جلسة نقاشية حول حقوق الإنسان والتكنولوجيا الرقمية الناشئة

عمان 9 كانون الأول هبة العسعس- نظم المركز الوطني لحقوق الإنسان اليوم الاثنين، جلسة نقاشية حول المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان والتكنولوجيا الرقمية الجديدة والناشئة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، بالتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة.

وتهدف الجلسة النقاشية إلى تبادل الأفكار، ومناقشة أوضاع حقوق الإنسان في ظل التكنولوجيات الرقمية التي فتحت آفاقًا واسعة للتقدم والابتكار، لكنها فرضت في الوقت نفسه، تحديات جديدة تتعلق بحماية حقوق الأفراد وحرياتهم.

وقالت رئيسة مجلس أمناء المركز سمر الحاج حسن، "إن الاحتفال بمرور 76 عامًا على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يشكل نقطة تحوّل في مسار تعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتتجسد أمام العالم تحديات تطرأ في الفضاء الرقمي المتغير والمتسارع، تستدعي صون حقوق الإنسان".

وأشارت إلى اعتماد القرار رقم 20/8 من قبل مجلس حقوق الإنسان عام 2012، الذي شكل اعترافا رسميا أكد ضرورة تعزيز وحماية حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، وبأن الحقوق الرقمية ليست مجرد إضافة لحقوق الإنسان، بل هي جزء لا يتجزأ من منظومة حقوق الإنسان العالمية، لافتة إلى أنه رغم ما تتيحه التكنولوجيات من فرص للتواصل والتفاعل والتقدم، إلا أنها تطرح تحديات حقيقية تتطلب العمل الجماعي والهادف.

وأشارت إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة أكدت في قرارها رقم 78/213 لعام 2023، أهمية تعزيز حقوق الإنسان في الفضاء الرقمي، وأهمية ضمان حماية الخصوصية وحرية الرأي والتعبير، فضلاً عن تحذيرها من المخاطر المرتبطة بالاستخدام غير الرشيد للتكنولوجيا وتأثيراتها على الأفراد والمجتمعات، لا سيما الفئات الأكثر ضعفا.

وقالت الحاج حسن، "إن تعزيز وحماية حقوق الإنسان في ظل التكنولوجيات الرقمية يُعد من أبرز التحديات التي يواجهها المجتمع الدولي اليوم، في ظل التسارع الكبير للتطور التكنولوجي، الذي يُحدِث تأثيرات عميقة على جوانب الحياة اليومية كافة، ويطرح العديد من التحديات الكبرى التي ينبغي أن نواجهها جميعًا بحكمة ومسؤولية".

ولفتت إلى وجود العديد من القضايا مثل: انتهاك الخصوصية، التي تعرضت فيها بيانات الأفراد لانتهاكات عبر المراقبة الرقمية أو الاستخدام غير المصرح به للذكاء الاصطناعي، والرقابة على الإنترنت التي تحد من حرية التعبير وتقلص الفضاءات المفتوحة للحوار والنقاش، والجرائم السيبرانية التي تهدد الأفراد بشكل مباشر، والأخبار الكاذبة وخطاب الكراهية التي تضر بالمجتمع وتؤثر على التماسك الاجتماعي.

وأوضحت أن تعزيز حقوق الإنسان في سياق التكنولوجيات الرقمية يتطلب التزامًا جماعيًا ونهجًا شاملًا يضع التعاون الدولي في مقدمة أولوياته، ويحتاج إلى حوكمة رشيدة، بحيث يتمكن الأفراد من فهم حقوقهم الرقمية والعمل على ممارستها بشكل فعال، مؤكدة أهمية الدور الحيوي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في مراقبة الانتهاكات الرقمية، وتحليل تأثيرات التقنيات الحديثة، والعمل على صياغة سياسات تشريعية تسهم في تحقيق التوازن بين الابتكار واحترام الحقوق.

من جهته، أوضح رئيس قسم الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المفوضية السامية لحقوق الإنسان محمد النسور، ‏أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا شهدت تحولات تكنولوجية كبيرة خلال العقدين الماضيين، خاصة في ظل التحديثات الأخيرة على الإنترنت والذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن الثورة التكنولوجية وفرت فرصا غير مسبوقة لتحسين حياة الأفراد وتعزيز الحريات العامة وتيسير الحصول على المعلومات، لكنها في الوقت ذاته فرضت تحديا أمام العالم من جهة احترام حقوق الإنسان وحمايتها سواء في الفضاء الرقمي أو خارجة.

ولفت إلى أن الرقابة على الإنترنت وحرية التعبير تعد من أبرز التحديات الحالية، إذ يمكن استخدام التكنولوجيا للحد من الحريات العامة وفرض الرقابة على المحتوى الرقمي، وهو ما يعيق حرية التعبير، مؤكدا ضرورة حماية البيانات الشخصية من الانتهاك أو التسريب.

وبين النسور أنه يقع على عاتق المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان دور مزدوج، إذ يتوجب عليها متابعة تأثير التكنولوجيا الرقمية الجديدة الناشئة على حقوق الأفراد، والتأكد من أن هذه التقنيات تستخدم بشكل يعزز حقوق الإنسان ولا ينتهكها.

وأكد ضرورة مراقبة المؤسسات الوطنية لاستخدامات التقنيات الحديثة، وأن لا تضر هذه الاستخدامات بالحقوق الأساسية للأفراد، إضافة إلى إنشاء التشريعات الوطنية التي تحميهم من الانتهاكات الرقمية بالتعاون مع الهيئات الدولية، لتشكيل عامل أساسي مساهم في وضع المعايير والمبادئ التوجيهية لاستخدام التكنولوجيا بشكل يحترم حقوق الإنسان على الصعيد الدولي.

وتضمنت الحلقة النقاشية عدة جلسات على مدى يومين متتاليين حول التكنولوجيا الرقمية والمعايير الدولية لحقوق الإنسان، وتأثيرات التكنولوجيات الرقمية على حقوق الإنسان، والتكنولوجيات والأدوات الرقمية الجديدة والناشئة لدعم ولاية المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان، إضافة إلى دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في حماية الحقوق في الفضاء الرقمي.