في المحيط الهادئ.. لكنهم اليوم وصلوا بعقولهم النيّرة إلى كل مكان في العالم من خلال تلك الرقائق الإلكترونية.

ولنا في أعشاش الطيور الواثقة عبرة, والتي تبدأ بقشة واحدة ضعيفة, وتنتهي بمشروع حضانة كبير, وعلى صغر حجم هذه المشاريع, إلا انها غنية بأبعادها النفسية, فالنسور التي تُحلّق في الفضاء, وعلى قمم الجبال, واعالي الاشجار الشاهقة.. لا شك أنها انطلقت من أعشاش قش ضعيفة داهمتها الرياح العاصفة من جميع الجهات ولم ترتعب أو تخف منها.    

نحن في الأردن لدينا قيادة قوية, ولدينا ارض طاهرة, ولدينا موارد طبيعية وإن كانت متواضعة, ولدينا مناخ وطقس جيدين, ولدينا شعب متعلم راقٍ.. من هنا علينا أن لا يهمنا حضر ترامب أم غادر بايدن, نحن في الأردن لدينا نقطة ولدينا سطر يمكن أن نبدأ بالكتابة عليه.