عام خلا بلا اعتصامات للمزارعين

ابراهيم عبدالمجيد القيسي -قرأت خبرًا يفيد بأن مجموعة من المزارعين قررت اعتصاما مفتوحا، احتجاجا على رفع رسوم استقدام العمالة الوافدة، ويقولون بأن الحكومة لم تتعامل مع ملف العمالة الوافدة كما يجب.
يأتي الخبر بعد إعلان الحكومة من خلال وزارة العمل، بأنها في طور تنفيذ خطة لإحلال العمالة المحلية بدلا عن العمالة الوافدة، التي تستنزف من البلاد عملة صعبة، وتقلل من فرص تشغيل الشباب الأردني، وهو ملف قديم جديد، يقفز الى الرأي العام مع بداية كل دورة زراعية، ولا علاقة تربطه بالقطاع الزراعي ولا بوزارته، لكن القطاع ومزارعيه هو الذي يدفع الثمن، ووزارة الزراعة هي التي تقع في مواجهة الرأي العام، فكل تذمر أو قلق أو اعتراض من قبل الفعاليات الزراعية، يلقي باللوم على وزارة الزراعة، على الرغم من عدم مسؤوليتها عن ملف العمالة !.
كتبت أكثر من مرة بأن القطاع الزراعي هو القطاع الذي يملك فرصا غزيرة للتنمية، وله علاقة وطيدة بقطاعات أخرى، وقد تحدث وزير الزراعة عن تقرير أو رأي لصندوق النقد الدولي، صدر مؤخرا، ويؤكد ما ذكرته في أكثر من مقالة، حيث يقول التقرير أو التصريح المنسوب لصندوق النقد بأن القطاع الزراعي الأردني، يملك فرصا تنموية كبيرة، ويمكنه استحداث 250 الف فرصة عمل، وهذه حقيقة تثبتها القفزات التي تحققت خلال العامين الماضيين في هذا القطاع، والتي كانت نتائج طبيعية للتوجهات الجديدة التي انتهجتها الوزارة..

بقية مقال ابراهيم القيسي
المنشور على الصفحة الأخيرة الجزء الثاني

على صعيد التسويق مثلا، يرسو الآن مفهوم جديد لتسويق المنتجات الزراعية، تحرر من النمطية واستند الى منطق تجاري صحيح، حيث كان المزارع والتاجر أيضا، يسوقون كامل المنتج على هيئته، دون تصنيف أو فرز، وكان سعره واحدا منذ يومه الأول الى أن تنتهي صلاحيته، فكانت الفكرة الجديدة أن يتم اعتماد التعبئة والتغليف والتدريج، تصنيف يبوب المنتج الزراعي الى مستويات، ربما تكون ثلاثة في بعض المنتجات الزراعية، حيث يوجد نخب أول وثان وثالث..الخ، ولكل منها سعره.. طريقة منطقية تمنح خيارات متعددة للمستهلك، وتؤمن للمزارع والتاجر فرصا أكبر للتسويق، وما نقوله عن التعبئة والتدريج نقوله أيضا عن التصنيع المنزلي أو في المعامل والمصانع، فلجوء المرأة الريفية أو أي مواطن آخر يقيم بالقرب من منطقة زراعية، بتحضير المخللات مثلا أو المربيات أو تجفيف بعض الأعشاب، أو اللبن الجميد..الخ، وعرضه في الأسواق والمعارض، هو عمل ابداعي اولا، يفتح الباب لكثيرين أن يعملوا في الانتاج والتسويق، وهناك تجارب ناجحة تم توثيقها، حيث حصلت بعض العائلات على دخل مالي مساند يفوق دخلهم من وظيفة أو مهنة أخرى.
على صعيد التشغيل وإحلال العمالة المحلية بدلا عن الوافدة في هذا القطاع الكبير، تقول الأرقام بأنه تم تشغيل عشرات الآلاف من الشباب في مشاريع زراعية في أكثر من منطقة أردنية، وبعضها يمتد لسنوات، كما يوجد توجه لدى الحكومة بأن تقدم حوافز للعاملين في قطاع الزراعة أو القطاعات المتداخلة معه، حيث التأمين الصحي والاشتراك بالضمان الاجتماعي، أصبح ممكنا بالنسبة للعاملين في القطاع الزراعي، إذ تتعهد الحكومة بدفع جزء من هذه الاستحقاقات عن رب العمل الذي يقوم بتشغيل أردنيين في مزرعته أو مصنعه.
الزراعة ليست «بحاشة وحراثة»، إنما قطاع كبير واعد فيه منظومة من العمليات الانتاجية التي أثبتت تأثيرها في الناتج الاجمالي وأسعاره الجارية، حقيقة تؤكدها تقارير الاحصاءات العامة، وسوف يكون التأثير أكبر، حين تنجح الحكومة بتأهيل العامل الزراعي، بتدريبه على المكننة واستخداماتها الكثيرة في الزراعة.
وزارة الزراعة لم تتخلَّ عن دعم المزارعين أو منتجاتهم وحمايتهما.