عيون عودة .. كنز خفي في أحضان الطفيلة
الطفيلة 16 تشرين الثاني بين حنايا الصخور الوردية وصبيب ينابيع المياه العذبة المنسابة كالحرير، بدءا من شلال العرش في لواء بصيرا مرورا بعيون عودة وسيل جميلة وعلى امتداد يتجاوز 54 كيلومترا جنوب غرب الطفيلة، تشكلت واحات من النخيل البري والحبق والعليق بين برك مياه نقية تقع على درب مسار سياحي لم يصله إلا القليل من المغامرين سمي بمسار "وادي خنيزير" أو "عيون عودة".
وتنوعت جماليات الطبيعة وقدرة الخالق عبر هذا المسار الذي ينقسم إلى 7 مسارات مختلفة تنتشر في عدة أودية تتضمن ممرات صخرية وردية ضيقة "السيق"، وشلالات وجداول مائية عذبة ونقية ونباتات فريدة، تشكل منظومة سياحية طبيعية بتضاريس خلابة في لوحة فنية متكاملة مؤهلة لرياضات التسلق والمغامرة والاستكشاف والمسير المائي.
ويشير المغامر والمستكشف أوس المرايات، إلى أن مسار "عيون عودة والخنيزير" قل نظيره لمن يبحث عن روح المغامرة ضمن الطبيعة، والسير في سيق صخري طويل ومتعرج يشبه إلى حد ما سيق البترا من حيث التكوين بصخور ملونة بالوردي، التي تعتليها أشجار النخيل ونباتات معلقة تمتد جذوعها بين الصخور بطريقة عجيبة وأشكال غريبة وقد تفرعت وانطلقت لتشكل أسطورة القدرة على البقاء.
وقال: "تكتمل هذه اللوحة الفنية من ألوان الصخور والنخيل الجداول المائية بين جبال شاهقة وشلالات وينابيع متفرقة، مع أشعة الشمس التي تشق طريقها بين الشقوق الصخرية والنباتات وصفاء المياه، لترسم لوحة من الضوء والظلال"، مشيرا إلى أن المسار يحتاج إلى السير لمسافات تصل إلى 12 كيلومترا من جهة لواء بصيرا ونحو 5 كيلومترات من جهة الغور الجنوبي ما يتطلب جهدا ولياقة بدنية للباحثين عن جمال الطبيعة لتصل أخيرا إلى مكان تستشعر فيه أنك أول الواصلين إليه من البشر.
وتمكن المرايات من اكتشاف 7 مسارات سياحية مائية وصخرية جديدة في تلك الأودية عبر سيره مئات الكيلو مترات على الأقدام سعيا لإبراز هذه المواقع على خريطة السياحة المحلية والعالمية وتعزيز مفاهيم سياحة المغامرات.
والمغامر المرايات حاز على جوائز تقديرية وشهادات تدريبية عالمية ومحلية تؤهله لعمليات التدريب والمسير الليلي والنهاري برفقة المجموعات السياحية.
وقال إنه يهدف من خلال استكشافه لهذه المسارات الى تسهيل استخدامها من قبل السياح والمغامرين للسير في تلك المسارات بأمان عبر تطبيقات الـ(جي بي اس)، مشيرا إلى أنه وجد تعاونا من مديرية السياحة في المحافظة ومجموعة من المغامرين للترويج للمواقع السياحية في الطفيلة.
وأشار إلى اهتمام الباحثين عن المغامرة وشركات السياحة والسفر للوصول إلى هذه المسارات، مؤكدا ضرورة مأسسة سياحة المغامرات وتعزيزها بمتطلبات لازمة من خلال توفير أدلاء ومراكز استقبال ومحطات لخدمة الزوار والمغامرين وغيرها من التسهيلات، لجعل الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة ممكنة ونشر رياضة المشي والتسلق والمسير لمسافات طويلة.
واعتبر منطقة وادي عيون عودة أو خنيزير كما يطلق عليها عند سكان المنطقة، بمثابة منجم سياحي وبيئي يفتقر إلى بنى تحتية وخدمات هامة خاصة اللوحات الإرشادية، وأن توفيرها سيجذب الزوار ومن يبحث عن الاستكشاف والمغامرة ولجعل المنطقة جذابة، لافتا إلى أن الوادي يحتاج إلى خطة طموحة لتأهيله مما ينعكس ايجابا على سكان المنطقة وتوفير فرص عمل لهم، وجعلها مقصدا أكثر أهمية للسياح القادمين من شتى بقاع العالم.
وبين المغامر المرايات أنه يسعى مع مغامرين محليين وعرب إلى تسويق تلك المسارات عبر مواقع التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية التي باتت أسهل طريقة للترويج لأي منتج، بما يحقق انتشار واسع للتعريف بتلك المواقع ومساراتها الطبيعية، واستقطاب السياحي.
بدورها، بينت مديرة سياحة الطفيلة خلود الجرابعة أن المناطق الغربية الجنوبية من الطفيلة تحتضن مجموعة من المسارات السياحية التي قام باستكشافها وترويجها عددا من المغامرين، مشيرة إلى أن المسارات تخرج السياحة من مفهوم طابعها التقليدي إلى مفهوم جديد مغاير خارج عن المألوف نحو المغامرة والاستكشاف، مما ينعش القطاع السياحي ويحقق عدة أهداف تسهم في تحقيق التنمية المستدامة للمجتمع وتقليل نسب البطالة.
وأكدت أن المسارات التي تم تحديدها ومنها مسار الخنيزيز ومسار وادي الحسا وسيل جميلة وغيرها، تتنوع فيها ألوان وأشكال الصخور والتربة والنبات والحيوان والتضاريس على طول مسافات تلك المسارات، بما يجعل منها قبلة جديدة للزوار والسياح، وتسهم في تمديد فترة مكوثهم في تلك المواقع.
ولفتت الجرابعة إلى أن مشروع المسارات السياحية يرتبط ببرنامج آخر هو "أردنا جنة"، والذي تسعى فيه وزارة السياحة إلى تنشيط الواقع السياحي برمته في المحافظة.