دموع الفرح والحزن تُسطّر ملحمة شعبٍ لا يُقهر

بقلم: الصحفي عبدو فؤاد التمكي

في لحظة طال انتظارها، وقفت سوريا على أعتاب الحلم، ترتدي ثوب الكرامة، وتشدو بأغنيات التحرير.  سنوات من الألم، من القهر، من المعاناة، كانت كفيلة بأن تصنع من هذا الشعب مدرسة للصمود لا يوازيها مثيل.

منذ عام 2011، عندما اشتعلت شرارة الحرية، وحتى عام2024، كان السوريون يكتبون بدمائهم صفحاتٍ من العزيمة التي تليق بتاريخهم المجيد. أوجاعٌ تسللت إلى كل بيت، ودموعٌ لم تعرف حدوداً، وقلوبٌ واجهت أقسى أنواع العذاب. فقد كان الطغاة في قسوتهم بلا رحمة، والسماء تئن مع صرخات الأطفال، والأرض تتشقق من وطأة الحزن، لكن الأمل ظل مشتعلاً في العيون.

اليوم، تفيض الدموع مختلطة؛ دموع الفرح بالحرية، ودموع الحزن على من رحلوا قبل أن يشهدوا هذا النصر العظيم. كيف لا، ونحن نتذكر كل أمٍّ ضمّت أبناءها وهي تختبئ من الرصاص، وكل أبٍ وقف أمام المدى دفاعاً عن كرامة بيته؟ كيف لا، ونحن نتأمل وجوه الشهداء الذين أصبحوا نجوم السماء، يضيئون لنا الطريق؟

إن تحرير سوريا لم يكن مجرد انتصار على آلة القهر، بل كان انتصاراً لإنسانية الإنسان، لكرامته، لحقّه في أن يعيش حياة كريمة. لقد حمل السوريون قضيتهم على أكتافهم، وآمنوا بها رغم كل التحديات. كان هناك رجالٌ ونساءٌ من كل الأركان، حملوا الراية وواجهوا العالم بكل شجاعة، مدعومين بمن آمنوا بأن الحق لا يسقط مهما طال الظلم.

نعم، سوريا عادت لتنبض بالحياة، لكن التاريخ سيظل شاهداً على تلك السنوات العصيبة التي جثمت على صدور الأبرياء. سنظل نروي للأجيال القادمة كيف قاوم هذا الشعب العظيم، وكيف وقف العالم مندهشاً أمام صبره وعزيمته.

أيها السوريون الأحرار، تذكروا دائمًا أن هذه الأرض التي ارتوت بدماء الشهداء تستحق أن تُصان، وأن تُبنى على أساس المحبة والعدل. وها نحن نقول كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أبشروا، فإن هذا النصرَ بشرى من الله."

اليوم، نرفع أكفنا شكرًا لله، ونقول: يا رب، اجعل هذا النصر بداية عهدٍ جديد، عهد سلامٍ وأمانٍ لكل بيتٍ في سوريا، واكتب لنا أيامًا لا تعرف سوى الابتسامة على وجوه أطفالها. "وَقُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا".

الحمد لله على هذا التحرير. الحمد لله على نصرٍ صنعته الإرادة. سوريا اليوم تبكي وتضحك معاً، ولكنها بالتأكيد تقف شامخة، تمسح عن جبينها غبار الألم، وتستعد لتكتب فصلاً جديداً من المجد والحرية.